صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

شبهات عن وصف المسيح بأنَّهُ كلمةُ الله
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وردت في القرآن الكريم الإشارة الى أنَّ المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) هو (كلمة من الله) بقوله تعالى: ((إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ))[1].

وفي آية أخرى انَّه (كَلِمَتُهُ)) بقوله تعالى: ((يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً))[2].

وكون المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) موصوف في القرآن الكريم بأنَّه كلمة الله سبحانه لأنه خلقه بطريقة إعجازية كما خلق آدم (عليه السلام)، وليس عن طريق قانون التناسل الطبيعي الذي وضعه الله تبارك وتعالى للبشر. قال تعالى: ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ))[3].

وفي المسيحية، نقرأ في الإنجيل المنسوب الى يوحنا (1: 1-4) النص التالي: (في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس). ويقولون ان المقصود بالكلمة في هذا النص انه "المسيح يسوع" ويستفيدون من النص انه ازلي وانه الله نفسه وانه هو خالق الكون!

ثم ظهر بعض المسيحيين قديماً وحديثاً ليطلقوا الشبهات بين المسلمين ان المسيح هو كلمة الله وانه بهذا الوصف هو ازلي وانه قد ورد في القرآن بهذه التسمية فهي إذن تسمية ملزمة للمسلمين وانه لذلك إله حق!!

ونتناول في هذا المقال شبهات مستلَّة من مقال للمرتد رشيد حمامي (الأخ رشيد) منشور بعنوان (ما معنى المسيح كلمة الله؟) مبينين الأخطاء الفكرية التي وقع فيها، بمشيئة الله عزَّ وجلّ.

 

 

شبهة 1- يتفق المسلمون والمسيحيون على أن المسيح كلمة الله!

الجواب: الاشتراك اللفظي لا يعني الاشتراك بالمفهوم. فكم من من لفظ يصبح لدى كل جماعة او شخص مفهوم خاص به او يقصد به تعبيراً محدداً يختلف عن سواه. فعلى سبيل المثال في الغنوصية (الصوفية) مصطلح (وحدة الوجود) وكل غنوصي يفهمه بشكل مختلف تبعاً للدين والفكر الذي يحمله. ولذلك نجد أنَّ المسلمين يقولون ان معنى وصف المسيح بأنَّه (كلمة الله) أي كلمة مخلوقة من قبل الله سبحانه ، فقد خلقه الله تبارك وتعالى بصورة إعجازية، بدون أب، ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ))[4]، وليس عن طريق التناسل البشري الطبيعي. بينما في مسيحية يقولون إنَّ معنى أنَّ المسيح هو (الكلمة) أي أنّه الأقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة المكونة للإله، وهي عندهم ثلاثة أقانيم مشتركة في الجوهر وذات شخصيات مختلفة ومستقلة فيما بينها! فشتّان بين المعنى الاسلامي والمعنى المسيحي للقول ان المسيح هو كلمة الله.

 

 

شبهة 2- في صحيح مسلم عند المسلمين نجد تصريحا مباشراً بأن المسيح كلمة الله، حيث يقول في حديث الشفاعة أن الناس يأتون نبي الله موسى ليطلبوا الشفاعة منه فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، كَلِمَةِ اللَّهِ وَرُوحِهِ (صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها)!

الجواب: نعم المسلمون يقولون بأن المسيح (كلمة الله) بالمعنى الذي ذكرناه آنفاً، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، وليس في حديث صحيح مسلم وحده. ولكن في الواقع ليس عيسى المسيح (عليه السلام) وحده هو كلمة الله بل إنَّ إنَّ كلّ ما خلق الله سبحانه هو كلمة الله. وإنما تم التركيز في القرآن الكريم على ذكر المسيح وحده لكثرة المشركين به من المسيحيين اتباع بولس الذين يقولون عنه انه الله وابن الله، تعالى الله عمّا يصفون. وليقول الله لهم ان المسيح مجرّد كلمة، ما أهون ان يقرِّرُها الله سبحانه كما خلق الكون كلّه وهو عليه هيّن. قال تعالى في سورة مريم (عليها السلام): ((قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِياًّ (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ)). وقال تعالى في سورة الروم: ((وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (27) )).

فهي اشارات واضحة الى أنَّ المسيح مخلوق من مخلوقاته سبحانه. ويؤكد سبحانه هذه الحقيقة بقوله تعالى في سورة المائدة: ((لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) )).

 

 

شبهة 3- يقول الإنجيل برواية يوحنا: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله" (إنجيل يوحنا 1 الآية 1)، ثم يقول أيضا: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا (يعني الكلمة تجسد في شخص المسيح) وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ (إنجيل يوحنا 1 آية 14)!

الجواب: تمام النص في انجيل يوحنا (1: 1-5): (في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة، والحياة كانتئ نور الناس، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه)! ولا يخفى أنَّ في هذا النص مشكلتين كبيرتين يجب حلّهما قبل الدخول في مناقشة فحواه. المشكلة الاولى تتمثل في مجهولية كاتب النص، والثانية تتمثل في اختلاف المخطوطات القديمة في كتابة بعض مواضع هذا النص!

فأما مجهولية كاتب النص، فقد اختلف علماء المسيحية من هو يوحنا كاتب الإنجيل الذي بأسمه[5]!! فأمّا يوحنا الذي يقول التقليد المسيحي انه كاتب الانجيل الذي بأسمه والرسائل والرؤيا فيقولون انه يوحنا بن زبدي، وقد ورد اسمه في إنجيل يوحنا (21: 2) حيث جاء النص التالي: (كان سمعان بطرس، وتوما الذي يقال له التوأم، ونثنائيل الذي من قانا الجليل، وابنا زبدي، واثنان آخران من تلاميذه مع بعضهم). فلو كان يوحنا بن زبدي هو كاتب الإنجيل لأشار الى نفسه!

واما اضطراب المخطوطات بخصوص هذا النص الذي "يفتخرون" به، تعالوا نقرأ المكتوب فيه، وننقله من طبعة الكتاب المقدس الصادرة عن (Arabic Bible: Easy-to-Read Version (ERV-AR)) وفيها: (فِي البَدْءِ كانَ الكَلِمَةُ مَوْجُوداً، وَكانَ الكَلِمَةُ مَعَ اللهِ، وَكانَ الكَلِمَةُ هُوَ اللهَ. 2 كانَ الكَلِمَةُ مَعَ اللهِ فِي البَدْءِ. 3 بِهِ خُلِقَ كُلُّ شيءٍ، وَبِدُونِهِ لَمْ يُخلَقْ شَيءٌ مِمّا خُلِقَ. 4 فِيْهِ كانَتِ الحَياةُ. وَهَذِهِ الحَياةُ هِيَ الَّتِي جاءَتْ بِالنُّورِ لِلبَشَرِ. 5 يَسْطَعُ النُّورُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تَهزِمْهُ[6])!!

ويعلقون على كلمة (لم تهزمه) في هامش الصفحة فيقولون: (ﻳﻮﺣﻨﺎ 1:5 تهزمه. أو «تفهمه.»)[7]! أي ان المخطوطات القديمة بعضها ورد فيها كلمة (تهزمه) وبعضها كلمة (تفهمه)! أو ان الكلمة اليونانية المكتوبة فيها تحتمل الترجمتين!! والمقصود ان الظلمة لم تفهمه!!! هل هذا كلام مفهوم ؟!! هل الظلمة تفهم الاشياء[8]!!! وفي ترجمة مارتن لوثر الشهيرة أيضاً ترجمها (لم تفهمه)! حيث كتبها: (und die Finsternis hat's nicht begriffen)[9].

بل ان ما ورد في بداية الانجيل قوله (فِي البَدْءِ كانَ الكَلِمَةُ مَوْجُوداً) اي ان هناك (بداية)، بينما الله سبحانه وتعالى ازلي ليس له بداية ولا يوصف بالبداية، فإذا كان انجيل يوحنا فيه هذا الوصف فهو دليل على عدم ازلية المسيح أو ان انجيل يوحنا ليس وحياً إلهياً!! فلماذا إذن يلومون آريوس الذي كان يقول ان المسيح مخلوق وانه به خلق الله العالم كما قرأناه قبل قليل في يوحنا (1: 3): (بِهِ خُلِقَ كُلُّ شيءٍ)!! ثم يعادون آريوس واتباعه ويصفونهم بالهرطقة وهو لم يأت بغير ما جاء به انجيل يوحنا!! بينما في المزامير (90: 2) نقرأ: (من قبل ان تولد الجبال أو ابدأت الارض والمسكونة، منذ الازل الى الابد أنت الله). فوصفه بالازلية، لا بداية ولا نهاية. فيكون العهد القديم في هذه النقطة اكثر دقة من العهد الجديد أو يعترفون بعدم ازلية المسيح كما هو حال الآريوسيين.

في موقع الانبا هيمانوت نقلوا كلام القمص تادرس يعقوب ملطي[10] في تفسيره لأنجيل يوحنا حيث قال: (يقول القديس أغسطينوس أن صديقه سمبليشيوس Simplicius أخبره بأن فيلسوفًا أفلاطونيًا قال بأن هذه العبارات التي جاءت في بداية إنجيل يوحنا تستحق أن تُكتب بحروفٍ من ذهبٍ)[11]! هل تعرفون لماذا قال الفيلسوف الافلاطوني هذا الكلام؟ لأن الافلاطونيين يؤمنون بأن الإله صدر عنه صادر واحد ووحيد هو الصادر الاول، وهذا الصادر الاول والوحيد هو الذي خلق الكون وكل شيء، فالصادر الاول هو الخالق ويسمونه العقل الأول من العقول العشرة عندهم!! وهي نفس النظرية الصوفية الغنوصية المنتشرة والتي اخترقت جميع الاديان. فعندما قرأ هذا الفيلسوف الافلاطوني في بداية انجيل يوحنا ان هناك بداية للكلمة، وان هذه الكلمة خلقت كل شيء، اعجب بهذا الكلام لأنه يطابق فلسفته والتي اخذ منها آريوس عقيدته. وقد طرب القديس أغسطينوس لكلمات ذلك الفيلسوف الافلاطوني دون ان يعرف حقيقة مقصده[12]!!

ونكتة أخرى متعلقة بهذا النص في بداية انجيل يوحنا تكشف لنا عن تحريف في ترجمة النص، فقولهم: (وَكانَ الكَلِمَةُ هُوَ اللهَ) وفي ترجمات أخرى: (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهُ)! كما في الترجمة الصادرة عن (Ketab El Hayat (NAV))[13]! في حين ان النص الأصلي يذكر: (وكان الكلمة إله) بدون (ال) التعريف!! فهو فقط إله وليس الإله! وقد كشف شهود يهوه هذا التحريف حينما ترجموا النص في طبعة الكتاب المقدس الصادرة عنهم والمسماة (العالم الجديد) حيث جاء فيها في بداية انجيل يوحنا: (فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ،‏ وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللهِ،‏ وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ إِلٰهًا)[14].‏ ونفس ترجمتهم باللغة الانجليزية نقرأها:

(In the beginning was the Word, and the Word was with God, and the Word was a god)[15].

اما ترجمة مارتن لوثر الالمانية فشيء مختلف حيث كتبها:

(Im Anfang war das Wort, und das Wort war bei Gott, und Gott war das Wort)[16].

أي: والإله كان الكلمة. بدلاً من: الكلمة كانت الإله!!

وفي ترجمة المانية اخرى كتبوها: (und das Wort war Gott selbst)[17]! أي: الكلمة كانت الإله نفسه!

إذن نص انجيل يوحنا بخصوص الكلمة، لا يمكن الاعتماد عليه!

 

فهذا النص المسيحي يتحدث عن إنَّ "المسيح هو الخالق!" حيث في إنجيل يوحنا (1: 3): (كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان)! و في (1: 10): (كان في العالم وكُوّن العالم به) فيكون المسيح هو الخالق!! وليس الأب.

وفي التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: (يسوع المسيح هو خالق الحياة)[18]! وفيه أيضاً: (مع ان المسيح هو خالق العالم، لم يعرفه الناس الذين خلقهم "10:1")[19]!

وكذلك قال البابا شنودة الثالث زعيم الكنيسة القبطية: (لا شَك أن الخالق هو الله. وقصة الخليقة تبدأ بعبارة "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تك1: 1). والإصحاح الأول من سفر التكوين يشرح كيف خلق الله كل شيء. وفي سفر إشعياء يقول الله "أنا الرب صانع كل شيء، ناشر السموات باسط الأرض" (اش44: 24). " أنا الرب صانع كل هذه" (اش45: 7).

1- ومع ذلك هناك آيات في الكتاب تذكر أن المسيح هو الخالق:

أ- (يو1: 3) يقول يوحنا الإنجيلي عن السيد المسيح " كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان " وهنا لا يذكر فقط أنه الخالق، إنما أيضًا بغيره ما كانت هناك خليقة. ويقول أيضًا " كان في العالم، وكون العالم به" (يو1: 10)..

ب- (عب1: 1) ويقول بولس الرسول " الذي به عمل العالمين".

ج- (كو1: 16) ويقول أيضًا " فإن فيه خلق الكل، ما في السموات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء كانوا عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق.

د- (1كو8: 6) ويقول أيضًا " به جميع الأشياء ونحن به".

فدائما تجد الإرتباك بين نصوص العهد الجديد وعقيدة علماء المسيحيين، لأنهم يحاولون عقلنة عقيدتهم فتصطدم تلك العقلنة مع النصوص الموروثة)[20]!! انتهى.

بينما في قانون الايمان القبطي نفسه يقول: (نؤمن بإله واحد – الله ألآب ضابط الكل – خالق السماء والأرض – ما يرى وما لا يرى – نؤمن بربٍ واحد يسوع المسيح – ابن الله الوحيد – المولود من ألآب قبل كل الدهور – نور من نور – إله حق من إله حق – مولود غير مخلوق – مساوي للآب في الجوهر – الذي به كان كل شيء – هذا الذي من أجلنا نحن البشر – ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس، ومن العذراء مريم وتأنس – وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي إلخ)[21]! فنلاحظ في قانون الإيمان أنَّه يقول إنَّ الأب هو الخالق، ويعود ليقول عن المسيح: (الذي به كان كل شيء)!!؟ فهو إرتباك واضح فيمن هو خالق السموات والارض!! بينما الموضوع محسوم عند الآريوسيين وشهود يهوه كما ذكرنا آنفاً!

فالكلمة، عندهم، موجودة منذ البدء وكانت مع الله وهي الله وبها خلق الله كل شيء!! فكيف تكون مع الله وهي الله نفسه، وفي نفس الوقت!! ثم يعودون ليقولوا لنا ان المسيح هو فقط أقنوم ثاني في الذات الإلهية!! فهل الأب اي الاقنوم الاول هو الذي خلق الخلق بواسطة الاقنوم الثاني أم تفرّد الأقنوم الثاني بالخلق أم إنَّ الاقانيم الثلاثة هي التي خلقته لأن ثلاثتها هي الإله؟!! متاهات متاهات متاهات!!!

واما ما جاء في انجيل يوحنا (14:1) المشار اليه في نص الشبهة: (والكلمة صار جسدا وحل بيننا، ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد من الآب، مملوءا نعمة وحقا)! فهي دعوى لا تصدر عن عالم لأنها متعارضة مع العقل، ووجودها في إنجيل يوحنا ضمن اسفار العهد الجديد قد يعطيها الشرعية الدينية بالنسبة للمسيحيين لكن في الحقيقة هي غير متناغمة مع العقل ولا خاضعة لمقاييسه بل هي عبارةٌ بالضدِ منه. فمن جانب يقولون ان الكلمة أزلية ومن جانب يقولون بتحولها الى جسد مادي، في حين إنَّ الفناء من صفات المادة! فهل كانت مادية الجسد أزلية! بالطبع لا، لأن المادة إذا كانت أزلية فهي إذن إله أيضاً!! والملحدون يحبون فكرة ان تكون المادة أزلية دون أن يدركوا انها إعتراف بأنها أيضاً إله!

وإذا لم يكن جسد المسيح أزلياً فهل تخلى عنه الآن بعد صعوده الى السماء؟!

فإن تخلى عنه فكيف إذن تقول بعض الكنائس المسيحية (بعض مذاهبهم) انه الآن متكون من طبيعين ناسوت ولاهوت غير ممتزجتين وغير منفصلتين، وبعض الكنائس الأخرى (بعض المذاهب الأخرى) تقول ان المسيح ذو طبيعة واحدة تجمع الناسوت مع اللاهوت ولكن بلا امتزاج ولا انفصال! ودخلوا في تكفير بعضهم البعض (هرطقة بعضهم بعضاً) بسبب هذه العقائد، وهم لا يعلمون ان المسيح قد تخلى عن الناسوت بعد ارتفاعه الى السماء!! إذن هذا الفرض لا يقبل به أي مسيحي عاقل مهما كان مذهبه أو كنيسته.

وإن لم يتخلَّ عنه فهذا معناه ان المادة دخلت في منظومة الجوهر الإلهي لأنها أصبحت جزءاً من الأقنوم الثاني وهم فعلاً يقولون بأنَّه متكون من ناسوت ولاهوت! فهو إعتراف بأن الإله أصبح مركبّاً، وما كان مركباً من اجزاء يعني احتياج بعض أجزائه لبعض، وما كان كذلك لا يكون ازلياً، لا من حيث التركيب ولا من حيث التغيُّر! فالإله لا يمكن أن يكون مركباً ولا متغيراً لأنَّ هاتين الصفتين من صفات المحدثات لا من صفات الأزلية.

 

 

شبهة 4- لا يفسر لنا القرآن معنى كون المسيح كلمة الله، ولذلك احتار المفسرون المسلمون في معناها!

الجواب: هذا وهم من بعض المفسرين المسلمين في فهمهم للقرآن الكريم، فالقرآن الكريم واضح في ان معنى (كلمة الله) هو إنَّ المسيح مخلوق هيّنٌ خلقهُ على الله تبارك وتعالى. واما تخبط بعض المفسرين فهو نابع من اهمالهم التمسك بحديث الثقلين، وهو القول المروي عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله عزَّ وجلَّ حبل ممدود، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)[22].

 

 

شبهة 5- (كلمة الله) لقب خاص بالمسيح وحده ولا شخص غيره!

الجواب: ذكرنا فيما سبق أنَّ وصف (كلمة الله) على المسيح هو وصف وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم وهو يصف المنزلة الحقيقية للمسيح (عليه السلام) من حيث كونه مخلوقاً وأنَّه بشر، مَثَلُهُ كمَثَلِ آدم (عليه السلام)، وأنَّ جميع مخلوقات الله سبحانه هي كلماته، وإنما تمت الإشارة إليه وحده بهذا اللقب في القرآن الكريم لكثرة ما اشرك به أتباع بولس حين غلو في حقه ورفعوه الى مرتبة الإلوهية. أمّا وصف (كلمة الله) في المسيحية فالنص مضطرب فيها، كما بيّناه آنفاً.

 

 

شبهة 6- آدم خلق بكلمة "كن"، ولا نسمي آدم كلمة الله، وأول خنزير خلق في البداية بكلمة "كن" فهل نسمي الخنزير كلمة الله؟ الشيطان أيضا خلق في البداية بكلمة "كن" فهل يمكن أن نقول عن الشيطان أنه كلمة الله؟ لا يمكن، وبالتالي يستحيل أن يكون معنى كلمة الله أنه مخلوق بكلمة كن، لأن العالم كله وجد بكلمة كن كما يصرح بذلك القرآن "بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (البقرة 117) فهل الأرض كلمة الله؟ هل السموات كلمة الله؟ لو كان معنى كلمة الله هو المخلوق بكلمة كن لكان العالم كله يسمى كلمة الله لأنه خلق بكلمة بكن، لكننا نجد أن المسيح وحده فقط يدعى كلمة الله ولا أحد غيره على الإطلاق. ما هو معنى كلمة الله، إذن!

الجواب: نعم آدم ابو البشر، عليه السلام، هو أيضاً كلمة الله، واول خنزير وأول مَلَك وأول جن وأول افعى...إلخ، كلها كلمات الله، والعالم كله كلمات الله. ولكن القرآن الكريم ركّز على ذكر أنَّ المسيح عليه السلام هو (كلمة من الله) لعِظَم الفرية التي افتراها بولس واتباعه حيث جعلوا منه، وهو البشر الفاني الهَيّنٌ خلقُهُ، شريكاً لله - تعالى عمّا يصفون - في الخَلق والإلوهية!!

ومما يؤيد ما ذهبنا إليه آنفاً، إنَّ العديد من علماء المسلمين ذكروا ان كلمات الله هي مخلوقاته، وكما في النصوص التالية:

قال الشيخ الطبرسي: (وقيل: أراد بالكلمات ما يقدر سبحانه على أن يخلقه من الأشياء ، ويأمر به، كما قال في عيسى عليه السلام: ((وكلمته ألقاها إلى مريم)) )[23].

وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم . ولابد من الإشارة هنا إلى بضع مسائل: 1 - في هذه الآية وفي آيتين أخريين يوصف المسيح بأنه "الكلمة" وهو تعبير موجود في كتب العهد الجديد أيضاً. كلام المفسرين كثير في بيان سبب إطلاق هذه الكلمة على المسيح. إلا أن أقربها إلى الذهن هو ولادة المسيح الخارقة للعادة والتي تقع ضمن: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. أو لأن البشارة بولادته قد جاءت في كلمة إلى أمه. كما أن لفظة "الكلمة" وردت في القرآن بمعنى "المخلوق": قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا. ففي هذه الآية "كلمات ربي" هي مخلوقات الله. ولما كان المسيح أحد مخلوقات الله العظيمة فقد سمي بالكلمة، وهذا يتضمن أيضا رداً على الذين يقولون بإلوهية المسيح (عليه السلام))[24].

وقال في موضع آخر: ((كلمات) جمع كلمة ، وهي في الأصل تعني الألفاظ التي يتم التحدث بها، أو بعبارة أخرى : الكلمة لفظ يدل على المعنى، وبما أن كل موجود من موجودات هذا العالم هو دليل على علم وقدرة الخالق ، لذا فإنه يطلق في بعض الأحيان على كل موجود اسم (كلمة الله) ويختص هذا التعبير أكثر بالموجودات المهمة العظيمة. فبالنسبة للمسيح عيسى (عليه السلام) يقول القرآن الكريم : إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم. وفي الآية التي نبحثها فإن ( كلمة ) قد استخدمت بهذا المعنى، أي إشارة إلى موجودات عالم الوجود التي تدل كل واحدة فيه على الصفات المختلفة لله تبارك وتعالى. وفي الحقيقة إن القرآن يلفت أنظارنا في هذه الآية إلى هذه الحقيقة وهي : لا تظنوا أن عالم الوجود محدود بما تشاهدونه أو تعلمونه أو تحسونه، بل هو على قدر من السعة والعظمة بحيث لو أن البحار تتحول إلى حبر ، وتكتب صفاته وخصائصه ، فإنها - أي البحار - ستجف قبل أن تحصي موجودات عالم الوجود)[25].

وقال الكحلاني في سبل السلام: (والكلمات هي معلومات الله ومقدوراته وهي لا تنحصر وهي لا تتناهى ، ومدادها هو كل مدة يكتب بها معلوم أو مقدور وذلك لا ينحصر فمتعلقه غير منحصر كما قال تعالى: (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي )) )[26].

وقال الشيخ محمد عبدة في شرحه لنهج البلاغة: (و المراد بالكلام هنا ما أريد في قوله تعالى "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد" الآية، وهو على ما قال بعض المفسرين أعيان الموجودات)[27].

وقال الشيخ عبد السميع الحلي: (وكما يطلق الكلام على ما ذكرناه ، كذا يطلق على مجموع الكائنات ، فإنه سبحانه قد سمى بعض مخلوقاته بالكلمات ، ولهذا قال تعالى ( وكلمته ألقاها إلى مريم ) وقد ورد في الحديث: أن كلمات الله التامة هم الأنبياء والأولياء). ثم قال قدس الله روحه: (وإذا علم هذا من جهة النقل ، جاز للعقل أن يسمي كل موجود كلمة)[28]. وهناك رأي آخر أنَّه ليس جميع الموجودات يطلق عليها (كلمة) بل فقط الكُمَّل من الأولياء والأنبياء ( عليهم السلام)، وقد علَّق الشيخ الماحوزي على النص السابق بقوله: (وما ذكره جيد الا أنه ينبغي أن نعلم أنه لم يوجد في النقل اطلاق كلامه على سائر الموجودات، ولا تسمية كل موجود كلمة ، بل إنما يطلق الكلمة على الكمل من الأولياء والأنبياء كعيسى (عليه السلام))[29]. وهذا الرأي أيضاً محترم وإن كنّا نميل الى الرأي الأول، ولكن حتى وفقاً لرأي الشيخ الماحوزي فليس المسيح (عليه السلام) وحده يُطلَق عليه (كلمة الله) بل كلَّ كامل من الأنبياء والأوصياء (صلوات الله عليهم)، وهو ما يبطل شبهة المسيحيين وعقيدتهم.

وما ذكرناه آنفاً هي آراء لعلماء مسلمين من أهل السنة والشيعة الإمامية، لكيلا يقال انها آراء تفرّد بها طرف دون آخر.

 

 

شبهة 7- أصل كلمة (الكلمة) يوناني، وتلفظ باليونانية اللوغوس Λούος وهو يعني العقل والكلام ومن هذه الكلمة اشتقت العديد من المرادفات اليوم: المنطق اشتق من هذه الكلمة، ولذلك يسموه لوجيك Logic من اللوغوس ... وعند الفلاسفة اليونان كان اللوغوس يعني العقل الكوني، حيث تقول الموسوعة البريطانية مثلا: "اللوغوس في علم اللاهوت وفي الفلسفة اليونانية يعني المنطق الإلهي الموجود ضمنا في الكون، ينظمه ويعطيه شكلا ومعنى" (الموسوعة البريطانية Logos).... وبناء عليه، خاطب الإنجيل الناس حينها بالمفهوم الفلسفي اليوناني الذي كان سائدا بينهم، وكأنه يقول لهم: هذا اللوغوس الإلهي، هذا العقل الإلهي المنظم للكون صار جسدا وحل بيننا وهو المسيح نفسه؛ فالمسيح هو كلمة "كن" نفسها هو المنطق والكلام الإلهي الذي خلقت به كل الكائنات، وهذا المعنى تؤكده اللغة اليونانية والفلسفة اليونانية أيضا. لذلك، يؤكد الإنجيل هذه الحقيقة: في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله... كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان.... والكلمة صار جسدا وحل بيننا، ورأينا مجده (إنجيل يوحنا الإصحاح الأول / الآيات 1 و3 و14)!

الجواب: هذه الشبهة تحاول اعطاء الموضوع بعداً علمياً ولغوياً وهمياً، ففي كل لغة هناك لفظ لكلمة (الكلمة) يختلف عن اللغة الأخرى، فإذا كانت في اليونانية تعني (اللوغوس) فهي في الانكليزية (وورد word) وفي الفرنسية (مو mot)، وفي الألمانية ڤوت (wort)، وفي الروسية (سلوفا слово)! فلا معنى لأن تكون في اليونانية (لوغوس Λούος) إنما هو مجرّد لفظ. فالمفهوم الذهني للكلمة هو الذي يعطي البعد الفكري للكلمة، وليست لفظها!

وواضح تأثر كاتب إنجيل يوحنا بالفلسفة اليونانية آنذاك، فالنص يفيد المعطيات التالية:

ـ (في البدء كان الكلمة)، إذن الكلمة لها بداية وليست أزلية، فهي مخلوقة.

ـ (كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان): بالكلمة كان خلق الكون وكل الأشياء، إذن هو واسطة الخلق، وكما يقول الفلاسفة اليونانيين القدماء: الصادر الأول، حيث يقولون (الواحد لا يصدر عنه الا واحد)! اي ان الإله صدر عنه شيء واحد فقط وهذا الشيء الذي هو الصادر الأول خلق جميع الأشياء والكون.

وفي قاموس الكتاب المقدس: (كلمة: استعمل (يو 1:1-14 و1يو1:1 ورؤ 13:19) هذه اللفظة (بصيغة المذكر) للدلالة على السيد يسوع المسيح فإنَّه لله الذي ظهر متكلمًا معلنًا نفسه. وقد استعمل الفيلسوف فيلو لفظة الكلمة (لوغوس، لوجوس) غير أنه قصد بها وسيطًا بين لله والعالم وليس شخصاً، أما المسيح فهو لله المتجسد وهو شخص داخل التاريخ وعاش وعمل وصلب ومات ودفن وقام في حقبة معينة واضحة معروفة كل المعرفة)[30]. والفيسلسوف فيلو الاسكندري ولد 20ق.م وتوفي 50م، أي انه عاصر ظهور مسيحية بولس!

فكل ما ذكرناه آنفاً من كون الكلمة مخلوقة ولها بداية وانها خلقت الكون والأشياء جميعها، موافق لعقيدة آريوس الذي كان يرفض أزلية المسيح ويقول عنه انه واسطة الخلق، وانه هو الخالق للعالم رغم عدم أزليته. فلماذا إذن اتهموا آريوس بالهرطقة ونصوص إنجيل يوحنا واضحة التأييد لعقيدته؟!

فهذا النص في انجيل يوحنا يعطي الشرعية لعقيدة آريوس الذي اعتبرته بقية الكنائس المسيحية من الهراطقة! وهي نفس العقيدة الحالية للمسيحيين في كنيسة شهود يهوه.

 

 

شبهة 8- من غير المعقول أن يكون كلمة الله مستحدثا فكلمة الله أزلية بأزلية الله، هل يعقل أن يكون الله موجودا بدون كلمته؟ لذلك، قال الإنجيل "في البدء كان الكلمة" يعني هو البدء لا شيء قبله، وبما أن الكلمة هو الكلام الإلهي نفسه وهو المنطق الإلهي نفسه فمن غير المعقول أن يكون مخلوقا، فكلمة كن تَخلق وليست مخلوقة، كذلك الكلمة خالق وليس مخلوقا، والمنطق الإلهي خالق وليس بمخلوق، والعلم الإلهي خالق وليس بمخلوق، ولذلك قال الإنجيل: "وكان الكلمة الله" إذن بمجرد أن يقول المسلم أن المسيح هو كلمة الله فهو في الحقيقة يقول عنه أنه خالق الكون وأنه هو الله نفسه، ولا تفسير آخر لمعنى كلمة الله!

الجواب: الظاهر ان صاحب هذه الشبهة مشوَّش الفكر بخصوص صفات الله عزَّ وجلّ، كما انه لا يعرف معنى ما يقوله!

فكون المسيح كلمة الله لا يعني ان يكون المسيح أزلياً، وإلا لو كان المسيح أزلياً لكونه كلمة الله لأصبح العالم كله ازلياً لأنه أيضاً مخلوق بكلمات الله، كن فيكون، ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ))[31].

وكلمة الله بل كل كلام الله سبحانه ليس من صفات الله، بل من أفعاله سبحانه، ولذلك فكلامه ليس ملازماً لأزليته جلَّ جلاله.

 

 

شبهة 9- المسيح هو الشخص الوحيد الذي سمي كلمة الله، فهل يعقل أن يُدعى المسيحيون مشركين لمجرد أنهم قالوا إن الكلمة الأزلي خالق وليس بمخلوق!

الجواب: وضّحنا آنفاً أن المسيح ليس أزلياً ولا كلمات الله أزلية. وحتى إنَّ الادعاء بأن المسيح هو خالق الكون لا يتعارض وفقاً لبعض المباني الفلسفية مع كون المسيح مخلوق في نفس الوقت، كما في نظريتهم عن الصادر الإول وأنَّ الإله الواحد لا يصدر عنه إلا واحد! فيكون المسيح هو الصادر الأول ثم صدر عن المسيح الكون، كما هي عقيدة الآريوسيين وشهود يهوه!! رغم ان هذا الهراء كله لا دليل عليه من نقل او عقل! وفي المقابل حاول بعض الصوفية من المسلمين اقتباس النظرية نفسها وطبقوها على الاسلام بأسم "الحقيقة المحمدية" وانها هي الصادر الاول والخالقة للكون!! وهذا كله وهم وهراء!

والمسيح (عليه السلام) تمت الإشارة إليه في القرآن الكريم بأنَّه كلمة الله، وسبق ان بيّنا انه لا اختصاص بتسميته بالكلمة بأنَّه ابن الله تعالى عمّا يصفون، فالموضوعان مختلفان. بل ان تسميته بالكلمة تأكيد على انه خُلِقَ مباشرة من الله سبحانه بمعجزة، كما كان خَلْقُ آدم (عليه السلام) بمعجزة، ولم يُخلَق عن طريق التناسل الطبيعي للبشر.

والحمد لله رب العالمين.

