صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

التنويع الاقتصادي في العراق تحليل من وجهة نظر أخرى
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيهاب علي النواب/مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
 
ان موضوعة تنويع مصادر الدخل في العراق وتقليل الاعتمادية على مورد النفط ليست بالجديدة على النقاشات الاقتصادية والبرامج السياسية للحكومات المتعاقبة في العراق، الا ان ما حصل في الآونة الأخيرة من تدهور في اسعار النفط العالمي من (110) دولار للبرميل الواحد الى ما دون الـ (50) دولار للبرميل بعد ذلك، انعكس ذلك على الاوضاع الاقتصادية في البلدان المصدرة للنفط وخصوصاً العراق الذي يمثل النفط المورد الرئيسي لإيراداته من عجز مالي حقيقي وانخفاض في حجم الانفاق الحكومي، اذ يشكل النفط ما نسبته (95%) من ايرادات الموازنة العامة للدولة.
 وهذا ما جعل من موضوع الاصلاح الاقتصادي ضرورة حتمية لا مناص منها، وهذا ما دفع الحكومة الى ان يكون من ضمن برامج الاصلاح الاقتصادي الذي يمثل احد حزم الاصلاح التي انتهجتها الحكومة كرد فعل على تردي اسعار النفط، هو تنويع مصادر الدخل من اجل ضمان استمرار تدفق الايرادات من مصادر غير النفط بسبب التقلبات الحاصلة في اسعار النفط، وهنا يمكن ان نطرح تساؤل مهم؟ هو هل ستنجح الحكومة في تحقيق الاصلاح الاقتصادي بشأن تقليل الاعتماد على النفط؟ وكيف ستحقق ذلك في ظل هكذا ظروف وتحديات؟
والجواب على ذلك وهو ليس بخافي على الجميع، انه من الصعب على الحكومة تحقيق ذلك على الاقل في ظل تحديات أمنية مصيرية وتخبطات سياسية مستمرة وغياب وحدة القرار وصناعته وفق رؤية مشتركة تجعل البلد على الاقل ضمن المسار الصحيح، وقد يثير بعضهم تساؤل من نوع أخر وهو ماذا لو كانت الأوضاع في العراق تتسم بالاستقرار الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي، فهل ستنجح الحكومة في برنامجها الإصلاحي؟
والقصد من السؤال هو هل التداعيات الأمنية والسياسية والتدهور الاقتصادي المتمثل بالفساد الاداري وانخفاض اسعار النفط... الخ، هي المعرقل الوحيد لتحقيق الاصلاح؟ وهنا يكون لزاماً علينا ان نمحص في التدقيق ونتعمق في التفكير أكثر...! اذ تظهر التجارب الناجحة لكثير من الدول التي نجحت في تحقيق قاعدة صناعية وتنموية متطورة او على الاقل نجحت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة كثير من اختلالاتها الاقتصادية، ان المسألة لا تتوقف عند حدود الاوضاع الامنية والسياسية والاقتصادية كالتي يعيشها العراق، اذ ان المتتبع لمسار هذه الدول يرى ان ثمة هناك تحول كبير حصل في النهج العام الدولة، لا السياسي وحسب وانما التغيير والاصلاح شمل المنظومة العامة للدولة لا اركانها السياسية والاقتصادية فقط، والدليل الُرقي الاجتماعي الذي حققته هذه البلدان والذي يعتبر نتيجة واضحة لذلك.
اذن ما المطلوب من الحكومة لحقيق هذا الاصلاح او ما الدور المناط بها والواجب عليها فعله لتحقيق الاصلاح الاقتصادي؟
كما معلوم لدينا ان الاقتصاد يرتبط بشكل واضح بالسياسة، وعليه فمن أجل اصلاح الاقتصاد لابد من ان يكون هناك اصلاح سياسي، ولكن كيف يتم اصلاح السياسة، ان حلقتي الاقتصاد والسياسة هي ناقصة، او ان طرفي المعادلة يحتاج الى متغير اخر من اجل تحقيق التوازن، فاذا كان اصلاح الاقتصاد مرهون بإصلاح السياسة، فمن يصلح السياسة إذا ما كانت غير فاعلة او فاسدة او غير قادرة على تحقيق أهدافها؟
 ان اصلاح السياسة مرتبط بإصلاح المجتمع، وهذا ما يمكن تلمسه في مسيرة تلك الدول التي نجحت في التحول او الاصلاح الذي حققته وعلى كافة الأصعدة، فالسياسة هي انعكاس لطبيعة المجتمع الذي تنصهر وتتفاعل فيه منظومة القيم والعادات والاخلاقيات والسلوكيات التي تظهر بشكل نهائي في صورة السياسي المتخذ للقرار والمحددة له، وما قد يثار هناك من جدل، هو كيف يتم اصلاح المجتمع؟ ومن المسؤول عن هذا الاصلاح او من يقوم به؟
الا ان السؤال الأهم الذي يمكن طرحه هنا هو ماهي الآليات التي يمكن اعتمادها في تحقيق ذلك، اي ماهي اليات الاصلاح اللازمة لتحقيق اصلاح المجتمع؟ فان وضوح الآلية والاتفاق عليها هو حجر الاساس في الموضوع وهو الذي يمثل الحل الذي سيجعل هذا البلد قادرا على الخروج من عنق الزجاجة وتفادي الازمات الحالية والمستقبلية، لأن تحقيق الاصلاح الاجتماعي هو الكفيل بتقييم وتقويم مسار عمل السياسة، واذا ما كان التقييم نابع من صميم مجتمع واعي وناضج يعرف اولوياته واهدافه ويتفاعل مع القضايا الهامة الخاصة به بشكل ايجابي، فان تقويم السياسة عبر الطرق المتعارف عليها للتقويم والتغيير قادرة على وضع وصنع نموذج سياسي يعكس الصورة المجتمعية السليمة ويحقق اهدافها في التنمية والرفاه والاستقرار سواء كان أمنياً او سياسياً وحتى اقتصاديا، وهذا ما يجب السعي من اجل بلوغه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/16



كتابة تعليق لموضوع : التنويع الاقتصادي في العراق تحليل من وجهة نظر أخرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net