صفحة الكاتب : نزار حيدر

قَليلاً مِنَ الانصافِ يا سادة قَبْلََ الطّوفانِ!
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   يخدعُ نَفْسَهُ من يعتقد انّ الارهاب المستمر في العراق منذ سقوط نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين ولحدّ الان والذي يرعاه ويمولهُ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، هو ردّ فعلٍ على تطورات آنيَّةٍ، أمنيّةٍ او سياسيَّةٍ، ابداً، فالإرهاب مشروعهم المستمر لتدمير العمليّة السّياسية لإعادة عقارب الزّمن العراقي الى الوراء لتعود الأقليّة تحكم البلد بالحديد والنّار في إطار نظام شمولي بوليسي استبدادي يعتمد ثلاثيّة (كوكس النّقيب) المشهورة وتتعامل مع العراقييّن كمواطنين من الدّرجة الثانية وأكثر، تتلاعب بمقدّرات البلاد وبمصير الشّعب وتفرض حروبها العبثيّة سواء الداخليّة منها او مع الجيران والمجتمع الدولي، طبعاً بعد تدمير النظام السّياسي الحالي وأدوات الديمقراطية التي لازالت نظُم القبائل في دول الخليج تعتبرها خطراً شاخصاً يهدّد شرعيّتها ويعرّضها للمساءلة الشعبيّة كونها نظُم تفتقر الى ايّ نوعٍ من انواع الشّرعية لانّها قامت على أساس الإغارات المسلّحة والقتل والسبي والتّدمير للسّيطرة على بقيّة القبائل لتُقيم كياناتها القبليّة المهترِئة التي ما كان بامكانها الاستمرار في السّلطة لولا الدّعم الغربي وتحديداً الولايات المتّحدة الأميركية وبريطانيا اللتان تتعاملان مع نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية كبقرةٍ حلوبٍ ورأس حربة في المنطقة ستعمد قريباً الى ذبحِها بعد ان يجفّ ضرعها ولم يعد للبترودولار الدّور المعهود له في السّياسات والعلاقات الدّولية، ولذلك جاء قرار الكونغرس الاخير الذي شرعن تجريم نظام القبيلة والحزب الوهابي كمصدر ومنبع للارهاب في العالم، الامر الذي ينبغي على ضحايا الارهاب في كلّ مكان وتحديداً في العراق والبحرين واليمن وسوريا ولبنان وغيرها من دول المنطقة توظيفهِ لتجريم (آل سَعود) والحزب الوهابي لتحديد دورهُ الخطير في الارهاب لحين القضاء عليه بالكامل قريباً باْذن الله تعالى، فالنّظم الديكتاتوريّة والشموليّة مصيرها الى الزوال وفي مزبلة التّاريخ مهما تفرعنت، ولنا في مصير نظام الطّاغية الذليل صدّام حسين خيرُ دليلٍ ودوسٌ بليغٍ.
   انّنا اذ نحيّي بطولات وانتصارات القوات المسلّحة العراقية بكل مسمّياتها، والتي حقّقت في الفترة الاخيرة إنجازات مهمّة واستراتيجية ستنتهي قريباً باْذن الله تعالى الى النّصر الشامل على الارهاب وتحرير آخر شبرٍ من ارض العراق الطّاهرة من دنس الارهابيّين التكفيريين الانجاس، وكلّ ذلك بفضلِ دماء الشّهداء وتضحيات الجرحى وصبر الأيتام والثّكالى والأرامل.
   في ذات الوقت يجب ان ننتبهَ الى انّ مواجهة الارهاب لا تتم بالشّعارات فقط، كما انّ الحربَ على الارهاب لا تتمّ بالسّلاح والقوة والدّم فقط، وانّما ينبغي ان ننتبهَ الى شموليّة هذه المعركة المصيريّة التي هي معركة وجود وليست معركة حدود، وذلك من خلال ما يلي؛
   أولاً؛ ان تحقّق الدّولة العراقية بمختلف مؤسّساتها التشريعيّة والتنفيذية والقضائية نجاحات ملموسة وانجازات محسوسة، إِن على صعيد التّشريعات والقوانين او على صعيد مشاريع التّنمية والنهوض الاقتصادي وخاصّةً الخدميةّ او على صعيد إنهاء ملفّ الارهابيّين المحكوم عليهم بالإعدام وكذلك ملفّات الفاسدين والّلصوص [العجول السّمينة] الذين استغلّوا المناصب والمواقع لسرقة المال العام وإفراغ خزينة الدّولة، إنجازات ونجاحات يتحسّسها المواطن العراقي في حياتهِ اليوميّة، فانّ النجاحات تسدّد رمية المقاتلين في الحربِ على الارهاب.
   ثانياً؛ تحقيق الاصلاح الحقيقي والتغيير الجذري في مؤسّسات الدّولة، وبذل اقصى الجهد المطلوب من اجل بناء الدّولة بعيداً عن كل محاولات بعض السياسيّين الرّامية الى بناء دولة الطّوائف والكانتونات والسّلاح المنفلت الذي يسعى اليوم لفرض اجنداتهِ السّياسية على الدّولة من جانبٍ وعلى الشّركاء في العمليّة السّياسية من جانبٍ آخر.
   وانّ من علامات احترام الدّولة حفظ هيبة مؤسّساتها، خاصة المؤسّسة العسكريّة والأمنيّة، فضلا عن بقيّة المؤسّسات.
   ثالثاً؛ على الشّارع العراقي الغاضب ان يكونَ نبِهاً وحذِراً في كلّ خطواتهِ وتظاهراتهِ واعتصاماتهِ من اجل ان لا يفسح المجال للارهاب او يساعدهُ على تحقيق اجنداتهِ واعدافهِ من حيث لا يشعُر، فعلى الرّغم من اهمّيةً كل وسائل وأدوات الاحتجاج الشعبيّة ضدّ الفسادِ والفشل، في إطار الدّستور والقانون، ولكن يبقى الأهمّ هو ان نتعاون من أجل ان نُحافظ على الدّولة ومؤسّساتها الديمقراطيّة التي يدفع بعض السياسيّين باتّجاه تدميرها إِمّا بالإصرار على الفشل والفساد وعدم الاكتراث بمطالب الشّعب في الاصلاح وتقديم الفاسدين للقضاء والزجّ بعِجْلٍ سمينٍ واحدٍ على الأقل خلف القُضبان، او تعمّداً من خلال شلّ عمل مؤسسات الدّولة بحجج وأعذار واهية والتّعامل مع العمليّة السّياسية وكأَنهم ضيوفٌ عليها يشترطون للحضور ويستغلّون ظرفاً ما للامتناع عن الحضور! هم شركاء حقيقيّون وأكثر عند تقاسُم المغانم، الا انّهم متفرّجون اذا تعرّض البلد لخطرٍ مُحدقٍ من نوعٍ ما!.
   انّ من الخداع التذرّع بالحرب على الارهاب لتسويف الحرب على الفساد، وانّ من الخداع التذرّع بالحرب على الارهاب لتكميم أفواه الشّارع وعدم الاصغاء لمطالبهم المشروعة او الاستمرار في الفساد واللصوصيّة والسّرقة والفشل، فالحرب على الارهاب والحرب على الفساد حربان مقدّستان استراتيجيّتان في آنٍ واحدٍ، لا ينبغي التغاضي عن وَاحِدَةٍ لصالح الاخرى ابداً، فذلك لا يُساعد على تحقيق النّجاح المستدام في كلَيهما، ولذلك أكّد الخطاب المرجعي على وجوب خوض الحربَين في آنٍ واحدٍ بعزيمةٍ لا تلين وجهدٍ مُتكامل، ولانجاز هتَين الحربين جاء جواب المرجع الاعلى على رسالة الإخوة في قيادة الحزب الحاكم عندما طالبهم بالإسراء في تقديم مرشّح آخر لرئاسة مجلس الوزراء بعد ان تبيّن للقاصي والدّاني انّ السّلف هو سبب تمدّد فقاعة الارهاب وانتشار الفساد والفشل في الدّولة جرّاء سياساتهِ الفاشلة بامتياز وبسبب تستّره على الفساد والفشل، وكلّنا نعرف جيداً فلولا فساد الحكومة السابقة تحديداً وفشلها في إنجاز أبسط شروط الحياة الحرّة الكريمة للمواطن العراقي لما تمدّدت فقاعة الارهابيّين لتحتلّ نصف العراق!.
   كذلك هو الحال اليوم، فلولا فشل الحكومة في الضّرب بيدٍ من حديد على الفساد والفاسدين، ولولا فشلها في إنجاز ما يتطلّع اليه المواطن من أسباب الحياة الكريمة، ولولا فشل السياسيّين في تحقيق الاصلاح الجذري الناجز واستمرار صراعاتهم التّافهة على السّلطة وامتيازاتها وجعلهم أصابعهم في آذانهم حتّى لا يصغوا الى صوت العقلانيّة والحكمة، صوت المرجع الاعلى، وكذلك الى صرخات الشّارع الغاضب الذي يطالب بحقوقهِ ويدعوهم لوضع حدٍّ للفشل والفساد، لما وصل بِنَا الحال الى ما هو عليه اليوم، ولما احتاج المواطنون الى ان يقتحموا مؤسّسات الدّولة كتعبير عن سخطهم على الفساد والفشل، ويئسهم من السياسيّين في تحقيق الاصلاح النّاجز، وبالتالي لما اضطرّت الدّولة الى استخدام العنف المفرط ضدّ المتظاهرين!.
   ينبغي ان يتوقّف الجميع عن اتّهام الشّارع الغاضب، وينبغي على السياسيّين ان يتركوا سياسة التّسقيط والطّعن بخلفيّات النّاس ودوافعهُم، فالمتظاهرون شعبنا لا ينبغي قتلهم والاعتداء عليهم، كما يفعل الطّغاة بذريعة المؤامرة والدّسيسة وغير ذلك، فالردّ الأفضل والأنسب والأحسن على تظاهرات الشّارع هو الاصغاء لمطالبهِ وتحقيق ما يصبو اليه وهو لا يطلب أَكثر من حقوقهِ الدّستوريّة، فإلى متى يتمتّع السّاسة وعوائلهم وأبواقهم ومحازبيهم وزبانيتهم بكلّ الحقوق (الدّستوريّة) ولا يتمتّع المواطن المسكين بأيّ حقٍّ (دستوري) أهُما دستوران؟ ام ماذا؟!.
   قليلاً من الانصاف يا سادة قبل الطّوفان!.  
   ٢١ مايس (أيار) ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/22



كتابة تعليق لموضوع : قَليلاً مِنَ الانصافِ يا سادة قَبْلََ الطّوفانِ!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net