صفحة الكاتب : صباح مهدي عمران

  في ظل أصداء الفتوى المباركة ذهبنا إلى ناحية النخيب الحدودية الصغيرة لمسك ارضها مع متطوعين من مختلف فصائل الحشد الشعبي، والذين كانوا قد سبقونا بالذهاب إلى هناك منذ مجيء داعش في العام 2014م حيث كان موعد ذهابنا في العام 2015م, والنخيب التي تحدنا مع العربية السعودية (نجد والحجاز) ناحية تبعد عن كربلاء مسافة 350 كم وهي مسافة ليست بالبعيدة نسبيا بما يكفي عن المدينة وتحرزا من سقوط الناحية بأيدي مقاتلين داعش وتهديد أمن مدينة كربلاء، ارتأت الجهات المسؤولة بإيجاد حلول عسكرية ناجعة وسريعة، وفعلاً تم ذلك بوقت قياسي لحمايتها والنخيب ذات ارض مقفرة فيها القليل من المنازل وبعض المرافق الحكومية المهمة بالإضافة إلى قيادة قوات شرطة الحدود للمنطقة الغربية, وبالقرب منها وادي الأبيض الذي كنت أراه على الخرائط الجغرافية فقط ولم يخطر ببالي ان أنزل به يوميا وارى نبات العلقم ذات اللون الأصفر الناصع مالئا أرض ذلك الوادي الجميل الذي يشق الارض بيننا وبين الجارة السعودية، وكانت بطنه ايضا محملة بالصخر والجلمود والتراب الأحمر المخلوط بالجلمود (السبيس)، فكان هذا الوادي حيويا لأهل تلك المنطقة؛ لما به من نعمة الطبيعة هذه، وكذلك ايضاً سيول الأمطار التي تأتي من السعودية جارية فيه فلو كان هناك اهتمام حقيقي لتلك السيول من قبل الدولة لصار امر هذا الوادي واقعا اقتصاديا آخر.

 فكان انطلاقنا من منطقة باب بغداد حيث الباصات هناك متوقفة فما ما لبثنا هناك إلا يسيرا حتى انطلقت بنا الباصات الى تلك المنطقة الصحراوية, نزلنا بالقرب من قضاء عين التمر وسط الصحراء عند أحد المواكب الحسينية لأهل القضاء حيث كان عامرا بالخدمة لسواق الشاحنات، وبعض من يمر من هناك وقد رأيت نسوة مع أطفال في أكثر من مرة متوجهات إلى كربلاء مشيا على الأقدام حيث كانت أيام زيارة الأربعين وكذلك بعض الشباب، وقد هالني ذلك المنظر حيث إن الطريق وإن كان مؤمَّناً من قبل الجيش والحشد الشعبي إلا أن الخطورة به محفوفة بعض الشيء لما يتمتع به العدو من غدر وجبنٍ مباغت هنا أو هناك، أضف إلى ذلك الصحراء المترامية الأطراف التي من الصعب السيطرة عليها.
 المهم أدينا فرض الصلاة وترجلنا مسرعين إلى العجلات وصلنا مع حلول الساعة الرابعة عصرا ونزلنا قرب مسجد الناحية الرئيسي الذي اتخذ منه منطقة انطلاق ومراقبة للفصائل المتواجدة هناك، وبدأ توزيعنا فوراً بشكل مجموعات مكونة من عشرة إلى خمسة أفراد على الأماكن المتواجدة فيها قوات الحشد الشعبي وحسب حاجة كل نقطة, فكنا أربعة والتحق بنا زميل لنا وكنت أعرفه مسبقا, فشكلنا زمرةً عسكرية حقيقية حيث كنا ثلاثة من أصل هذه الزمرة المخمسة قد خدمنا في الجيش العراقي السابق ولنا خبرة لا بأس بها في التعامل مع العسكرية وظروف الصحراء القاسية، وأما الآخران فكانا كفوئين فخورين بهذا الأمر، فأصبحنا فريقا جميلا ومتعاونا جدا، وحدد لنا موقع (2) الذي يسمى المقلع واجبا لنا.
 أقلتنا سيارة نوع (كيا حمل) مع مجموعة وزعتنا المجموعة تلو الأخرى فكنا آخر مجموعة نحن الخمسة حيث كان موقع (2) وقبله موقع (3) متقدمين على بقية المواقع الأخرى, بعد الترحيب بنا من قبل مقاتلي الحشد الباسل المرابطين في هذا الموقع (2) وتوديعنا لزملائنا العائدين، توجهنا إلى اماكن إقامتنا بعد أن أرشدنا أليها قائد المجموعة المتواجدة في الموقع وكان رجلا في بداية عقده السادس ومن متقاعدي الجيش العراقي السابق (نائب ضابط).
  ثم تم توزيع الأسلحة علينا مع مخازنها الثلاثة, لم يكن مقاتلو الحشد الشعبي وحدهم هناك بل كان معهم فصيل صغير من قيادة شرطة الحدود معهم يخفر ويحرس تلك المنطقة في تناسق جميلٍ جدا وأخوي رائع مع مقاتلي الحشد الباسل حيث كانوا أغلبهم من قضاء ربيعة في الموصل، ذلك القضاء الحدودي مع سوريا وحين سقطت تلك المنطقة بيد عصابات داعش الاجرامية أعيد تنظيم تشكيلاتهم في قاطع عمليات النخيب الحدودي فما كان منهم إلا إن يستجيبوا ويلتحقوا من الموصل التي لم تكن قد حررت بعد الى النخيب, عن طريق كربلاء.
مضت الأيام وبدأنا نتعرف على الجميع عن مقربة وكثب, تفرست في وجوه شرطة الحدود فكانوا طيبين ودودين يريدون تأدية الواجب.. وإما مقاتلو الحشد فكان يملؤهم الإيمان الجميل والطيبة طبعا مع فقر الحال والمنوال، فكانوا مع تركهم لعوائلهم وعوزهم تراهم سعداء بما هم فيه من بطولات قد سطروها في جرف الصخر (جرف النصر) وناحية العلم والضلوعية ومطيبيجة وبيجي, فلقد حدثني أحد المقاتلين (الحاج إسماعيل) وهو في الخمسين من عمره من أهالي منطقة مشيميشة التابعة لمحافظة بابل قائلاً: قد داهمتنا إحدى عصابات داعشي في بيجي مساءً، وجاءنا النداء بالتحرك لمعالجة إحدى عجلاتهم التي قد ركبت عليها مدفع رشاش (أحادية)، فيقول: قمت من فوري وقلت: من يأتي معي وفجأة قفز شابان دون العشرين من عمرهما من أهالي كربلاء، فقلت لهما متفاجئا: أمتأكدانِ مما ستقومان به؟ قالا وبكل ثقة: نعم يا عم، فيضيف مسترسلا: توجهنا إلى الهدف مسرعين وأزيز الرصاص ممطر باتجاهنا ونحن نزحف بين اخاديد الحقول والمزارع نريد معالجة الهدف الذي أصبح مزعجا وخطراً أكثر على مواقعنا وبين حيرة الارتباك وظلام الليل الدامس وبعدما أصبحنا على مقربة من تلك العجلة التي كانت تنثر اطلاقاتها يميناً وشمالاً، يترجل أحد الشابين الذي بيده قاذفة صواريخ مضادة للدروع (آر بي جي 7) وبطريقة تمويه عسكرية ذكية فطرية غير مقصودة من قبل ذلك الشباب الباسل وبتوجيهٍ غير مسيطرٍ بل ومرتبك على سلاحه من شدة إطلاق الرصاص علينا وبتسديدة إلهية مفاجئة يطلق صاروخه فيصيب العجلة فيدمرها تدميرا كاملا بمن فيها, فما هي إلا لحظات حتى هدأ المكان ونوديتُ عندها في الجهاز المرسل الذي معي من قبل قواعدنا الخلفية: بوركت أيديكم وسلمت، فلقد كانت إصابة محققة يا حجي إسماعيل، لقد سمعنا نداءات العدو بالنجدة والاستغاثة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

صباح مهدي عمران
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/17



كتابة تعليق لموضوع : مسك الأرض
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : عبد الغني علي يحيى
صفحة الكاتب :
  عبد الغني علي يحيى


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net