صفحة الكاتب : صادق غانم الاسدي

التوقيتات وحساب الزمن عند الشعوب القديمة
صادق غانم الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)يونس اية5  , الآية الشريفة تدل على ان الحكمة في الآهلة هي معرفة المواقيت وتحديد الزمن شياءً مهما للآنسان وضرورة ملحة لمعرفة الحوادث وترتيب شؤونه وتاريخه ونظام دينه , وكما ان للزمن اشياء ضرورية اخرى تدخل في استقبال وتهيئة امور الشعوب لمواجهة التقلبات المناخية والزراعية كما ان لوحدة الزمن ومعرفتها بالايام والأشهر والسنين هي مفيدة جداً بل باتت من الضروريات التكوينية لمسيرة الحياة الشمولية من حيث التراث والحضارة وتستند بها لاعتبارات دينية وسياسية وعلمية وكشف الواقع وتطور الحضارة والتقدم التكنولوجي اساس مهم للمحافظة على وحدة الزمن وتدوين التواريخ والاهتمام بها , ومن المعلوم لدى جميع البشر ان الوحدات الفلكية لقياس الزمن يعتمد على اوجه القمر الاربعة ( الهلال _ الربع الاول_ البدر _ الربع الاخير ), وله تأثير في تقسيم السنة الى الشهور, وهي الى وحدات زمنية كالاسبوع واليوم , وتستدل المصادر التاريخية القديمة على ان الشعوب قديماً كانوا يستندون على حساب وحدة الزمن وتحديد السنة والشهر على التقويم القمري , رغم ان بعض من تلك الشعوب كانت تعتمد على تقويمها بطلوع نجم او موت أنسان عظيم او حادثة ولكنهم لم يتخلفوا عن التقويم القمري , فالمصريون القدماء كانوا يحسبون الزمن بواسطة القمر قبل ان ينتقلوا الى التقويم الشمسي وقد قسموا السنة الى اثني عشر شهراً, وكل شهر الى ثلاث وحدات متساوية وكانت السنة تبدء عندهم في اول يوم من شهر ( توت) وهذا هو يوم السادس عشر من شهر يوليه ومجموع السنة عندهم 365 يوماً , اما البابليون فقد كانوا يشاطرونهم في الاعتماد على التقويم القمري ولكنهم يختلفون عنهم في عدد ايام السنة والبالغة عند البابليون 354 يوماً والشهر عندهم 29 يوم ولكنهم اضافوا شهر ثالث عشر عند كل ثمان سنوات لاعتبارات وقسموا الشهر الى اسابيع وايام , مع اختلاف اسابيعهم عن اسابيعنا الحالية , بل كان يحتم عليه ان يكون اليوم الاول من كل شهر هو اليوم الاول من الاسبوع , ويعزي اليهم انهم قسموا اليوم الى ساعات متساوية في النهار والليل , وقد اشتهر عنهم بأنهم اصحاب علم في اختصاص الفلك وتفننوا فيه , فقد وصفوا حركات الكواكب وصفاً دقيقا وشرحوا ذلك في جداول حسابية , اما الاقوام السومريه الذين سكنوا جنوب العراق فقد اعتمدوا كذلك على التقويم القمري الا انهم اعتبروا السنة مكونة (360) يوم وقسموا اليوم الكامل الى 6ساعات اي ثلاث ساعات للنهار وثلاث ساعات لليل , وهنا تختلف طول كل ساعة عن الاخرى ولكنهم اعرضوا عن ذلك لدركهم بعدم صلاحية الساعات غير المتساوية , واما اليونان فكانت تعتمد على التقويم القمري مع تغير بسيط في فصول السنة , واما الرومانيون فااقدم التقوايم عندهم هو التقويم القمري ولهم بذلك بعض المراسيم التي كانت تحت سلطة الكهنة , واما العبريون كانوا ومازالوا لوقتنا الحاضر يتبعون التقويم القمري وان احد المهام الملقاة على عاتق الكهنة هو تعيين غرة الهلال ووضع الاسماء للشهور , ومن هذه النبذة التاريخية نستنتج ان التقويم القمري هو الاصل والاساس المعتمد عليه عند الاقوام والشعوب القديمة في تحديد وحدة الزمن والشهر والسنة , رغم ان هذا التقويم لايخلوا من مشاكل ولذلك لقد اعدل بعض الاقوام الى التقويم الشمسي وهذا مر بأدوار مختلفة ولم يصل ال ماوصل اليه الان الا بفضل جهود ومتاعب , اما عند المسلمين فهم يتبعون التقويم القمري المكون من اثني عشر شهراً لكل شهر اسم خاص به كان مشهوراً عند العرب قبل الاسلام , ويبداء الشهر عند المسلمون بشهر محرم ويسمى بالسنة الهجرية تخليداً للحدث العظيم بهجرة الرسول صلى الله عليه واله وسلم من مكة الى المدينة والهجرة وان كانت في شهر ربيع الاول , لكنهم اثروا ان يكون ابتداء السنة من اول محرم , وقد وضع هذا التقويم الخليفة الثاني بمشورة من علي عليه السلام وذلك في سنة سبع عشر او ثماني عشر ووقع اختيارهم على ان يكون اول السنة ابتداءً من شهر محرم منصرف الناس من حجهم ,ومع ذلك فقد كانوا يعملون بالسنة الشمسية في كثير من الامور المدنية , وقد تصدى بعض العلماء للتوفيق بين السنة الهجرية والسنة الشمسية فوضع تقويما بذلك , مع العلم لم يكن للعرب تاريخ يجمعهم بل كان كل طائفة تؤرخ بما وقع من الحوادث المشهورة بينهم بأستثناء قريش كانت تؤرخ من عام الفيل ثم ارخ العمل بالهجرة , اما فيما يخص الزمان هو عبارة عن مجموع الشهر والاسابيع وساعات الليل والنهار والسنة وحدة كبيرة مؤلفة منها , وهي وحدات فلكية لقياس الزمن ولكن هذه الوحدات متدرجة , فالسنة وحدة كبيرة ثم الشهر ثم الاسبوع , ودعت الحاجة الى قياس الزمن بوحدة صغيرة فوقع الاختيار على الاسبوع ثم قسم الشهر الى اربع اسابيع , وقد مرت باأدوار كثيرة حين اصبحت مثل ماعليها اليوم , وأول من فكر بالاسبوع يتألف من سبعة ايام هم البابليون الذين اشتهروا بحبهم لعلم الفلك ثم بعدهم اليهود , فقد نشأت هذه الفكرة عند البابليون من الكواكب السبعة السيارة ولذا خصص كل يوم من ايام الاسبوع لاحد هذه الكواكب , اما اليهود فيرجع اختيارهم الاسبوع الى الوحي , وقد ورد في سفر التكوين الاصحاح الاول وسفر الخروج الاصحاح الثاني عشر ذكر الايام ويبتدي الاسبوع من يوم الاحد واخره يوم الراحة او الشبات ( اي السبت ) بخلاف ماعليه النصارى , اما المصريون لم يكن عندهم الاسبوع بل كان الشهر عندهم مقسماً الى ثلاثة وحدات زمنية تسمى ( بالديكاد) , اما الرومانيين فقد كان الاسبوع عندهم ثمانية ايام وتستمر ايام الاسابيع طوال الشهر والسنة دون الانقطاع ومع الاستمرار تامة , ولايختلف المسلمين عندهم الاسبوع سبعة ايام يبتداْ من السبت وينتهي يوم الجمعة , اما الساعات فقد دلت المصادر التاريخية ان المصريون هم الذين قسموا اليوم الى 24 ساعة , وفكرة الساعات المتساوية وتقسيم الساعة جاءت من السومريون , ثم بعد ذلك قسم العالم هيبارطوس النهار والليل الى اربع وعشرين ساعة اعتدالية , واخيراً ان بعض اكابر العلماء قالوا ان مثل هذه الدراسة معقدة لاختلاط الموضوع بالخرافات والعادات والتقاليد السائدة وقد كان ايضاً للعلماء شأن كبير في تهذيبه

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق غانم الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/13



كتابة تعليق لموضوع : التوقيتات وحساب الزمن عند الشعوب القديمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : صادق غانم الاسدي ، في 2012/05/13 .

الحقيقة احب ان اشكرك شبكتنا الرائعه كتابات في الميزان وهي تنشر المقالات باسراع وقت ودون اهمال اي موضوع او رد وان دل على شيىء فانه يدل على حسن التنظيم وسعة الصدر والاهتمام بالثقافات لتعميق الوعي لدى كل القراء حقا تستحقون الف شكر بل اكثر من ذلك وتقبلوا تقديري واحترامي لما تبذلوه من الجهود والعطاء المتواصل خدمة للكلمة الحرة والقلم النظيف في عراقنا الديمقراطي الجديد

 

شكرا لكم على حسن ظنكم بنا ايها الاستاذ الرائع 

ادارة الموقع ...






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net