 


الهوامش:

 

[1] الآية (45) من سورة آل عمران (عليهم السلام).

[2] الآية (171) من سورة النساء.

[3] في الآية (59) من سورة آل عمران (عليهم السلام).

[4] سورة يس الآية 82.

[5] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج1 ص(536-539).

[6] في ترجمات اخرى يكتبونها: لم تدركه!!

[7] عبر الرابط: https://bit.ly/2WYFCDT

[8] في احد المواقع المسيحية التي تشرح هذه العبارة يقولون: (ليس من السهل ترجمة الفعل اليوناني هنا. فالكلمة تحمل فكرة تمسك الشخص بشيء ما إلى أن يمتلكه وقد يعني ’تغلغل الفكرة بالرأس‘ وثم ’السيطرة على الشخص.‘ فالفعل الذي نناقشه هنا يعني ’الغلبة‘ وهو معنى نادر للغاية ولكنه المعنى المقصود هنا). وهذا التفسير يزيد الامر غموضاً!!

انظر الرابط: https://bit.ly/2ZZ30mm

[9] عبر الرابط: https://bit.ly/304rtHj

[10] في نفس الموضع يطلق القمص تادرس يعقوب ملطي على المسيح وصف: (الابن الوحيد الجنس)!! وينسبها ايضاً للقديس يوحنا الذهبي الفم!!؟

[11] موقع الأنبا تكلا هيمانوت، تراث الكنيسة الآرثوذكسية القبطية، عبر الرابط: https://bit.ly/30MzBuT

[12] يقول نسطور مؤسس كنيسة النساطرة المسيحية: (إنني أفكر كثيرا في أفلوطين وفي مصر فأرى أن كثيرا من أصول الديانة أتت من هناك لا من هنا!!!)، انظر: موقع مجلة السريان، مقال بعنوان (النســاطرة ( او المذهب النسطوري المسيحي ))، عبر الرابط: http://www.syriac-union.com/?p=347

ويعتبر افلوطين احد ابرز ممثلي الأفلاطونية المُحْدَثَة.

[13] عبر الرابط: https://bit.ly/2WVMZvI

[14] عبر الرابط: https://bit.ly/2OSFuRM

[15] عبر الرابط: https://bit.ly/3jBhQHP

[16] عبر الرابط: https://bit.ly/32Vspzi

[17] صادرة عن (Hoffnung für Alle (HOF))، عبر الرابط: https://bit.ly/3hFdTQz

[18] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص2168.

[19] المصدر السابق – ص2169.

[20] مقال بعنوان: (كتاب لاهوت المسيح - البابا شنودة الثالث - 11- قدرته على الخلق)، منشور في موقع الانبا تكلا همانوت القبطي الىرثوذكسي، عبر الرابط:

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/13-Lahout-El-Masi7/Divinity-of-Christ-11-CH02-01-Creation.html

[21] موقع الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، مقال تحت عنوان (قانون الإيمان المقدس الأرثوذكسي)، عبر الرابط:

https://st-takla.org/Prayers-Slawat/Pray-Archive-11-20/Coptic-Prayer-14-Coptic-Faith-Canon_.html

[22] كمال الدين وتمام النعمة / الشيخ الصدوق (متوفى 381هـ) / تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري / مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة / طبعة سنة 1405هـ - ص235.

وفي رواية الترمذي: (اني تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما). أنظر: سنن الترمذي المتوفى (279هـ) / تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان / دار الفكر في بيروت / الطبعة الثانية، 1983م - ج5 ص329.

[23] تفسير مجمع البيان / الشيخ ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي / مؤسسة الأعلمي للمطبوعات في بيروت / الطبعة الأولى، 1995م - ج 6 - ص 395

[24] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل / الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج2 ص499 و500

[25] المصدر السابق - ج9 ص389 و390

[26] سبل السلام / محمد بن اسماعيل الكحلاني المشهور بالأمير الصنعاني/ مراجعة وتعليق الشيخ محمد عبد العزيز الخولي / شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر / الطبعة الرابعة، 1960م - ج4 ص217.

[27] نهج البلاغة / خطب الإمام علي (ع) / شرح الشيخ محمد عبدة / دار الذخائر في قم المشرّفة / الطبعة الأولى، 1412هـ - ج2 شرح ص122

[28] كتاب الأربعين / الشيخ الماحوزي / تحقيق السيد محدي رجائي / مطبعة أمير في قم المشرَّفة / الطبعة الأولى، 1417هـ - ص 280

[29] المصدر السابق - ص 280 - 281

[30] موقع مشروع الكنوز القبطية، عبر الرابط:

https://coptic-treasures.com/chapter/22-bible-dictionary-22

[31] سورة يس الآية 82.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/15



كتابة تعليق لموضوع : شبهات عن وصف المسيح بأنَّهُ كلمةُ الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net