اردوغان وغدر داعش له!
علي رضا الياسري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الجميع على علم أن التنظيمات الإرهابية ومن ضمنها داعش لم تولد من تلقاء نفسها، وبالتأكيد لم تمول نفسها تمويلاً ذاتياً، ولا حتى بأموال الممولين من ألاغنياء المتطرفين وغيرهم التي من المستحيل أن تكفي لتجهيز هذا التنظيم الخطير، فأسلحته التي يملكها ورواتب الارهابيين فيه ولوازم المعركة دليل على ذلك، وهذا صار دليلاً واضحاً بأن داعش وغيرها تمولها دول اقليمية كبرى عديدة، ومن أبرز الدول المشكوك بها هي تركيا!
أردوغان، الديكتاتوري التركي الحالي، الذي عُرف بدعمه لتنظيمات ارهابية عديدة، حسب ما كشفت العديد من المصادر والوثائق المسربة، هو الشخص الابرز المشكوك بأمره، بسبب دعمه لحركات متطرفة كـ الاخوان المسلمين والجماعات المسلحة بسوريا وغيرها، وهو المستفيد الأكبر من وجود التنظيمات الإرهابية في العراق والشام، حيث يظن أن هذه التنظيمات ستمكنه من تحقيق أحلامه الديكتاتورية التوسعية، وأيضاً لـ يحارب الكرد بهم، والذي أعلن بصراحة عداءه عليهم وحربه لهم.
توسعات داعش في العراق وسوريا، وتحالف اردوغان مع عدة دول، زادت من ثقته بنفسه المريضة وظنَّ بذلك أنه صار الأقوى في المنطقة، مما جعله يتجاوز وبكل وقاحة على الحدود العراقية وظلَّ يرسل العديد من قواته الى معسكر بعشيقة المتواجد به عدد من جيشه داخل العراق، وبعد تصريحات العراق الرافضة لهذا الاحتلال، يعود ليرد على الحكومة العراقية بكلمات وقحة استفزازية مما جعل المشاكل تزداد والعداء يقوى!
إلا أن هذا المريض وبعد الانقلاب المفاجئ الفاشل عليه، تعرض الى إنقلابات ناجحة عديدة أقسى من الانقلاب الأول، منها انقلاب واشنطن الحليف الابرز له، عليه، وخلافات برلين وازدياد التوترات والتشنجات بينها وبين اردوغان، والذي بدأ باعتداء الأخير على الكرد الحلفاء لبرلين، مما جعل حكومة ألمانية تنقلب على أردوغان حليفها السابق، وازدادت التشنجات بعد تقرير وزارة الداخلية الألمانية الذي يوضح تورط أردوغان بدعم التنظيمات الارهابية، وعرضه على شبكة التلفزيون الالماني، مما سبب غضب حكومة انقرة، والاعتراف من قبل البرلمان الالماني بقتل الارمن على يد العثمانيين ادى الى ازدياد هذا الغضب، وهذا كان هو الانقلاب الثاني الذي يطعن صاحب حلم الخليفة، أما الانقلاب الثالث فكان من داعش الابن البار لأميركا، فبعد أن غذاه وموله هذا المريض انقلب على مموله، وهذا ما لم يكن بحسبان اردوغان، وأظهر داعش هذا الانقلاب من خلال تكثيف عملياته الارهابية والاجرامية في داخل تركيا!
وهذه الانقلابات الثلاثة الناجحة، أوضحت لأردوغان أن ثقته بنفسه مبالغٌ بها، وظنه بأنه الاقوى ما هو إلا وهم، صنعوه هم او أختلقه هو، مما جعله يغير سياساته ومواقفه الحقيرة تغيراً كبيراً، تحالفه مع روسيا التي كان قد هاجمها لعدة مرات، وإعلانه رغبته بحل التوترات مع العراق، واتصال رئيس وزراء حكومته بالعبادي، بعد كل المشاحنات والتصريحات التي وجهوها له! وإعرابه عن حبهم المفاجئ للعراق، والذي أثبت به خضوعهم لبلدٍ لا يخضع ولا ينثني مهما حل به، ادلة على تغيير سياسته ومنهجه بعد احساسه بضعفه، حتى جلوسهم مع روسيا وأيران، لحلحلة الازمة الامنية بسوريا مما أدى الى سيطرة الجيش الروسي على حلب بأكملها، والذي ادى بدوره الى تأكيد كلام زعيم التحالف الوطني العراقي عمار الحكيم الذي قال فيه أن الأمن لن يحسم بالمعركة العسكرية وأنما بالحوار والتسويات، كانت أدلة على تراجع اردوغان الذي قد يكون مؤقتاً!
سيبقى السؤال هو: هل أيقن أردوغان بموت أحلامه؟ أم ان مايقوم به الان سيكون لفترة زمنية محددة قد تنتهي بمجرد عودة قوته؟ وهل سيثبت نواياه الجديدة بساهمته "الفعلية" بحرب داعش المنقلب عليه؟ أم سيعود لدعمها أو خلق تنظيمات جديدة تخدمه وتطيعه للأبد؟ وهل سيثبت حبه المفاجئ للعراق بسحب قواته المحتلة منه؟ أم سيكون موقفهم كما صرح رئيس وزرائهم تصريحاته السخيفة الأخيرة والتي اوضح فيها عدم نواياهم سحب قواتهم؟ كلها أسئلة لن نجد جواباً لها إلا في المستقبل!