الإمام زين العباد(عليه السلام) ورسائله المبتغاة.. حقّ السمع..
منتهى محسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منتهى محسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منى طفلة محبوبة جميلة الطلعة، بيضاء الوجه، مشرقة الجبين، تحسن الترحيب بالضيوف، وتشرف مع أمها على اعداد الطعام حتى انها نالت اعجاب الجميع لذوقها الرفيع.. وبالرغم من كل تلك المحاسن والصفات الطيبة عند منى، إلا انها تمتلك خصلة سيئة جداً، وهي التنصت على الآخرين واستراق السمع، الأمر الذي أضر بشخصيتها المحبوبة، وبالرغم من تنبيه أمّها الدائم للانتهاء عن هذه العادة السيئة، إلا أنها لم تنتهِ خاصة عندما يكون في البيت دعوات للأقارب والأصدقاء.
منى: أهلاً بكم.. تفضلوا البيت بيتكم، تشرفنا بكم، اجلسوا براحتكم.
العم كريم: شكراً لك يا بنيتي.
منى: دقائق وسيحضر والدي، سأجلب لك شيئاً دافئاً يفيد في هذا البرد الشديد.
العم كريم: نفسك بنيتي، فقط كوب ماء اذا امكن.
منى: على الرحب والسعة.
(وهكذا تظهر منى بهذا المظهر الجميل إلا أن صفتها القبيحة تغلب عليها كل مرة وللأسف الشديد..)
منى: لماذا يتكلم والدي مع الضيف بهدوء، أكاد لا أسمع إلا تحريك الشفتين..!
ترى عن ماذا يتكلمان..!! ربما يتحدثان عن العمل، أو عن مشاكل الحياة..!! كأني سمعت اسمي.. ربما يتحدثان عن جمالي وذوقي..!!
سمعت منى همهمة عالية من قبل ابيها، فركزت النظر من ثقب الباب، وقد وجدت ان امارات الانزعاج واضحة على وجهه..! فالتصقت بالباب جيداً لعلها تسمع شيئاً آخر..!
وما هي الا دقائق حتى انفض المجلس وغادر الضيف البيت، حتى تركت منى كل شيء وراحت تستجوب أباها حول ما جرى..!
منى: هل حدث أمر سيء بينك والعم كريم.. فصوتك كان عالياً ومنزعجاً..؟
الاب: لا شيء يستحق الذكر انه امر عابر...
منى: وما بال العم كريم ذهب منزعجاً حتى انه لم يشرب قهوته..؟
الأب: حسناً.. سأتناولها بدلاً عنه... لا تكترثي لذلك.
منى: ولكن هل اختلفتم معاً..! أهي مشاجرة.. أم خصام؟ أم سوء فهم..!! أم ماذا تحديداً..!!
الأب: كفي يا عزيزتي عن الأسئلة.. واذهبي الى غرفتك وتابعي دروسك.
انصرفت منى على مضض، لكنها ظلت تفكر، وتحلل الموضوع بأوجه مختلفة، حتى راحت تتابع خطوات أبيها، وقد دخل الى غرفته، وأنصتت لحديث له في هاتفه الخلوي..!
الأب: ارجو ان لا اكون قد اغضبتك أخي كريم.. لكني لا استطيع تلبيه طلبك الان، تعرف نحن في الفصل الدراسي الثاني، ولا اريد ان اضيع وقت الاولاد.. واعرف ان اعمارهم متقاربة، لنؤجل الموضوع حتى وقت مناسب قادم..
وبينما كان الاب مستغرقا في الحديث بالهاتف، توجه مباشرة نحو باب الغرفة، ولما ادار مقبض الباب، تفاجأ بابنته منى وهي تسترق السمع عند الباب.
شعرت منى بالخجل الشديد، خاصة أن والدها لم يتكلم مطلقاً حول الموضوع، وبعد ساعة من الوقت عادت ادراجها نحو ابيها وهي تقول بحياء:
منى: أبي انا اعتذر لن أتنصت مرة أخرى.
الأب: بنيتي.. هذه عادة بذيئة وكريهة، تجعلك تهتمين بمراقبة الناس، والتجسس عليهم، وهذه ليست من صفات ديننا.
منى: أعدك يا والدي أن لا أفعل ذلك مجدداً..؟
الاب: حسناً.. أراد العم كريم اصطحابك مع اسرته الى شمال وطننا الحبيب بإلحاح من ابنته فاطمة، لكني رفضت، فالوقت غير مناسب للسفر، وقد اكدت له موافقتي عند العطلة الصيفية القادمة بإذن الله تعالى.
منى: أحقا يا ابي العزيز ستمسح لي بذلك..؟
الاب: نعم حبيبتي.. ولكن قبل ذلك اريد منك ترك العادات السيئة، والاهتمام بنفسك اكثر، سأكون بقربك دائما، اشجعك على كل خير، وأنهيك عن كل شر، فقط امتثلي لكلامي وكلام والدتك، واستمعي لنصائحي، وهذه اول نصيحة اسديها لك من كلام امامنا السجاد (عليه السلام) حول جارحة السمع حيث يقول:
"وَأَمّا حَقّ السّمْعِ فَتَنْزِيهُهُ عَنْ أَنْ تَجْعَلَهُ طَرِيقاً إِلَى قَلْبِکَ إِلّا لِفُوّهَةٍ کَرِيمَةٍ تُحْدِثُ فِي قَلْبِکَ خَيْراً أَوْ تَکْسِبُ خُلُقاً کَرِيماً فَإِنّهُ بَابُ الْکَلَامِ إِلَى الْقَلْبِ يُؤَدّي إِلَيْهِ ضُرُوبُ الْمَعَانِي عَلَى مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَلا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ".
(رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat