صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

زيارة الى النهروان
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ذهبنا في سفرة الى النهروان، وكانت فرصة طيبة أن أبحث عنها لألتقيها، فقالت تعرّف نفسها: أنا على ارضي دارت واقعة النهروان، وهي ثالثة الوقائع في خلافة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وقعة الجمل وصفين.
لها أهميتها في تاريخ فجر الإسلام والصدر الأول، كانت تلك الوقعة بين علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين طائفة يقال لهم الخوارج أو المارقة أو الشراة، تلك الطائفة التي تعصبت بعصابة الجهل والغرور، وقد أظهرت الشغب والفساد في المجموعة الإسلامية حينذاك، من الذين يضمرون الغلّ على علي أمير المؤمنين (عليه السلام) دأبها النفاق والانشقاق عليه، والتخاذل والتخادع بين أصحابه (عليه السلام)، فسمموا أفكار تلك الطائفة المغرورة بآرائها الشيطانية، حتى صارت تعتقد أنها هي الطائفة المسلمة ليس إلا، والمسلمون كلهم كفار مشركون، وصاروا اليّ، فمشى اليهم علي (عليه السلام) بجيشه حينذاك فوعظهم وحذرهم سوء المصير، فما رجعوا ولا ارتدعوا بل شرعوا الرماح وسلوا السيوف في وجهه (عليه السلام) وقالوا: الحرب الحرب.. يا علي لا نريد إلا قتلك كما قتلنا عثمان، فألقى عليهم الحجج والأدلة من الكتاب والسنة، فما ازدادوا إلا غياً، فعند ذلك زحف اليهم بجيشه حتى أتى على آخرهم، فملأ النهر من دمائهم والموقع من أشلائهم، وكان عددهم أربعة آلاف (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).
اعطني فرصة كي أحدثك: لما وصل علي (عليه السلام) بجيشه الى النهروان، أقبل اليه رجل من أصحابه، وكان على مقدمته يركض، وقال له: يا أمير المؤمنين البشرى. قال (عليه السلام): ما بشراك؟ قال: إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك، فأبشر فقد منحك الله أكتافهم.
فقال (عليه السلام): أنت رأيتهم قد عبروا؟ قال: نعم. فأحلفه ثلاثاً. وفي كلها يقول: نعم. فقال (عليه السلام): والله ما عبروا ولن يعبروه، وإن مصارعهم لدون النطفة.
قلت: مهلاً يا نهروان، ما هي الأسباب التي أدت الى هذه المعركة؟ قالت: إن أحداث معركة صفين التي كانت تدور رحاها بين جيش علي (عليه السلام) وجيش معاوية، وذلك عندما بدأت كفة المعركة تميل لصالح جيش علي (عليه السلام)، حينها قام جيش معاوية برفع المصاحف على رؤوس الرماح في إشارة إلى طلب التحاكم إلى القرآن، ان بعض الاصحاب شط عن الامر، وعدوا ذلك بدعة، واعتزلوا جيشه وخرجوا عنه إلى مكان يقال له (حروراء)، ولذلك سُمّوا بالخوارج أو الحرورية، وكان عددهم زهاء اثني عشر ألفاً، وكان من رؤساؤهم عبد الله بن اليكشري، ويزيد الأرحبي، وشبث بن ربعي.
وعندما أدرك علي (عليه السلام) ان الخوارج نادوا بمقولة (لا حكم الا لله) قال: "كلمة حق أريد بها باطل". قلت اسألها: وهل اثاروا مشاكل ام استقروا للعبادة والانعزال؟ قالت النهروان: استفحل خطرهم، وتمادوا في تكفير الناس، واستحلوا دماء المسلمين بتكفيرهم بحجة الذنوب، وقتلوا بعضاً من جيش وأصحاب امير المؤمنين (عليه السلام)، وذبحوا حاكم النهروان عبد الله بن خباب بن الأرت وجاريته وجنيناً في رحمها، كما قتلوا ثلاث نساء من بني طيء، وأم سنان الصيداوية.
فأرسل لهم علي (عليه السلام) الحارث بن مرة العبدي للتحقيق إلا أنهم قتلوه هو أيضاً..! وعندما وصل تمردهم إلى هذه الدرجة، توجب مواجهتهم، فقد كان هناك خطر أن يهاجم الخوارج الكوفة، بينما علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقواته في طريقهم لقتال معاوية، ولذلك قرر أمير المؤمنين أن يوقفهم، فغير مسار جيشه إلى الشرق، وعبر دجلة في طريقه إلى النهروان، لم يرغب في إراقة دماء هؤلاء المتعصبين الضالين، ولذلك فقد ارسل إليهم أبا أيوب الأنصاري برسالة سلام، فنادى فيهم: "من انضوى منكم تحت هذه الراية أو انفصل عن هذا الحزب، وذهب إلى الكوفة أو المدائن، فسينال العفو ولن يسأل".
نتيجة لذلك، قال فروة بن بن نوفل الأشجعي أنه لا يعرف لماذا هم في حرب مع علي بن أبي طالب (سلام الله عليه)، ثم انفصل بخمسمائة رجل عن الخوارج. كما انتدب علي (عليه السلام) لهم عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) ليحاورهم ويناقشهم في المسائل التي احتجوا بها عليه، فرجع منهم خلق كثير.
وبالمثل بدأت مجموعة تلو الأخرى في الانفصال، بل وقد انضم بعضهم لجيش المسلمين، وفي النهاية، لم يبقَ سوى نواة عديدها 1800 من الخوارج بقيادة عبد الله بن وهب.
أقسم هؤلاء الخوارج أن يقاتلوا علياً بن أبي طالب بأي ثمن، وبقيت تلك المجموعة من الخوارج على عنادها وتعنتها وتكفيرها للمسلمين، فقاتلهم علي (عليه السلام) على ارضي، وأبادهم، واستأصل شأفتهم، ولم ينجُ منهم إلا بضعة أشخاص هربوا وتفرقوا في الأرض. قالت لي النهروان قبل الرحيل: سلموا على أمير المؤمنين (عليه السلام


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/16



كتابة تعليق لموضوع : زيارة الى النهروان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net