صفحة الكاتب : علاء كرم الله

حتى لا يشعروا بالندم!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أن التاريخ الوطني للعراق بكل أطيافه وقومياته زاخر بقصص المجد لذلك الدرب النضالي الطويل الذي قادته الأحزاب الوطنية والذي  تعمد بدماء الشهداء من أبنائها منذ ثورة العشرين وحتى أنتفاضة عام 1991 من القرن الماضي  وقد توزع نضال تلك الأحزاب الوطنية ورموزها وقياداتها المناضلة تارة ضد الأستعمار وتارة ضد الأنظمة  الدكتاتورية التي سرقت عصارة نضالات تلك الأحزاب  وتعب رجالاتها لتستريح بعد ذلك على كرسي الحكم والى الابد!. فبعد سقوط الأتحاد السوفيتي السابق وأنهيار منظومته الأشتراكية منذ نهاية عام 1990 من القرن الماضي تغيرت الخارطة السياسية للعالم بعد  أنفراد الأمريكان  بالهيمنة على العالم  وفرض سياسة القطب الواحد، ومن فرط تلك الهيمنة المطلقة   لم تعد أمريكا عدوة للشعوب !! وخاصة العربية منها التي طالما نادت عبر تظاهراتها الصوتية الفارغة!!!! (أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها(  ,وأختفى تدريجيا مشهد حرق العلم الأمريكي أثناء المظاهرات و الذي ظل مطبوعا في ذاكرة الأجيال العربية منذ عشرينات وثلاثينات القرن الماضي!! كما لم تعد بريطانيا ودول الغرب رمزا للأمبريالية والصهيونية التي يجب التصدي لها ومحاربتها!!، فقد  أكتشفت الشعوب العربية كم أنها كانت مغفلة ومخدوعة بحكامها!! بعد أن  أنطلت عليها ولفترة طويلة من الزمن كذبة الشعارات ضد امريكا والغرب وزيف المؤامرات الأمبريالية!، بعد أن أصبحت امريكا ودول الغرب المكان الأمين والحاضنة الأنسانية والوطنية لكافة قوى المعارضة الوطنية!! التي تناضل في سبيل تخليص شعوبها من الأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي!  كما في مؤتمرات المعارضة الليبية والسورية والعراقية واليمنية وحتى السعودية أبان فترة الثمانيات من القرن الماضي والتي كانت تعقد بين الحين والآخرفي واشنطن ولندن!!, فالأمبريالية الأمريكية هي من أسقطت النظام الدكتاتوري في العراق وليبيا وسمحت لقوى المعارضة أن تتسلم الحكم في العراق على طبق من ذهب!!( ولا أدري لماذا تتناسى بعض القوى السياسية في العراق هذه الحقيقة وتشتم وتسب الأمريكان! وهم يعرفون جيدا بأن لولا امريكا لما كان لهم صوت بالعراق!!) وأيضا ساهمت أمريكا بشكل أو بآخر على خلع الرئيس المصري ( حسني مبارك) والرئيس اليمني (علي عبد الله صالح) ولا زالت المعارضة السورية تطلب مرارا وتكرارا بالتدخل الأمريكي والغربي لأسقاط نظام بشار الأسد، فأية مفارقة عجيبة ومضحكة وغبية هذه!!. ولا أدري أن كانوا كل هؤلاء المعارضة يعلمون أم لا يعلمون بأن هدف امريكا من وراء كل ذلك هو ليس حبا بالمعارضة ولا بالشعوب العربية ولتخليصها من حكامها الظلمة بقدر ماهو لخلق الفوضى والأقتتال بين شعوب هذه الدول بخلق الفتن الطائفية والقومية ثم وضعها على طريق التقسيم الذي يصبح أمرا لا مفر منه!!، انطلاقا من مشروع (برنارد لويس) القاضي بتحويل المنطقة الى (41) أمارة أو دوقية أو كانتون!! أضافة الى مشروع (بريجنسكي) مستشار الأمن القومي الأمريكي عهد الرئيس الأمريكي (جيمي كارتر) والقاضي بتحويل المنطقة الى أقليات عربية، شيعية ، سنية ، كردية ، مسيحية ، درزية ، علوية!!، وفي هذا السياق أيضا يقول (هنري كيسنجر) عراب السياسة الأمريكية والشخصية السياسية المعروفة عالميا (علينا خلق أمارة أمام كل بئر نفط)!! ألا ترون كم السياسة قذرة ولا تمتلك أي شيء من المباديء الأنسانية. .فبعد سقوط النظام السابق بالعراق وبالطريقة التي ارادها الأمريكان وبالآجراءات الخاطئة الكثيرة التي أتخذوها عن قصد وسبق أصرار في كثير من الأحيان!!! وعن أخطاء قليلة وبسيطة وقعوا بها بسبب الظروف المتشابكة التي رافقت سقوط النظام السابق والتي أدت بالنهاية الى خلط الكثير من الأوراق  وتعثر العملية السياسية بتحقيق النظام السياسي الديمقراطي الجديد والذي كان يمثل حلم العراقيين و الذي يرتكز على أسس العدل والمساواة والسلام هذا التعثر أدى الى ضياع أحلام العراقيين بأسترجاع كامل حقوقهم الأنسانية والأجتماعية والطبيعية والتي فقدوها طيلة كل تلك السنوات التي مضت وخاصة أؤلائك الذين قدموا أعدادا من الشهداء على درب النضال الطويل خلال العقود الثلاثة الماضية وحتى قبلها. .حيث برزت الأنتهازية بأبشع صورها وأشكالها على سطح المشهد العراقي لتزيد من ألم الواقع الجديد بجروحه الكثيرة بعد أن تقدم هؤلاء الأنتهازيون الصفوف ولبسوا قناع الوطنية الزائف ونسجوا وألفوا الكثير من قصص النضال والبطولات حتى صدقوا أنفسهم قبل أن يصدقهم الناس وصاروا هم المناضلين وأصحاب الشهداء!! . ومن المعروف على صعيد الشارع العراقي بأن الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة والحزبيين الكورديين (الأتحاد والديمقراطي) يتصدرون قائمة الأحزاب الوطنية المناضلة التي قدمت قوافل من الشهداء وناضلت في سبيل الحرية والديمقراطية من أجل تحرير العراق من براثن الأستعمار والدكتاتورية وقصص التضحيات لهذه الأحزاب الوطنية كثيرة منذ أعدام الشهيد البطل الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي (يوسف سلمان يوسف) اسمه الحركي الحزبي (فهد) عام 1949 أبان فترة العهد الملكي بعد أنتفاضة (الجسر) عام 1948 مرورا بالشهيد البطل الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي (حسين الرضوي) أسمه الحركي (سلام عادل) عام 1963 الذي تم تعذيبه بأبشع صورة ثم قتله على يد أوباش الحرس القومي من البعثيين في قصر النهاية السيء الصيت وأنتهاء بأعدام الشهيد البطل الفيلسوف (محمد باقر الصدر) مؤسس حزب الدعوة العراقي مع أخته (بنت الهدى) وأغتيال الشهيد الزعيم الديني والروحي للتيار الصدري الحالي(محمد محمد صادق الصدرمع نجليه) والد الزعيم الديني (مقتدى الصدر) عام 1996 من قبل المخابرات الصدامية.  حيث قدمت الكثير من العوائل التي تنتمي لهذه الأحزاب خمسة أو ستة أو حتى اكثر من أبنائها قرابين من أجل العراق وشعبه والذين راحوا ضحية الأغتيال والأعدامات والتغييب في المعتقلات  والسجون واحواض التيزاب والقصف بالسلاح الكيمياوي والمقابر الجماعية وفي خضم الأحداث المتلاحقة والمتشابكة والمعقدة التي عصفت بالعراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن أنتظرت طويلا عوائل هؤلاء المناضلين الذين ضحوا بانفسهم في سبيل العراق وشعبه علّها تسمع كلمة وفاء بحقها أو تجد يد حنونة تواسيها وتربت على كتف أبنائها الصغار وشيوخها الكبار وتخفف من آلام الأمهات الثكلى والنساء والأرامل الذين فجعوا بفقدان أعزائهم وفلذات أكبادهم  لتزيل ولو بعض الشيء عن تراب تلك السنوات السود التي مرت بهم ولكن أنتظارها طال ولم تجد من يهتم بهم ويحترم ويذكر كل ذلك التاريخ النضالي لهم ولا لتلك التضحيات الجسام التي قدموها  ولو بالشيء القليل كي يعيد البسمة الى تلك الوجوه التي طالما علاها الحزن . والذي أحزنهم اكثر هو شعورهم بالأنكسار النفسي والأحباط بأن تضحياتهم ونضالاتهم في سبيل الوطن والشعب ذهبت هباء وأنهم لم يكونوا مناضلين كما كانوا يؤمنون ويعتقدون  بل كانوا أناس مغفلين مخدوعين!! . ولا يمكن أن أنسى منظر أحد أبناء تلك العوائل المناضلة التي عانت ما عانت طيلة فترة العقود الثلاث الماضية والتي قدمت ستة من أبنائها شهداء في سبيل هذا الوطن والشعب وهو يعاتب الحكومة من على شاشة أحدى الفضائيات قائلا نتمنى لو أعتبرونا  كحال الكثير من البعثيين الذين يتقاضون رواتبهم وهم جالسون في بيوتهم)!! وغيرها من القصص والمناظر المؤلمة . أخيرا نقول : صحيح ان الحكومات التي قادت العراق من بعد سقوط النظام السابق مرت و تمر بظروف عصيبة وتعيش الكثير من الصراعات السياسية الداخلية والتحديات الخارجية المتمثلة بالأرهاب ولكن عليها وعلى كل الأحزاب السياسية والوطنية ان لا تنسى بأن تضحيات هؤلاء هي الي أوصلتهم الى سدة الحكم!!! . فهؤلاء هم المناضلين الحقيقيين وهم اولى بالمساعدة والعون والتقييم والتقديرتثمينا لمواقفهم وتضحياتهم تلك وحتى لا نشعرهم بالندم على ما قدموه للعراق وشعبه.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/15



كتابة تعليق لموضوع : حتى لا يشعروا بالندم!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 7)


• (1) - كتب : مهند نزار ، في 2014/03/19 .

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووور

• (2) - كتب : محمد نمير ، في 2014/03/19 .

hاجبتني مقالتك ,,,,,,,,,,,,,,, لايك

• (3) - كتب : سمير عبد الرضا ، في 2014/03/19 .

مشكور

• (4) - كتب : سمير عبد الرضا ، في 2014/03/19 .

مشكور

• (5) - كتب : نبيل محمود ، في 2014/03/19 .

الله بيارك فيك على الموضوع الشيق والمعلومات الجيده والثقة العاليه في كتاباتك يحفضك ربي ونتطلع المزيد

• (6) - كتب : جعفر صادق جاسم ، في 2014/03/19 .

تحيةحنرا م وتقدير مفالتكم حتى لا يشعروبالدندم اولا اتمنى ان يكتب الصحفيين والكتاب والمثقفيين بهذا االمستوىلتجردال الرفيع من احقيقي الصادق والتي تصب في مصلحة الشعب العراقي وتنير الطريق امام الجماهبر وازالة الغموض عن كثير من الخقائق التي يجهلها الكثير من الناس بسبب الاعلام الموسوس عن طريق وسائل الاعلام النتعدده ...........اعتذر عن مستوى التعبير المتواضع فهناك في صدري اكبر من ذالك تمنايتي لك باموفقيه وان تنفعنا بمقالتك الرائعه والمشوقة ...........اخوك ابو عمار

• (7) - كتب : حميد الموسوي/ بغداد ، في 2014/03/17 .

احسنتم بطرح معاناة الكثيرين من المضحين المنسيين عسى ان يقرأ المسؤولون طرحكم القيم .. لقد القيتم حجرا في ماء راكد .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net