هل يعيد الأمريكان صداقتهم للعراقيين؟!
علاء كرم الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كان بأمكان الأمريكان أن يجعلوا من الشعب العراقي من أكثر الشعوب صداقة و حبا وعشقا! لهم بعد أسقاطهم النظام السابق، ولكن ومع الأسف خسر الأمريكان كل ذلك بسبب تنصلهم عن وعودهم الوردية الكبيرة والكثيرة التي وعدوا بها العراقيين!
فبدلا من أن يجعلوا العراق قبلة العالم أجمع حسب وعدهم للعراقيين!، حولوا العراق الى ساحة للأرهاب العالمي والدولي ولكل عصابات ومافيا الجريمة بالعالم،بعد أن فتحوا أبواب العراق على مصارعها ليستباح من قبل كل العالم وخاصة دول الجوار والأقليم الطامعين أصلا بخيرات العراق.
وقد أستطاع الأمريكان بأكثر من طريقة من تحريك الورقة الطائفية بالعراق وأثارتها بتحريضهم هذا الطرف السياسي والمذهبي على ذاك الطرف، فسالت على أثر ذلك الدماء وأزهقت عشرات الألاف من الأرواح.
ولم يكن للأمريكان ان يفعلوا ذلك لولا وجود طبقة سياسية فاسدة، لم يشهد العالم مثيل لها بالفساد والنهب والسرقة ،لايوجد في قواميسها السياسية شيء أسمه الوطن ومصلحة الشعب، حتى أوصلوا البلاد الى كل هذا الخراب والدمار والضياع والأفلاس.
ولم تكتف أمريكا بكل ذلك حتى خلقت (داعش) وأمدتها بكل عناصر البقاء والتفوق والأنتصار ودعموها عسكريا وتسليحيا وخططيا ولوجستيا ومخابراتيا، حتى أحتلت ثلث العراق!.
ولكن قدوم الروس الى المنطقة وتدخلهم بشكل فاعل في جبهة سوريا والذي قلب موازين المعركة لصالح سوريا بعد أن وصلت سوريا الأسد قاب قوسبن من السقوط على يد الفصائل المعارضة، وكذلك التقرب الروسي نحو العراق وتقديمهم السلاح والطائرات وباقي انواع الأسلحة، وتشكيلهم التحالف الرباعي مع(سوريا وأيران والعراق)
حيث بدى واضحا للأمريكان بأن العراقيين يضعون ثقتهم بالروس! ويرونهم أكثر مصداقية من الأمريكان في كل شيء! ليس على صعيد جبهة الحرب ضد داعش ولكن على مستوى النصح السياسي ورغبتهم الصادقة بأن يروا عراقا مستقرا هادئا.
أمام كل ذلك وجدت أمريكا بأن عليها أن تعيد وتراجع كل حساباتها وسياستها في العراق حفاظا على مصالحها القومية والستراتيجية العليا ليس في العراق حسب ولكن بعموم المنطقة حيث بدأت تشعر بمنافسة روسيا لها، وبدأ الجميع يشعرون بعودة الحرب الباردة من جديد كما كانت في سنوات القرن الماضي!!.
لذا بدأت أمريكا بأرسال المزيد من قواتها وخبرائها الى العراق، لتقديم النصح والمشورة الى القوات العراقية التي تقاتل (داعش)، كما لوحظ في المدة الأخيرة أن الضربات الأمريكية لمواقع (الدواعش) ومقراتها بدت أكثر جدية و تركيزا وتأثيرا من ذي قبل!.
أما من ناحية الوضع السياسي وتدخلهم بأدارة البلاد ومراقبة عمل الحكومة!، فقد جاءت أمريكا ب(عماد الخرسان) الشخصية المثيرة للجدل! ليكون أمين عام لمجلس الوزراء!، وهو من أصول عراقية نجفية أمريكي الجنسية وعضو في الحزب الجمهوري الأمريكي!؟.
وقد تناولت الكثير من وسائل الأعمال شخصية (الخرسان) وتاريخه السياسي وبأنه المرشح لرئاسة الوزراء بعد تنحي (العبادي) الضعيف والذي يعاني من ضغوطات الأحزاب السياسية الشيعية وتحديدا حزب الدعوة!، وقد أعترضت جميع الأحزاب السياسية وخاصة الشيعية منها على موضوع تعيين (الخرسان) أمينا عاما لمجلس الوزراء لأنه فرض على الجميع فرضا!! وبعيد عن أية توافقات سياسية وحزبية وطائفية!.
أن العراق في أزمته المالية الخانقة ووضعه الكارثي وما ينتظره من كوارث أخرى في السنتين القادمتين تحديدا!!!، يبحث عن منقذ له أيا كان ذلك المنقذ، روسيا –الصين- كوريا الشمالية- أيران! أيا كان ، المهم هو أيقاف حالة الأنهيار والأنحدار نحو الهاوية، في ظل ظروف جبهة القتال وأستنزافها لموارد العراق المالية والبشرية، والأزمة المالية الخانقة التي يعيشها العراق.
نعود لصلب الموضوع بالقول أنه ليس من السهل على أمريكا أن تتخلى عن العراق لصالح روسيا أو أي طرف آخر! بعد كل تلك التضحيات البشرية والمالية الرهيبة التي خسرتها بالعراق منذ عام 2003 ولحد الآن، فهي لن تسمح بمزاحمة روسيا لها في العراق! لأن العراق لازال يمثل لها الكنز الأكبر والأغلى والأثمن!.
لذا تحاول أمريكا أن تحسن من صورتها في عيون الشعب العراقي!، ولا يكون ذلك ألا بأعادة ترتيب بيته السياسي الداخلي والمجيء بحكومة تكنوقراط لا دخل لأية توافقات سياسية وطائفية وحزبية فيها، ولا تنتمي لأي من الأحزاب والتيارات السياسية حيث يتظاهر الشعب ضد فسادهم يوميا!، وهذا ما سيقوم به (الخرسان)!!.
فأمريكا أزاء كل هذه التطورات والتداخلات والتجاذبات التي تعيشها المنطقة، تريد ان تعيد للعراق شيئا من صورته بأصلاح كل الخراب والدمار الذي حل به منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن.
وكل شيء وارد في عالم السياسة والمصالح العليا بين الدول الكبرى، ولأن العراق يبقى رهان أمريكا الأول والأخير لذا فهي على أستعداد لعمل كل شيء من أجل ان يبقى العراق في حضيرتها وحضيرة الغرب!.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
علاء كرم الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat