صفحة الكاتب : جمال الهنداوي

احباطات السيد السفير
جمال الهنداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من وجهة نظر معينة, نستطيع ان نعزو اتهام السفير السعودي لدى العراق السيد ثامر السبهان وزارة العدل العراقية بـ"إهمال" طلبه للقاء مسؤوليها لبحث أوضاع السجناء السعوديين في السجون العراقية على انه دليل على حرص المملكة ممثلة بسفارتها على حسم تلك القضية التي تحتل مساحة واسعة من اهتمام الدوائر السياسية والاعلامية في السعودية, ولكنها من وجهة اخرى قد تدل على الاحباط الذي يشعر به السيد السفير من تأخر حسم المسألة بالشكل الذي يتبنى وجهات النظر السعودية خاصة بعد اعلان السفارة انه "ثبت" لديها خضوع السجناء لضغوط أثناء التحقيق معهم من قبل السلطات الامنية العراقية..

وهنا , ودون ادعاء الوصاية على راي السيد السفير, قد يكون الاحباط ناتج من خلاف آخر ما بين وجهتي نظر مختلفتين- ان لم تكن متناقضتين - تجاه طبيعة التهم الموجهة للمواطنين السعوديين القابعين في السجون العراقية, فالسيد السفير الذي صرح بأن من أولويات مهامه ستكون متابعة ملفات المعتقلين السعوديين في سجون العراق, والذي بشر بوثوقية عالية بعودة "السجناء المفرج عنهم في العراق قريباً", قد يكون استند بتفاؤله هذا الى متبنيات الاعلام السعودي ومؤسسته الدينية التي ترى بالمقاتلين الذين يعيثون في ارض الرافدين قتلا وتدميرا على انهم مجاهدين, او مغرر بهم على اخف الظروف مما يستدعي التفهم الكامل لدوافعهم النبيلة ومقاصدهم ونواياهم الحسنة تجاه اخوانهم العراقيين, ولكن العراقيون لا يرونهم الا ارهابيين قتلة دفعتهم جهات سياسية مخابراتية للعبث بامن وامان وكرامة العراقيين مستغلة انغلاقهم وتعصبهم وخلفياتهم الجنائية والاخلاقية والفكرية المتدنية. وهذه نقطة خلاف قد يكون من الصعب ان نصل به الى منطقة وسطى او نقطة تلاق قد تساعد الى تقريب وجهات النظر.  

فالسيد السفير الذي بدأ عهده بتوجيه دعوة الى السعوديين المنخرطين في داعش للتواصل مع السفارة لتسهيل اعادتهم الى المملكة, دون النظر الى مسؤوليتهم الجنائية تجاه دماء وامن العراقيين , لا يستغرب منه ان يتذمر من عدم مسارعة العراق للتعاطي مع السفارة لتذليل العقبات امام مطلب اعادة المحاكمات -بل نقض الاحكام كما ورد في تصريح السبهان- التي ادانت المتهمين السعوديين فقط لانه "ثبت"لديه بان المتهمين الذين خضعوا لمحاكمات طويلة وبمراحل متعددة واستنفذوا كل مراحل التقاضي قد تعرضوا لضغوط لم يكلف نفسه حتى عناء تحديدها..  

يتوجب على السيد السفير ان يوفر سعيه وماله في تكليف "مكاتب محاماة ذات كفاءة ومصداقية لمتابعة السجناء وقضاياهم"،الى اليوم الذي تكون لنا فيه حكومات "ذات كفاءة ومصداقية" لتحاسب المملكة وذيولها عن كل السنين التي اوسعتنا فيها جيرة الآلام دما ونارا وامالا مضاعة, وان تدخر المملكة نقاشاتها القانونية الى اليوم الذي ستضطر فيه للوقوف امام العالم الحر للاجابة عن دعمها الواضح والمكشوف للجماعات الارهابية والرعاية والتنظير للعديد من التنظيمات التي استباحت كرامة العراقيين وارواحهم من خلال اطلاق عنان المنابر الزاعقة باحقاد القرون الداعية لاستنبات الطائفية والكراهية في ارض العراق.  

اكوام من قرارات الشرعية الدولية تدين الدول الداعمة للارهاب, والاكثر منها هي الاصابع التي تشير الى المملكة متهمة اياها بالترويج للافكار الضالة من خلال اعلامها ومساجدها الممولة من قبل الحكومة , وعن طريق تحويل نظامها المالي الى مسارات امنة لنقل المليارات الى التنظيمات الارهابية -باعتراف منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية- وتسخير موارد الشعب السعودي ولقمة عيشه للاضرار باقتصاديات الدول المناهضة للارهاب, بل وحتى مطاردة ومنع وسائل الاعلام المؤيدة لحق الشعوب بالحرية والعدالة, مقابل سفح الاموال امام الابواق الداعمة للفكر التكفيري الطائفي ومعاداته الصريحة لحق الحياة الحرة للآخر المختلف فكريا ومعتقديا..وكل هذا ما يضع المملكة تحت طائلة العديد من القرارات التي ستسأل عنها في تكون احوج فيه الى الدفاع ذو الكفاءة والقوة ما قد يخفف عنها بعض الحرج والبلاء .

على السيد السفير ان لا يركن الى وقوف بعض سياسيي الصدفة على باب السفارة ليتحدث بلهجة الواثق من خلو طريق الحق من سالكيه, فهو اعرف بنا بان مثل هذه الصداقات لا يحددها موقف او مبدأ او اصطفاف قدر تأثرها بعدد الاصفار التي تطرز صكوك الاعطيات المستلة من مقدرات الشعب السعودي الشقيق..

نأمل ان تكون السفارة السعودية مثابة لانطلاق جهد حقيقي وخلاق يستهدف ترميم ما افسدته التقاطعات السياسية في التواشج التاريخي ما بين الشعب الواحد في ارض الرافدين وجزيرة العرب, وان يكون تشخيص مكامن الخلل في هذه العلاقة هو الاساس في اطلاق حوار بناء يفضي بالتأكيد الى تصحيح مسار التلاقي بين شعوب المنطقة, ولكننا للاسف لم نجد في ممارسات السفارة , رغم عهدها القصير, ما قد يكون مبشرا بهذا الهدف الحلم.. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال الهنداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/17



كتابة تعليق لموضوع : احباطات السيد السفير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net