في ذكرى شهادته: الباقر (ع) وميزانٌ الهيٌ للاختبار
عبد الناصر السهلاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الناصر السهلاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عن الامام محمد بن علي الباقر(صلوات الله وسلامه عليه):
"إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فان كان يحبّ أهل طاعة اللّه، ويبغض أهل معصية اللّه، ففيك خير، واللّه يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة اللّه، ويحبّ أهل معصية اللّه، ففيك شرّ، واللّه يبغضك والمرء مع من أحبّ ". (الكافي: ج2، ص126).
◼️ميزان دقيق ينسب الى حجة الله على الخلق الامام الباقر عليه السلام.
الحديث شديد الوضوح، وربما لا يحتاج الى شرح او تفسير، ولكن اشارات فقط:
١- القلب الذي يحب اهل طاعة الله، وفي اطار الظرف الطبيعي، فانه يساند هذا الصنف ان كان بالقول او العمل كل بحسبه وقدرته، ولا يُتَصور ان يكون محباً وقوله وفعله يهاجم هذا الصنف، ويسيء اليهم في موضع طاعتهم .
٢- القلب الذي يبغض اهل معصية الله، وفي الظرف الطبيعي ايضا، فانه ان لم يسعفه الحال للوقوف ضد هذا الصنف بالقول والعمل، فانه لا يتصور مع بغضه لهذا الصنف، ان يكون مسانداً له بالقول او الفعل، او مبررا لمعاصيهم او إساآتهم.
◼️فان مخالفة الوضع الطبيعي في الموردين اعلاه يدلنا على ان الانسان المدعي للحب والبغض غير صادق في مدعاه، كحالة واقعية يتم رصدها، وهنا أمران:
فان كان مختلاً او يعاني مرضاً نفسياً بحيث لا يدري ما يفعل، فذاك مرفوع عنه القلم، ويعذر، ولا نؤاخذه بشيء.
واما اذا كان سليم العقل لا يعاني من اي عائق، فمثله لا يعذر وتصح مؤاخذته على كل حرف ينطق به او فعل يقوم به، وينبغي تنبيبه بالسر وبهدوء اذا كان مغموراً غير مسموع الكلمة لا يكترث لقوله او فعله أحد.
واما اذا كان ذا سعة في ايصال صوته ورأيه من خلال سلطة، او منبر، او موقع تواصل اجتماعي، او اي منفذ مؤثر على ضعاف الناس فلابد (وبحسب القدرة المتوفرة، وملاحظة الظرف الملائم) من ردعه على الملأ بلا ادنى تردد، لان امثال هذا الصنف لا تكتمل الفائدة من نصحه في السر بعد ان أذاع ما أذاع، فلابد ان يكون الردع و رد الباطل على مرأى ومسمع من الذين وصلتهم تخبطاته وجهله، كي يلتفتوا.
ولكن مع ذلك يجب الحذر من تسويلات النفس في هذا المجال فيجب التاكد من ان كلام هذا الصنف نص في مقصوده لا يحتمل معنى قد يكون سليماً، وخصوصا اذا لم يفهم منه الناس المتلقين الاحتمال الباطل لمعنى كلامه، فلو كان مقصوده غير الذي فهمناه وكان يحتمله كلامه، فانه ليس من الورع التشهير به، وهتك حرمته، وكذلك يجب الحذر من تبريرات النفس بالقدح بذلك الشخص في غير باطله المعلن، والمؤثر على الناس كالتطرق الى حياته الشخصية مثلا او الى افعال مستورة عن الناس والتي ليست في معرض اضلالهم، فان الخلط بين الامرين يجانب الانصاف ويؤدي الى الظلم، ومعه قد يسلب الانسان التوفيق والنجاح في المواجهة. فالنتيجة تتبع اخس المقدمات كما يقولون.
◼️والمؤمن يجب ان يكون فطناً لا يضع نفسه مواضع التهمة ثم يجهد في تأويل اقواله وتصرفاته، لانها خلاف الفهم العرفي السوي، وهذا ما اشارت اليه كلمات اهل البيت (عليهم السلام) في اكثر من موضع.
ومنهم الامام صاحب الذكرى في وصيته لابنه الصادق (عليهما السلام)، حيث جاء فيها:
"يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يُتَّهم، ومن لا يملك لسانه يندم" (الخصال: ص169).
وكان قد سبق الباقر (عليه السلام) الى هذا المعنى جده النبي وجده علي (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما):
فعن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفنّ مواقف التهمة" (مستدرك الوسائل ج8 ص340).
وعن امير المؤمنين (عليه السلام): "من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء الظنّ به" (نهج البلاغة: الحكمة 159) وقال الامام في وصيته لابنه الحسن (عليهما السلام): "إيّاك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء" (امالي الشيخ الطوسي: ص7).
اعظم الله تعالى اجوركم بمصاب الامام الباقر عليه السلام ورزقنا واياكم زيارته وشفاعته والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا
والحمد لله اولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله أبدا وأسألكم الدعاء
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat