صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

 بسم الله الرحمن الرحيم
تواترت الروايات عن آل محمد (ع) بالأمر بالسكون والجلوس والمنع عن القيام، وكانت هذه الاوامر مغياة بالظهور المبارك للإمام الحجة ع أو بمقدماته المباشرة وهي العلامات الحتمية التي تتصل بالظهور..
ونهت صريحاً عن الاستعجال إلى أن يأتي أمر الله تعالى..
 
ومن هذه الروايات:
1. قال أبو عبد الله ع: يا سدير الزم بيتك و كن حلسا من‏ أحلاسه واسكن ما سكن الليل و النهار فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا و لو على رجلك.(الكافي ج8 ص264)
2. عن أبي جعفر الباقر ع أنه قال: اسكنوا ما سكنت السماوات و الأرض أي لا تخرجوا على أحد فإن أمركم ليس به خفاء (الغيبة للنعماني ص200)
3. قال أبو الحسن ع‏: إنما عنى أبو عبد الله ع بقوله ما سكنت السماء من النداء باسم صاحبكم و ما سكنت الأرض من الخسف بالجيش‏ (عيون أخبار الرضا ج1 ص311)
4. عن الباقر ع: كونوا أحلاس بيوتكم و ألبدوا ما ألبدنا فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه و لو حبوا ... (الغيبة ص194)
5. وعنه عليه السلام:  أوصيك بتقوى الله و أن تلزم بيتك و تقعد في دهماء هؤلاء الناس و إياك و الخوارج منا فإنهم ليسوا على شي‏ء و لا إلى شي‏ء...  و اعلم أنه لا تقوم عصابة تدفع ضيما أو تعز دينا إلا صرعتهم المنية و البلية (المصدر)
6. وعن الصادق عليه السلام:  كونوا أحلاس بيوتكم فإن الغبرة على من أثارها و إنهم لا يريدونكم بجائحة إلا أتاهم الله بشاغل إلا من تعرض لهم‏ (المصدر 197)
7. وعنه (ع):  اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح‏ (المصدر)
8. وعنه (ع):  كفوا ألسنتكم و الزموا بيوتكم فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدا و يصيب العامة و لا تزال الزيدية وقاء لكم أبدا.(المصدر)
9.  قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر ع: يا جابر الزم الأرض و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها (المصدر 279)
10.  وعن الصادق ع: فالخارج منا اليوم إلى أي شي‏ء يدعوكم ؟ إلى الرضا من آل محمد ع ؟ فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به (الكافي ج8 ص264)
 
هذه عشرة وعشرات أخرى أمثالها..
 
ومع وضوح هذه الروايات وسواها، فلا شك أنها لا تعطل كل حراك في المجتمع الشيعي وإن كان فردياً، بل تقوم بتقنينه، فلم تمنع مثلاً من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن تشريع الأمر والنهي كان من أساسه مقيداً بحالات خاصة تتناسب وغرض الشريعة السامي من حفظ الإسلام ممثلاً بالكيان الشيعي.. مع حفظ الفرد بعد حفظ الدين..
وكذا لم تمنع من الدفاع عن النفس والعرض والمال.. لأن منعها خلاف الغرض الشرعي والحكم العقلي..
 
وهكذا سلكت الشريعة مسلكاً وسطاً دقيقاً لا نظير له من حيث الحكمة والمتانة، وقد أثبت عبر التاريخ فعاليته في الحفاظ على العقيدة الشيعية نقية رغم كل الظلامات.
 
ومن ضمن ما راعته الشريعة المقدسة عدم ربط الشيعة بظاهرة مناطقية ولا سياسية ولا إدارية خاصة، لمنع أي انعكاس لذلك على المذهب بأكمله، فلو صار الارتباط عضوياً بين التشيع وهذه الحالات ثم بادت إحداها للحقها المذهب كما حل بغيره من المذاهب.. والله الحافظ لدينه..
 
وليس التعامل مع هذه المنهجية الفريدة أمراً يسيراً ولا إدراكه شيئاً سهلاً لغير المُسَلِّمِين، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن من العلم صعبا شديدا محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله.
إن علمنا أهل البيت سينكر و يبطل و تقتل رواته و يساء إلى من يتلوه بغيا و حسداً.. (الغيبة 142)
 
وإن الفتنة ستصل في زمن الغيبة إلى حدّ يقول فيه أمير المؤمنين ع: وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، و ليغيبن عنهم تمييزا لأهل الضلالة حتى يقول الجاهل ما لله في آل محمد من حاجة. (المصدر 141)
 
وبعض آثار ذلك لا تستثني الشيعة، فعنه عليه السلام: كأني بكم تجولون جولان الإبل تبتغون مرعى و لا تجدونها يا معشر الشيعة.(ص192)
 
ثم إن هناك حالة مهمة نعتبر عبد الله بن عطاء المكي نموذجاً لها، وهو الذي يروي قوله لإمامنا الباقر ع:إن شيعتك بالعراق كثيرة، والله ما في أهل بيتك مثلك. فكيف لا تخرج ؟
قال: فقال: يا عبد الله بن عطاء، قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى (الحمقى) إي و الله ما أنا بصاحبكم‏ (الكافي ج1 ص342)
 
ويلاحظ من الرواية:
1. أن الاستعجال كان سمة لبعض الناس في سالف الأيام كما هو في حاضرها.. وأن هؤلاء كانوا يصرحون برأيهم لإمامهم واليوم أثناء غياب الإمام.
2. أن منشأ الاستعجال هو كثرة المناصرين والأتباع، فتصور هؤلاء أن اجتماع عدد كبير من الناس حول الإمام كافٍ في لزوم القيام والخروج المسلح.
3. أن ضعف اليقين منشأ آخر للاستعجال، إذ كيف يجتمع اليقين بعصمة الإمام والاعتقاد بأنه عالم بتعليم من الله تعالى، مع الاعتراض على فعاله ؟ ما لم يكن السؤال استفاهمياً محضاً.
4. أن هذا التفكير هو تفكير (الحمقى)، والأحمق (يريد أن ينفعك فيضرك‏) كما قال إمامنا زين العابدين ع.. فلعلّ هؤلاء من أهل الإيمان فعلاً لكنهم لجهلهم وحمقهم يتصرفون بما ضرره أكثر من نفعه، وقد رسم لنا أمير المؤمنين ع طريقاً في التعامل مع الأحمق بعد بيان صفاته: (وأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه وربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه‏).. فلا بد من الحذر من هؤلاء الحمقى والابتعاد عنهم وعدم الاستماع لهم لدفع ضررهم مهما كانت نيتهم..
5. أن ما طلبه الراوي وهو (الخروج) مختص ب(صاحبكم) وقد بيّن عليه السلام أنه الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه، فعدم القيام ليس من مختصات إمامنا الباقر عليه السلام، بل هو منهج الأئمة وشيعتهم عليهم السلام إلى أن يأتي أمر الله.. ولن يضر الإستعجال الدين شيئاً بل سيهلك المستعجلون، وقد قال إمامنا الصادق عليه السلام: إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر. إن الله لا يعجل لعجلة العباد. إن لهذا الأمر غاية ينتهي إليها فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة و لم يستأخروا.(الكافي ج1 ص369)
 
والخلاصة..
أن تكليف الشيعي في زمن الغيبة هو معرفة إمامه وانتظاره دون التقدم عليه، ولا يضره مع المعرفة شيء بعد ذلك، فعن الصادق عليه السلام: يا فضيل اعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر.
و من عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه‏(الكافي ج1 ص371)
 
اللهم اجعلنا في حزبه و أعوانه و أنصاره و الراضين بفعله‏..
يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك‏..
 
والحمد لله رب العالمين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/03



كتابة تعليق لموضوع : الشيعة والنوكى !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net