بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 1 ) الدليل الفطري العقلي على لزوم التقليد
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا شك أن كل مسلم يجزم بأن ١- هناك واجبات ومحرمات في الشريعة الإسلامية - وإن كان قد يجهل تفاصيلها وأدلتها - ، ويؤمن أيضا بأن ٢- هناك ثواباً وعقاباً ثابتين في الكتاب الكريم والسنة القطعية ، ومن أنكر ذلك فقد أنكر ضرورة من ضروريات الدين ، ويرجع إنكاره لها ( ونقصد إنكار الواجبات والمحرمات والثواب والعقاب ) الى تكذيب الكتاب والسنة القطعية أو تعطيلهما وهو ما يخالف أبده البديهيات العقائدية الثابتة .
إذن .. فهو أمام أمرين :
الأول : أمام تكاليف شرعية لابد من إفراغ ذمته منها .
الثاني : أمام ضرر محتمل ( وهو العقاب الأخروي ) ، في حالة عمله من دون إجتهاد أو تقليد ، إذ قد تكون أعماله التي أتى بها من دون إجتهاد أو تقليد غير مرادة من قبل الشريعة فتكون غير مجزية .
والآن تأتي الفطرة لتحكم .....
إن الفطرة التي اودعها الله تعالى في مخلوقاته الحاسّة تحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل ، وهذه الفطرة لا تقتصر على الانسان فقط بل تعم حتى الحيوان ، حيث نجد ان الحيوان اذا تعرض لأذى في مكان ما ... لن يرجع اليه مرة أخرى لدفع احتمال الضرر .
وعليه فإن وجوب دفع الضرر فطريا امر مفروغ منه
( والعقل البشري يعطي نفس النتيجة ، وحين لم نعنون الدليل بأنه دليل عقلي انما هو اشارة الى ان هذه الحقيقة -وهي لزوم دفع الضرر - امر غير مختص بذوي العقل بل لكل ذي حس) .
وهنا يأتي السؤال :
إننا آمنّا بلزوم دفع الضرر المحتمل عقلا وفطرة .. ولكن من قال بأن العمل وفق الإجتهاد او التقليد دافع للضرر المحتمل ؟
والجواب :
أما بالنسبة للإجتهاد ...
فلأن الإجتهاد هو بذل أقصى درجات الجهد لاستخلاص الحكم الشرعي من مناشئه العقلائية المقررة (وأهمها القرآن والسنة المعتبرة والعقل ) فيكون المجتهد من أهل الإختصاص في هذا المجال ، وممن انكشفت له مدارك الأمور ، واطلع على أدلة الأحكام وملابساتها ، وأيقن أن ما توصل له هو غاية مايمكن ان يتوصل إليه أصحاب التخصص ، فيكون على علم بأداء وضيفته المكلف بها -حين يعمل وفق اجتهاده - وبما أن العلم حجة عقلا ، فيكون عمله وفق اجتهاده دافعاً للضرر بحجية العلم الذاتية وهي أقوى الحجج على الإطلاق .
وأما بالنسبة إلى التقليد (ويدخل فيه الاحتياط أيضا) ...
فأولا : أن العقلاء جميعا (بما هم عقلاء ، ومع الغض عن الأهواء والرغبات والميول) يحكمون بوجوب الرجوع في أي مجال لصاحب التخصص فيه ، ورجوع الجاهل بأي شأن إلى العالم بهذا الشأن ، فإنهم يهزئون برجوع المريض إلى الفقيه ، ورجوع صاحب البناء إلى الطبيب الخ .. فكذلك لا يجيزون أبدا رجوع العامل في الدين لغير المجتهد( الذي هو متخصص بالعلم الديني ) وهذا ما يسمى ب(سيرة العقلاء الممضات) .
وثانيا : أنه ليس بوسع الجميع أن يكونوا مجتهدين ، فليس أمام المكلفين طريق إلا التقليد ، حيث انسد عليهم باب الحصول على أحكامهم التكليفية إلا من هذا الطريق بعد غيبة مولاهم (عجل الله فرجه الشريف ) .
فتبين بهذين النقطتين :
أن التقليد (عقلائيا وعقليا) شيء لازم ولابد منه في تأمين المكلف -غير المجتهد- من الضرر المحتمل.
والنتيجة :
لابد ان يكون المكلف إما مجتهدا وإما مقلدا ..
وهناك أدلة جزمية أخرى سنأتي عليها إن شاء الله تعالى في حلقات أُخر .
ولكن هناك سؤال قد يتبادر الى أذهان البعض ، وإن كنا قد أجبنا عنه ضمنا في طيات الحديث ، وهو :
مادام بين أيدينا الكتاب الكريم وسنة أهل البيت ع فلماذا لا نأخذ أحكامنا مباشرة منهما من دون الحاجة للرجوع إلى الفقيه ؟
والجواب :
يأتي في الحلقة الثانية بإذن الله تعالى .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat