صفحة الكاتب : جعفر صادق البصري

نبذة مختصرة عن عصر ظهور خاتم العترة
جعفر صادق البصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذه ورقة بحثيّة مضغوطة عن عصر ظهور أمل الأمّة وخاتم الأئمّة وغوث المستضعفين ومنقذ البشريّة، استقينا مضمونها من النصوص واستخلصنا زبدتها من الوثائق الشرعيّة وطعمّناها بعبارات وفوائد مقتبسة من تصانيف إسلاميّة.
نبدأ معكم على بركة الله تبارك وتعالى.
تذكر الأحاديث الشريفة والنصوص المعتبرة أنّ حركة ظهور الإمام المهديّ (أرواحنا فداه) العلنيّة تبدأ في مكّة المكرّمة بعد اضطرابات دوليّة وظواهر كونيّة وتمهيدات عالميّة وإقليميّة.
فعلى صعيد منطقة الظهور المبارك تقوم في سنة الظهور حركات موالية للإمام المهديّ عليه السلام في اليمن والشرق وإيران. وقبيل ظهوره عليه السلام تظهر شخصيات قيادية موالية للإمام ومعاصرة له وتعينه على تطبيق مشروعه، وأهمها: اليماني والحسني والخراساني وشعيب بن صالح رضي الله عنهم، كما تظهر شخصيات معادية للإمام قبيل ظهوره وبعده، وأخبثها: السفياني والدجال ويأجوج ومأجوج لعنهم الله وأخزاهم.
ويستفاد من بعض النصوص أنّ هذه الشخصيات ستظهر في شهر (رجب) من سنة الظهور، ولا يمكن لأحد التنبؤ بسنة الظهور وضبط حدوثها بإتقان وتوقيت زمنها بدقّة، لأنّ علمها مخفي عنّا، ولا طريق للأنام لمعرفة فترتها والاستيثاق من قربها، إلّا من خلال مشاهدة تحقّق العلامات المتيقّنة الملاصقة للظهور الشريف أو معاينة حصول العلامات الحتميّة المعروفة، وبغير هذين الأمرين يكون الكلام عن ذلك محض تخرّص أو التباس وغشاوة فكرية، وبالتالي فلا يستحقّ الالتفات إليه.
تبدأ أحداث عصر الظهور بالتتابع كخرز المسبحة وتتسلسل بصورة سريعة، وأوّل العلامات الملفتة في سنة الظهور بعد شروق الشمس من مغربها هي (النداءات الرجبية) الثلاثة، وخروج الثلاثة: اليماني والخراساني والسفياني، ثمّ بعد شهرين تقريباً تتبعها العلامة الفارقة (صيحة شهر رمضان) أو صيحات شهر رمضان، ولعلّ أعظم الصيحات هي تلك التي تقع في (ليلة القدر) ليلة الثالث والعشرون من شهر رمضان، ومفاد هذه الصيحات الرمضانية هو: النداء باسم الإمام المهديّ عليه السلام والدعوة لنصرته، وكذلك النداء بأنّ الحقّ مع عليّ وشيعته.
وينبغي أن نعلم أنّ مرحلة ما بعد حدوث تلك العلامات ليس كما قبلها، فإمام الحقّ الحجّة بن الحسن المهديّ عليهما السلام كان قبلها في مرحلة الغيبة الكبرى فترة العزلة، وأمّا في (مرحلة حدوث العلامات التي تطرقّنا إليها) فإنّ وضع الإمام مختلفاً وتكليفه مغايراً لفترة الغيبة الكبرى، ففي هذه المرحلة أذنت السماء بظهور الإمام بنمطين: الأوّل الظهور الخفي الجزئي، والثاني: الظهور العلني الكليّ.
المهمّ أنّه عليه السلام بعد تلك النداءات التي حصلت في شهري رجب ورمضان يعزم الإمام المهديّ عليه السلام على الظهور الجزئي ويبدأ بالاتّصال ببعض أنصاره، ويلهج المنتظرون بذكره ويفرح الموالون بقدومه ويبتهج الخيرّون بإطلالته، وفي المقابل يمتعض المستكبرون من إشراق نوره ويكفهرّ وجه المبطلين من قيامه ويتخوّف مناوئوه من ظهوره، فينشطون في زعزعة إيمان أنصاره وإرباك أشياعه وتخذيل أتباعه، ويسعون في إحداث فوضى وإجهاض خطّته وإفشال منهجه والقضاء عليه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه.
بعد أن ينتصر اللعين السفياني في نزاعه مع بعض القيادات في الشام (الأصهب والأبقع) وينتصر عليهم، يرسل قسم من جيشه إلى العراق وقسم آخر إلى المدينة المنوّرة.
والمظنون أنّ جيشه يدخل العراق في النصف الثاني من شهر رمضان، ويبدو أنّ جيشه الجرّار حين يدخل العراق يتشعّب إلى فرقتين: فرقة تدخل الزوراء للقضاء على الدولة العبّاسيّة، وفرقة تذهب إلى الكوفة لإبادة الشيعة، لكن حلمه في القضاء على أتباع أهل البيت واسترقاقهم وسبي نسائهم لن يتمّ كما خطّط له ولن يدوم أكثر من أيّام قلائل، وسيشهد بعدها الانتكاسات ويبدأ العدّ التنازلي لانتصارات جيشه، ففي الكوفة سيكون دحره على يدّ ثلّة مؤمنة وراية هدى موالية (مكوّنة بحسب نصوص عاميّة من مجموعات كوفيّة- بصريّة، وراية شعيب بن صالح) تستنقذ من جيشه السبي والغنائم وتلحق به الهزيمة النكراء وتبيد جمعه الغاشم، وستلاحقه الجموع الأخرى في بقيّة المناطق التي أحدث فيها المجازر المريعة، فتذيقه مرارات الانكسار وغصّة الفرار وتطعمه الحمام.
وأمّا جيشه الذي يرسله إلى المدينة المنوّرة فوظيفته الأساسيّة هي البحث عن الإمام المهديّ عليه السلام واغتياله، لكنّه يفشل في العثور على الإمام وحينها يقدم على إعدام الموالين ونشر الرعب بين النّاس، ويلقي القبض على بعض الهاشمييّن فيقتل بعض ويضع الباقين في الحبس، وبعد بضعة أيّام تتوارد الأنباء وتقاطر التقارير على السفياني تخبره بخروج الإمام من المدينة إلى مكّة، فيأمر جيشه الذي استباح المدينة ومن أكرهه على الخروج مع قائد جيشه بالتوجّه فوراً لملاحقة الإمام المنتظر صاحب الزمان، لكنّه عليه السلام يسلم من مكائدهم ويفلت من دسائسهم ويصل إلى حرم الله الآمن.
نعم، يخرج الإمام المهديّ العلويّ من المدينة على سنّة نبيّ الله موسى عليهما السلام خائفاً يترقّب، حتّى يقدم مكّة، ويظهر أنّ الإمام لن يطول به المقام متخفّياً في مكّة، فبعد أيّام قليلة يأمر أحد مقرّبيه (النفس الزكيّة) بإبلاغ رسالته الدعويّة، ويسرع بالنهوض بتلك المهمّة المقدّسة النفس الزكيّة لإبلاغها إلى أهل مكّة فيُقتل على إثر ذلك ويُستشهد رضوان الله عليه.
ثمّ بعد قتل النفس الزكيّة بخمس عشرة ليلة يبدأ الإمام المهديّ عليه السلام حركته المقدّسة من الحرم الشريف، وفي العاشر من محرّم الحرام يلقي الإمام المهديّ عليه السلام بيانه الأوّل إلى شعوب العالم، ويدعوهم إلى نصرته.
في هذه الفترة أو بُعيدها تقع علامة (الخسف) بجيش السفياني الذي توجّه لملاحقة الإمام القائم عليه السلام، وقد حُدّد موضع هذا الخسف، كما في بعض الأخبار، قرب منطقة ذي الحليفة الواقعة بين مكّة والمدينة.
ولا ريب في أنّ هذه الحادثة الرهيبة المدويّة ستساعد في تعظيم الزخم الإيمانيّ، وكذلك تساهم في إثبات مصداقيّة الإمام وعلوّ شأنه ورفعة مكانته عند البارئ سبحانه.
وبعد علامة الخسف، يتوجّه الإمام المهديّ عليه السلام من مكّة بجيشه المكوّن من بضعة عشر ألفاً إلى المدينة ويتمّ تحرير الحجاز وبلد الحرمين والسيطرة عليه.
ثمّ بعد زمن قصير يتوجّه الإمام الحجّة عليه السلام إلى العراق فيدخله ويقاتل فئات الخوارج ويصفّي أوضاعه الداخليّة، ويتّخذ العراق مركزاً لدولته، والكوفة عاصمة له.
عندما يستقرّ حكم الإمام المهديّ الفاطميّ في العراق وتتحدّد مساراته وتتعيّن منطلقاته يزحف بجيشه وأنصاره نحو الشام لخوض النزال المؤجّل مع السفياني وفلوله قرب منطقة مرج عذراء، قبل القتال تجري بعض المفاوضات بين الطرفين وتنتهي بلا حلول، فتشتعل أوار الحرب ويعلو لهيبها ويُقتل فيها الخبيث السفياني وتهلك معه أتباعه. وبذلك يُسدل الستار على حُكم السفياني لبلاد الشام والذي دام تسعة أشهر بتمامها.
هذا، ولا تتوقّف المعارك بعد مقتل السفياني، بل تبقى مستعرة لمدّة ليست طويلة، بعضها شهوراً، يخوض فيها الإمام المهديّ عليه السلام عدّة نزالات واشتباكات ضدّ أعدائه كالدّجّال وحلفاء الروم ويأجوج ومأجوج، وينزل نبيّ الله عيسى ابن مريم عليهما السلام من السماء ويصلّي خلف خليفة الله الإمام المهديّ المحمّديّ عليه السلام ويكون عيسى مناصراً للإمام ومسانداً للقضاء على خصومه وحاثّاً أتباعه على الاقتداء به، وفي نهاية الأمر تتحقّق الأهداف الإلهيّة وينتصرا سلام الله عليهما على أعّداء الله وأعدائهما وأعداء الإنسانيّة، وتتمّ كلمة ربّنا صدقاً وعدلاً، ويصل نداء الإسلام المحمديّ الأصيل وتعاليمه الحقّة إلى كلّ بيت ومكان ويستتّب الأمن والأمان وينتشر العدل والرفاهيّة والعلم وتنزل الخيرات والبركات لتعمّ أهل الأرض وأهل السموات.
ولا يفوتني قبل إغلاق المبحث من التذكير بأنّ بعض الوثائق المعصوميّة تشير إلى أنّه في العصر المهدويّ المبارك تتأكّد مسألة أو عقيدة الرجعة، وتنطلق رحلات فضائية إلى الكواكب الأخرى وتحدث مرحلة انفتاح سكّان الأرض على سكّان تلك الكواكب.
كما أودّ تقديم الشكر للأخ العزيز دكتور شامل هادي على ملاحظاته المفيدة. 
في الختام نرجو أن تكون هذه الورقة وافية بالغرض وشافية لمن يسعى لنيل معرفة مقتضبة عن المسارات المهدويّة في عصر ظهور بقيّة الله صاحب الناحية.
اللهّم ثبتّنا على دينك وولاية أنبيائك وأوليائك والبراءة من أعدائهم، وارزقنا شفاعة نبيّك وآله صلواتك عليهم وسلامك، وأحسن عاقبتنا وأحفظ أهلنا وأُمّتنا واخذل أعدائنا وشافي مرضانا وأرحم أمواتنا، واهدي عبادك ومحبّي العدل والصلاح إلى طريق الحقّ والفلاح يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.

جعفر البصري
العاشر من شهر رمضان 1441 هـ - 5/5/2020 م.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر صادق البصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/05



كتابة تعليق لموضوع : نبذة مختصرة عن عصر ظهور خاتم العترة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : جعفر صادق البصري ، في 2020/05/06 .

وعليكم السلام سيدنا شكرا لكم ونسأل الله أن يجعلنا من أنصار وخدام أهل البيت عليهم السلام ونسألكم الدعاء

• (2) - كتب : حكمت العميدي ، في 2020/05/05 .

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته جزاك الله خيرا على هذه الكلمات الرائعة عن سيرة الإمام المهدي عجل الله فرجه وجعلنا من انصاره




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net