جاء في الحديث الشريف: "إن أبغض الحلال عند اللهِ الطلاق" وهو تأكيد على الآثار السلبية له لما يتركه من اهتزاز يصيب اركان الاسرة والمجتمع، فالطلاق هو قرار حياتي مصيري ينسف بيت الزوجية.
واحيانا رغم عواقب الطلاق على الزوجين و الأبناء إلا أنه في بعض الحالات لا بد منه، و قد يسبب استمرار الزواج الفاشل مشكلات نفسية كبيرة للازواج، و للأبناء مثل الاكتئاب، والمخاوف، والقلق، وقد تصل لاسمح الله الى ارتكاب المعاصي، والجرائم؛ فيكون الطلاق اكثر رحمة لهم، والطلاق هنا من الحلول التي وضعتها الشرائع السماوية، وان كان مبغوضاً اجازته الشريعة؛ ليكون حلا مناسباً عندما تتعسر الحياة الزوجية و يصعب الاستمرار بها ليحفظ الانسان كرامته، وحياته.
نلاحظ ان ظاهرة الطلاق تستشري في المجتمع العراقي بصورة تفوق الخيال، ولأسباب تافهة، و واهية.
وفي آخر إحصائية شهرية عن حالات الزواج، والطلاق في العراق نشرها مجلس القضاء الأعلى، بلغ عدد الزيجات الجديدة في شهر أغسطس سنة(2021) قرابة (23500) حالة زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق بينها نحو (6250) حالة طلاق، بنسبة تقارب (30) في المئة من إجمالي عدد حالات الزواج التي تمت خلال شهر واحد فقط! وهذة نسبة تنبأ بخطر كبير.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ان اغلب حالات الزواج لم تكن تستند على أسس ناجحة تجعل العلاقة الزوجية قوية، فإذا كان الزواج قائماً على أساس جمال المرأة أو كان قائماً على أساس غنى الرجل مادياً فسرعان ما تتلاشى هذه العلاقات، ومن الاسباب التي تدفع بالمتزوجين الى الطلاق منها عدم توافر نضج لدى المقبلين على الزواج يحصنهم ضد المشكلات الحياتية وصعابها، و من أكثر أسباب الطلاق الشائعة عدم الالتزام بالحقوق، والواجبات بين الزوجين من أحدهما أو كليهما، وغياب لغة الحوار؛ مما يحدث شرخاً في بنية العلاقة وديمومتها، و اليوم في عصر التكنولوجيا ودخول مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الجديدة والفضائيات، والافلام، والمسلسلات غير الهادفة والتي شغلت الناس، و فتحت آفاقاً ثقافية أجنبية غريبة عن قيمنا، و تقاليدنا، وديننا واخذت مساحة واسعة من حياة الافراد؛ حتى انشغل كل شخص بعالمه الافتراضي متناسياً زوجه واولاده.
فينبغي للمقبلين على الزواج تقوية الوازع الديني، و معرفة الاحكام الشرعية الابتلائية المهمة التي تخص الاسرة في حياة الانسان؛ لتحصينه من ارتكاب الحرام والظلم، و لابد من اختيار الشريك المناسب من حيث الكفاءة، والانسجام، والثقافة، وتوفر الاحترام المتبادل بين الازواج، والرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) حرص على كل رجل، وامرأة بالزواج من الكفؤ الشرعي، والانساني فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله): "إذا جاءكم من ترضون خلقه، ودينه فزوجوه..."، وهذه القاعدة تجري على الطرفين الزوج، والزوجة.
وينبغي المساهمة من المجتمع، والدولة في مكافحة هذا الوباء المعدي، والذي أخذ ينخر الأسرة، والمجتمع، لما فيه من مخلفات على مستوى الفرد، والمجتمع، وعلى جميع المستويات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat