معركة الموصل ... ونظرية النافذة المفتوحة ؟!!
محمد حسن الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اختلفت معركة تحرير الموصل عن سابقاتها من المدن التي سقطت بيد داعش ، كالانبار وصلاح الدين وديالى ، إذ انها تميزت بأنها حملت طابعاً سياسياً اكثر من كونه عسكرياً ، وياتي هذا بسبب كثرة الأطراف المشاركة في الحرب ، سواء في هذا الطرف أو تلك ، بل تعدت الجانب الداخلي للبلاد ، لتحمل التأثير الإقليمي والدولي فيها ، فلمسنا كيف ان الأطراف الإقليمية والدولية كان لها دور رئيسي في هذه المعركة ، سواءً في دعم الاٍرهاب مادياً ولوجستياً وفنياً ، أو كان داعماً لجهود الحكومة العراقية في. إنهاء ملف عصابات داعش ، وطردها خارج البلاد ، فكان تأثير هذه القوى بحسب قوة ومكانة تلك الدول ، لهذا نلمس طبيعة قتال عصابات داعش وقوتها وخطط قتالها ، والدعم العسكري واللوجستي المقدم له ، فالتقارير العسكرية تشير ان إمكانيات داعش كبيرة جداً ، وهناك دعماً سعودياً قطرياً تركياً للتنظيمات في العراق وسوريا ، يجعل هذه العصابات تصمد امام الضربات الموجعة للقوات الأمنية العراقية ، وتحاول في أكثر من جبهة اعادة تنظيم نفسها ، واستخدام المفخخات والاحزمة الناسفة في ضرب القوات الأمنية ، وأفواج الحشد الشعبي .
المتعارف في الخطط العسكرية هو محاصرة العدو من ثلاثة جهات ، وترك الجهة الرابعة ، لتكون منفذاً له للهروب من المواجهة مع القطعات المتقدمة لتحرير المدينة ، الامر الذي يقلل الخسائر في القوات الأمنية ، ويجعل عملية التقدم تسير بصورة هادئة وسلسة ، وهذه الخطط يعرفها قيادات الجيش والقوى الأمنية الاخرى ، والتي تعتمد على هذه الخطة في قتال العدو ، وهذا ما شهدناه في عمليات تحرير الأنبار وصلاح الدين وديالى ، اذ ان القطعات العسكرية المتقدمة كانت سريعة في حسم المعركة ، وطرد عصابات داعش منها عبر ممرات سواءً الى سوريا ، أو الى الموصل ، والتي كانت معركة الحسم فيها .
معركة تحرير الموصل لم تكن كسابقاتها من المدن ، اذ ان الجيش والقوات الأمنية استخدمت سياسة الخنق في قتال عصابات داعش ، عبر غلق الجهات الأربعة أمامها ، وغلق الممرات العابرة الى سوريا ، وقطع الطرق ، وحصر جرذان داعش في داخل المدن ، بتكون نهايتهم هناك ، كما ان الحشد الشعبي تمكن من السيطرة على ممرات الهروب في غرب الموصل ، وقطع طريق الموصل - الرقة ، ومنع هروب عصابات داعش الى سوريا ، وهذا بحد ذاته توجه جديد لدى القطعات العسكرية ، وتغيير خطتها من طرد عصابات داعش الى إنهاء وجودهم وقتلهم في العراق ، الامر الذي يجعلنا امام مهام صعبة للقوات الأمنية والحشد الشعبي ، وتأخر الحسم في معركة تحرير الموصل ، خصوصاً وان هذه العصابات خسرت مواقع غاية في الأهمية ، لذلك فهي تعد الجانب الخاسر في المعركة ، ما يعني ان عملية إنهاء وجودهم في الموصل قد تطول ، وهذا ما اكدته اغلب التقارير الصادرة سواءً من التحالف الدولي ، أو من قيادات الحشد الشعبي ، والتي أكدت ان عملية الحسم ستطول ، وان عصابات داعش بدأت باستخدام أقذرالأساليب في ضد تقدم اقل ات الأمنية تجاه الساحل الأيسر من الموصل ، من استخدام المدنيين ، أو تفخيخ المنازل أو تفجير الدوائر الرسمية ،وغيرها من عمليات ارهابية تقوم بها العصابات الداعشية ضد القطاعات العسكرية المتقدمة .
تحرير الموصل فيه جنبة سياسية ، وهو ان القوات الأميركية تحاول إيجاد نصراً لها فيها ، خصوصاً بعد نهاية فترة اوباما الرئاسية من جانب ، وفوز ترامب الذي يريد ان يكون العراق فاتحة خير في ولاية حكمه ، الى جانب القوى الإقليمية التي هي الاخرى تحاول إيجاد نصراً لها في الموصل ، وامتيازات لها على أنقاض دمار وخراب خلفه تنظيم ارهابي مدعوم أمريكياً ودولياً ، ويكون اللاعب الرئيسي في المنطقة ، ولكن هذه الخطط ذهبت ادراج الرياح ، ونعيش اجواء نهاية هذه العصابات الاجرامية ، لتعود مدن العراق المغتصبة الى احضان الام ، ويبقى داعش وصمة عار في صحيفة سياسي الاٍرهاب وحواضنه ، والدول الإقليمية والتي ستكتوي بنار الاٍرهاب عاجلاً أم اجلاً ، وستهزم كل المخططات الرامية الى تقسيم البلاد ، وتخريب وحدة ارضه .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد حسن الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat