صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التعارض والتغارض!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المجتمع يخلط المفاهيم ويشوهها ويمنحها ما يعزز تحريفها وتمريرها لتحقيق غاياتٍ تناهض جوهرها , وهذا ينطبق على العديد من المفردات والتعابير المحلية والمستوردة , أو المستنسخة على آلةٍ قديمة صدئه.
فالتعارض في سلوكنا يعني التعادي والعدوان , فمعارضي هو عدوّي الذي يريد إزالتي ومحقي , وليس رفيق مسيرتي للوصول إلى الهدف بأفضل السبل , وعندما يتحول المعارض إلى عدوّ  تتقيد الحياة بالخسران وإستنزاف الطاقات وتبديد القدرات , وإتلاف الحاضر وإلغاء المستقبل.
وهذا الخلط يتجلى بقسوة في تفاعلات الواقع السياسي (إن صح ذلك , فلا وجود لسياسة في بلداننا) , وكلما تتابع نقاشا على شاشات التلفزة أو في وسائل الإعلام الأخرى , تتضح أمامك صورة التعادي والتغارض لا صورة التعارض والتفاعل المبني على الحجة والدليل , والقدرة على إبداء الرأي المعرفي العقلي العملي الصالح المقنع , وإنما يتسلط دوي الإنفعالات ومفردات الرعد والبرق والنيل من الآخر , حتى لتشعر بأنك أمام مشهد في حلبة مصارعة الثيران , أو أمام أكباش تتناطح وديكة تتقاتل.
تلك حقيقة مخزية وقاسية وأليمة تخيم على الواقع الخالي من الكلمة الصادقة والفكرة الراجحة , والإيمان بوحدة الهدف والمصير والتأريخ والإنتماء والوطن.
فما يدور في أروقة الويلات آليات التعادي والتغارض بما يرافقها من تقنيات دفاعية أولية بدائية ذات إرتباط بأمّارة السوء والبغضاء , كالتعميم والإسقاط والنكران والتبرير والشك والخوف والهلع من الآخر , وتحفيز قدرات الفتك والإلغاء , وغيرها الكثير من سلوكيات التمحن والإستنقاع والتوحل بالذات والموضوع , وعدم القدرة على الخروج منها إلى ضفاف الحرية والعمل الإيجابي البنّاء.
ولهذا فأن قدرات المجتمع مكبلة بقيود ثقيلة ومصفدة في غرف الأسر الدفاعية , فكل حالة تدافع عن وجودها ضد الحالة الأخرى , مما يمنع الحالتين من الخطو إلى الأمام , أو إنجاز أي مشروع أو هدف ذي قيمة وطنية وإقتصادية.
ولا يمكن للمجتمع أن يتطور ويتقدم إن لم يتحرر من هذه القيود المكلفة , التي تهدر وقته وطاقاته وثرواته وتدفع به إلى حضيض الويلات والتداعيات المريرة.
فلا بد من إعادة فهم المفردات والمفاهيم وتحقيق الآليات السلوكية اللازمة للوصول إلى الأهداف المشتركة الصالحة لأبناء المجتمع بعيدا عن أي إعتبار آخر , فالإنتماء يجب أن يكون للوطن والحاضر والمستقبل , وأن يتحقق الشعور بالمسؤولية الوطنية والإنسانية , وعلى الجميع أن يعي حقوق الأجيال في كل زمان , فالذي لا يحترم حقوق الأجيال يأخذ البلاد والعباد إلى أتون سقر.
فهل من تعارض بنّاء لا تغارض وجفاء؟!!
*التغارض: التزاحم أو التقاتل على الهدف و القصد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/10



كتابة تعليق لموضوع : التعارض والتغارض!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net