صفحة الكاتب : حسين فرحان

أمنيات في ساحة العرضات 
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   تحت ظل شاحنة كبيرة متوقفة في إحدى ساحات بيع الخضار جلس ابن الرافدين وقد افترش حزمة من قماش البازة التي يتجول بها صباح كل يوم على أصحاب السيارات ليبيع منها ما يسد رمق اسرة لاتكف عن الطلبات الموجعة .

ارتشف من قنينة الماء ما امتزج بملوحة عرقه ، مسح جبهته واتكأ على أطار الشاحنة وهو ينظر الى الساحة الكبيرة المفتوحة أمامه ، تذكر في هذه اللحظات ساحة العرضات التي رافقها طيلة عشرة أعوام بين مكلف واحتياط ، هكذا وبلا مقدمات لاحت له ساحة العرضات بجميع تفاصيلها أما لماذا فلم يعرف السبب ، نظر الى الأعلى وقال مبتسما : ( لعلها ضربة شمس ) ، لكنه عاد مرة أخرى ليتذكر جلوس القرفصاء صباح كل يوم في تلك الساحات وهو يقدم مكرها فروض الولاء والطاعة للقادة الذين اخبروه بأن عليه أن يترك كرامته في منزله ويأتي للمعسكر فلا كرامة هنا ، ويتذكر ما كان يتمتم به من عبارات تمني بانقضاء المحنة والخلاص من عبودية البعث وصدام والعرفاء .

ويحلم بسرية تامة برؤية تلك الاشباح المناضلة !! وهي قادمة من وراء الحدود تحمل معها الحرية والخلاص وتعيد للانسان كرامته .

 اليوم عاد من جديد الى نفس عباراته القديمة وتمنياته بزوال المحنة ، فقد كانت بالأمس في ساحات العرضات واليوم في ساحات بيع الخضار ، راوده شعور غريب ببقاء كل شيء على حاله  (فافتراش الارض والتمنيات والمحنة والشمس والغبار ) لم يتغير شيء ، والطغاة هم الطغاة وإن تغيرت الوجوه وحكمت تلك الاشباح المناضلة التي كان يحلم بها .

فانتفض مع مابه من كآبة على ذاكرته وانتفض على خيالاته التي ماتزال خصبة ، فقد ناهز الستين عاما وعليه أن يؤمن بأن الحديث مع النفس طيلة العقود الماضية قد يفضي به الى الجنون بل ربما يكون هو الجنون بعينه ، لذلك حاول أن يجبر نفسه على الوقوف ومغادرة هذا المكان الذي لايحتاج فيه الى إذن ضابط أو عريف ، كل ماعليه أن ينهض ويترك نعيم ظل الشاحنة ويعود الى رشده متحاشيا نوبات الحديث مع النفس ، لأن كل ما يجب أن يفكر به اليوم هو انتظاره - كأقرانه - لنوبة قلبية او جلطة دماغية تنتهي بها حياته ، ولا يرغب أن تقع أحداث نهايته التي يتوقعها في واحدة من تلك الساحات .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/13



كتابة تعليق لموضوع : أمنيات في ساحة العرضات 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net