صفحة الكاتب : داود السلمان

ظاهرة استفحلت اسمها- الشعر الشعبي-
داود السلمان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الظواهر المدانة، التي جاءتنا- كنتيجة حتمية فور الاحتلال الامريكي البغيض لعراقنا الحبيب- كثيرة ومتعددة الاوجه، ومنها، على سبيل المثال: ظاهرة الشعر الشعبي والتي استفحلت وتغلغلت من مجتمعنا العراقي، واصبحت كالداء العضال لا يمكن الشفاء منه، والنتيجة هو الموت المحتوم.

هذا المرض، ساهم بضخ فايروسه في جسد الثقافة العراقية، العديد من وسائل الاعلام المختلفة، والطامة الكبرى، أن هذه الظاهرة أو كما عبرنا عنه: الداء العضال، وصل الى الجامعات، والعديد من الوزارات، بحيث ذهبت هذه الجامعات والوزارات الى عقد مهرجانات تجمع فيها العديد من كتاب القصائد الشعبية، بدل الندوات والمحاضرات العلمية والاقتصادية والفكرية بل وحتى الجلسات الادبية لكبار شعراء القصيدة العربية الفصيحة. وهذا، أن دل على شيء، فإنما يدل على انحطاط الوعي وموت الثقافة، والترويج الى الفوضى الفكرية، وانحراف ادوات الوعي المعرفي والعلمي والفلسفي، نحو الانزلاق الى درك الهاوية، والضبابية التي تريد من المجتمع العراقي أن يعود القهقرة بدل التقدم والسير باتجاه الفضاء المعرفي. والسبب أنّ المفردة الشعبية واستخدامها المفرط والمتكرر، وفي كل المحافل الثقافية، ستسهم في ضياع لغتنا العربية الجميلة، لغلة البيان والبلاغة، والمعرفة بكافة أشكالها.

أيضاً، لا ننسى دور الفضائيات الـ "عراقية" من التي باتت تروّج للشعر الشعبي، وخصوصاً ما تطلق عليهم بـ "الشعراء الشباب" حيث يسمعوننا هؤلاء الشباب مفردات بذيئة، وكلمات جوفاء، وجمل مقززة، وعبارات مكررة.

والسؤال: من الذي يقف ورى هذه الفضائيات؟ ومن اعطاهم الضوء الاخضر ببث كذا خزعبلات، ونشر كذا ترهات؟.

وكيف وصل الامر الى جامعاتنا العراقية العريقة؟، اين دور الاساتذة الجامعيين والتربويين؟. كيف غاب عنهم الامر؟ بل كيف انطلى عليهم، وأنا ككاتب وصحفي عراقي، أحمّل الجميع المسؤولية الكاملة، لأنّ الجميع اسهم- من حيث يدري أو لا يدري، بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر- ببث هذه الثقافة المتدنية، وهذا المستوى الساذج من المعرفة، وهذه السطحية من القيم البالية، والتي تجاوزناها منذ عقود طويلة من الزمن، وهم بهذا يرومون أنْ نعود الى تلك القيم ونحن في عصر العالم الرقمي، وتعدد أطر المعرفة، واتساع آفاق الثقافة.

الشعر الشعبي هو لغة العوام، ليس لغة المثقفين وهناك كثير من الشعراء الشعبيين انتبهوا الى انفسهم وتركوا كتابة القصيدة الشعبية الى الابد، ومنهم الراحل جمعة الحلفي وآخرون لا تحضرني اسمائهم.

وحتى لا نبخس الناس اشياؤهم، ثمة اسماء لامعة ولها ثقلها في هذا المعترك، مثل مظفر النواب وكاظم اسماعيل الكاطع وعريان السيد خلف وامثالهم، (بالإضافة الى كريم العراقي كشاعر غنائي، وليس كشاعر قصيدة، فهو في كتابة القصيدة خالي الوفاض صفر اليدين)، كون هؤلاء قد كتبوا ايضاً الاغنية العراقية الجميلة وذاع صيتها في الآفاق حتى وصلت جميع الدول العربية.

وأما اليوم ما نسمعه من ضجيج فارغ "للشعر الشعبي" فيجب محاربته ونبذه وعدم الترويج له. وأعتقد جازماً: أن هذا الكم الهائل من الشعراء الشعبيين، ما هو الا انعكاس للوضع السياسي الذي يمر به البلد، وتأتي على رأس هذا تفشي ظاهرة البطالة في صفوف الشباب. فامتهان الشعر الشعبي اصبح كتكسب لسد رمق، ليس ألا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


داود السلمان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/22



كتابة تعليق لموضوع : ظاهرة استفحلت اسمها- الشعر الشعبي-
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net