حتى ليلة أمس، ونحن نستمع بدهشة واستغراب إلى اعترافات ثلاثة من مكتب حماية طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق ما كنا نتذكر الزرقاوي الأردني ذلك الإرهابي الذي قاد عمليات تنظيم القاعدة في العراق وقتل وذبح المئات من العراقيين رجالا ونساءا وأطفالا، فقد ولى هو وغيره من الارهابين إلى الجحيم وبئس المصير.
ولكننا وبعد اعترافات الرائد أحمد شوقي المقرب جدا من الهاشمي وأثنين أخريين من أعضاء حمايته عادت إلى أذهاننا تلك الجرائم التي ارتكبها الزرقاوي مع فارق كبير بين الاثنين؛ فالأول كان يعلن عداءه للعملية السياسية ويحمل السلاح علانية، ويقتل ويذبح وينهب في وضح النهار ويتجول في صحارى الانبار أو في قرى ديالى، وما كان يجرؤ على الإطلاق من التقرب من مواقع وأماكن قيادات السلطة العراقية، أما الهاشمي فقد تلون وتلوى بالزي الاسلامي والوطني حتى تمكن من الوصول إلى اعلى مراتب قيادة الدولة وأصبح نائبا لرئيس الدولة!
الهاشمي هذا، قام بما لم يقم به أحد نعرفه إلى الآن، فهو رجل دولة كان يقود العمليات الإرهابية من داخل المنطقة الخضراء تحت عَلم الدولة ومن داخل قصور الدولة وبأموال الدولة وسلاح الدولة ورجال الدولة ومعدات الدولة وهويات الدولة، وخطابات الدولة....
ونفذ خلال فترة توليه المناصب الحكومية وبالخصوص منصب نائب رئيس الجمهورية العديد من العمليات الإرهابية الإجرامية ضد المواطنين الأبرياء ورجال وقادة وضباط الدولة الشرفاء، مرة بزرع العبوات الناسفة في هذا الطريق أو ذلك، في هذه الساحة أو تلك، ومرة ثانية باستخدام الأسلحة الكاتمة، ناهيك عن الحملات الإعلامية التي كان يقودها في وسائل الأعلام تشهيرا وتنكيلا وطعنا بكل ما حدث بعد 2003.
الهاشمي ليس هو الزرقاوي بنفسه ، بل أفاق بأجرامه وتخطيطه ذلك الزرقاوي الأردني اللعين، فبواسطة زرقاوي المنطقة الخضراء أضحت قصور رئاسة جمهورية العراق ومنازل وبيوت المسؤولين وكرا ومخزنا ومنطلقا للعمليات الإرهابية التي تنفذ بواسطة رجال الخضراء وبسيارات المنطقة الخضراء، وهويات المنطقة الخضراء!
ونحن نستمع إلى اعترافات حماية طارق الهاشمي تقفز إلى أذهاننا العديد من الأسئلة منها ما يتعلق بالعمليات الإرهابية والإجرامية التي كان يشرف عليها زرقاوي المنطقة الخضراء طارق الهاشمي، ومنها ما يتعلق بكيفية التعامل مع نتائج التحقيقات القضائية التي أعلن عن بعضها والتي سُيعلن عن بعضها الأخر، وهي بلا أدنى شك ستكون أكثر وقعا على المواطنين العراقيين.
ومن الأسئلة المهمة التي تتعلق بالشق الأول هو لماذا كان طارق الهاشمي يشرف بشكل مباشر على العمليات الإرهابية، ولماذا يأمر بزرع العبوات الناسفة؟ ومن هم ضحايا طارق الهاشمي، وكيف يتم اختيارهم، ومن يقف وراءه ومن يموله، ومن ينقل له المعلومات، ومن يحضر العبوات الناسفة التي تسلم للخلايا المنفذة.
يرى بعضنا أن طارق الهاشمي رجل مكلف من قبل دول الجوار ومرسل من قبل سلطات تلك الدول لنسف العملية السياسية من داخلها وفي أدق مفاصلها، وأخر يرى أن طارق الهاشمي يقوم بالعمليات الإرهابية انتقاما لاغتيال بعض أفراد عائلته في الأحداث الطائفية 2006-2007 لان أكثر ضحاياه هم بحسب تعبير المعترفين من (الرافضة) أي من الطائفة الشيعية.
ومنهم من يرى أن الهاشمي كان مرتبط بتنظيم القاعدة على مستويات عالية وكان يأتمر بأمرهم وينفذ أجندتهم، وهناك من يقول إنما كان طارق الهاشمي يقوم بهذه العمليات لأنه كان يستعد للقيام بانقلاب من داخل السلطة وفي المنطقة الخضراء بالتنسيق مع الجماعات الأخرى في بعض المحافظات مستغلا خروج الأمريكان وافتعال أزمة الأقاليم، ومما يدل على ذلك هو طلبه للموقف اليومي لحركة لواء بغداد، اللواء المكلف بحماية المنطقة الخضراء نفسها.
ومن الأسئلة المهمة التي تتعلق بالشق الثاني هو هل سيستمر القضاء العراقي بالتعاون مع القوى والأجهزة الأمنية الوطنية بكشف العلميات الإرهابية والمخططات السياسية التي كان ينوي الهاشمي القيام بها، هل سيتم إلقاء القبض على الهاشمي في مدينة السليمانية بعد خروجه من بغداد، هل سيتم الكشف عن الخلايا الإرهابية التي كانت تتعاون مع الهاشمي في وزارات الدولة وتزوده بأسماء المسؤولين.
هذه الأسئلة وغيرها سيكون القضاء العراقي المستقل ملزما بالإجابة عنها، وستكون الأجهزة الأمنية مطالبة باستكمال إجراءاتها وتنفيذ أحكام القضاء العراقي على أتم وجه وأحسنه.
وكلمة أخيرة أقولها لكل السياسيين وقادة الكتل، كلمة أوجهها إلى رئيس جمهورية العراق السيد جلال طلباني، كلمة أوجهها إلى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي، وكلمة أوجهها إلى السيد رئيس مجلس النواب العراقي السيد النجيفي، أقول لهم جميعا :
إن الجرائم الإرهابية التي ارتكبها طارق الهاشمي والدماء الزكية التي سفكها ظلما وعدوانا، وخداعه الدولة والنظام والشركاء واستغلاله قدرات الدولة وأموالها وقصورها، لا تدع مجالا لطرح مفهوم (المصالحة) ولا مفهوم (الطاولة المستديرة) أبدا، فتقوا الله في دماء العراقيين ولا تكونوا شركاء زرقاوي المنطقة الخضراء، لان الله سيحاسبكم على تغطيتكم جرائمه ، وأما نحن الشعب وضحايا زرقاوي المنطقة الخضراء والإرهاب والبعث فاملنا فيكم وعيوننا عليكم وأيدينا بيدكم ...
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat