في مباهلة النبي(ص) لنصارى نجران هي ومضة عقل تولد حكمة جريئة، الفكرة تعني انقاذ النفس والأهل من التهلكة، وإنقاذ القوم والأمة، ونحن وفد نجران الى المباهلة كنا نحرص على المواجهة، لكن دعينا يا وافدة الحكمة صدى الروضتين أن نخبرك بالذي جرى، حين حان وقت المباهلة، وكنا قد اتفقنا على أن نجري المباهلة خارج المدينة، في الصحراء، ولكن قبل أن نتورط في المباهلة، كنا ندرس حالة اختيار النبي(ص) للأشخاص الذين سيباهل بهم، قبل أن يدخل حومة التباهل، قلنا: لننظر الى محمد، فإن باهل بولده، علينا أن نحذره.. فهذه المباهلة ستكون شؤما ومهلكة، وتجعلنا لعنة للتواريخ، وإذا باهل بأصحابه فباهلوه، فانه ليس على شيء، ويعني ان التصور كان واردا بهيئتين ومنها: اذا ما جاء المباهلة محفوفاً بأبهة مادية وقوة ظاهرية تحف به قادة جيشه وجنوده، فذلك دليل على عدم صدقه، وإذا أتى بوُلده وأبنائه بعيداً عن أيّ مظاهر مادية، وتوجه الى اللّه تعالى بهم وتضرع الى جنابه كما يفعل الانبياء، دلّ ذلك على صدقه؛ لأنّ ذلك أكثر تأكيداً في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه، حيث تجرأ على تعريض أعزته، وأفلاذ كبده، وأحبَّ الناس اليه لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه، وإذا به يطوي المسافة بين منزله وبين منطقة التباهل في هيئة خاصة مثيرة، فهو يحتضن الحسين وبيده الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي، وطلع علينا والأغصان الأربعة من شجرته بوجوه روحانية نيرة. الدهشة التي تملكتنا: كيف خرج النبي بابنته الوحيدة وأفلاذ كبده للمباهلة..؟ ألا يعني يا صدى الروضتين بأن النبي واثق من نفسه ودعوته وثوقاً عميقاً..؟ إذ إن المتردد غير الواثق بدعوته لا يخاطر بأحبائه وأعزته، ويعرضهم للبلاء السماوي.. كنا نرى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، ولهذا قررنا ان نتراجع، وليقل عنا من يقول انهم هربوا من المواجهة، وهذا الهروب هو النجاة بعينها، وإلا فالمباهلة هلاك ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة، وعليه أعلنا عن استعدادنا لدفع الجزية، وتلك بطولة أنقذت أهلنا وناسنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat