صفحة الكاتب : د . مقدم محمد علي

مشعان الجبوري .. والمالكي .. والموقف الشجاع
د . مقدم محمد علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هناك فرق بين ان تقول : ( انا شجاع ) وبين ان تتخذ موقفا يوصف بانه : ( شجاع) ، ويتصور كثير من الناس ان  مميزات الانسان الشجاع المهمة هي : القوة الجسدية والعضلات المفتولة او باستخدام الصوت العالي والعبارات الرنانة الطنانة التي ترهب الاصدقاء قبل الاعداء ، او الجرأة الجسدية وسرعة البطش ، او الاقدام في سوح الوغى على الاعداء ، وهكذا تطول قائمة التعريفات مستثنية التعريف الاهم و الاقرب الى انسانية بني البشر ، وهو شجاعة الرأي الحازم  او ما يسمى بشجاعة الموقف ويضاهي هذا اللون من الشجاعة نوع اخر يعرف بشجاعة الاعتراف بالخطأ ، بالذنب ، بالتقصير .. او يعرف اختصارا بشجاعة الاعتراف.

  ويختلف مفهوم الشجاعة من مجتمع الى اخر ، ففي بعض المجتمعات العراقية يعرّف الشجاع بانه ( فاتك ليل ) اي (حوّاف يسرق الناس ليلا وهم نيام ) وفي اماكن اخرى يعتبر ( الشقي والشقاوات، حسب اللهجة العراقية) احد الناس الذين ينطبق عليهم وصف الشجاعة ، و ( الفتوة ، طبقا للمصرية الدارجة) و ( القبضاي ، حسب اللهجة الشامية) من المسميات التي تطلق على بعض الناس الذين يتصفون بمميزات معينة .

وبالعودة الى موضوع المقال يتضح ان السيد المالكي مستحق للوصف بانه شجاع حسب كثرة المواقف الذي اتخذها في اكثر من حدث خلال فترة رئاسته للحكومة في المدتين السابقة والحالية ، فقد كانت ( صولة الفرسان) من اولى المواقف التي كشفت عن بوادر شجاعته ، ثم جاء التوقيع على اعدام الطاغية ليؤكد للناس مصداقية تمتعه بصفة الشجاعة ، اما موقفه الاخير ضد تقسيم وحدة العراق وشعبه فهو الفعل الحقيقي المعبر عن الشجاعة معنى ومصطلحا ، وفعلا يثبت ان شخصية المالكي تتمتع بـ (كارزما )المواقف الشجاعة والتي جعلت كثيرا من الناس الذين يعارضونه بالامس مؤيدين له اليوم بل من اشد المدافعين عنه ، لانهم يتوسمون به خيرا لمواقفه التي سيتخذها مستقبلا والتي تتطلب موقفا شجاعا .

 وكان السيد مشعان الجبوري من بين ابرز الناس الذين اعترفوا واقروا للمالكي بذلك ، وكذلك يجب ان لا ننسى ان موقف الجبوري في التحول من حالة العداء والتصدي الى وضع المسالمة والعمل صفا واحدا مع الايدي التي تقف ضد تقسيم العراق ، يعد موقفا شجاعا ونبيلا ، لانه اعترف صراحة بخطئه في السابق وتبرأ من اقواله و ارائه السابقة في المالكي وحكومته  ، فندم على فعله السابق والذي سيكفر عنه بالعمل مع الصادقين الذين يتصدون لبناء العراق ، وهذا فعل قلما سمعنا به او شاهدناه من رجل سياسي عراقي او عربي ، فمن النادر ان يعترف العربي ويقر بذنوبه ، اذ غالبا ما يصر العربي على موقفه ورأيه تأخذه العزة بالاثم والعنجهية الفارغة ، ولا يظنن احد ان هذا كلام مجاملة ونفاق للسيد الجبوري بل ذلك توصيف لفعل ينبغي على كل انسان نبيل وموضوعي  ان يتحلى به على الرغم من صعوبته ، فالمعروف عن الانسان العربي انه لا يتراجع عن كلام قد قاله او عن وعد قد اعطاه او عن بيعة منحها انما يتقدم بضلاله الى النهاية اما منتصرا او مهزوما ، فهو لا يؤمن بتصحيح المسارات او استعمال الطرق الجديدة اذا اكتشف نفسه انها بالموقف الخطأ او انها تجانب الصواب .

ان موقف السيد مشعان الجبوري الحالي يعتبر من المواقف الشجاعة والتي يجب ان يتحلى بها كل من يظن انه قد اخطأ بحق الشعب العراقي وحق الوطن ، وليكن ذلك الموقف علامة جديدة للشخصية السياسية العراقية التي لم تألف ثقافة الاعتراف او الاعتذار..

مرحى لكل العراقيين الذين يتبنون المواقف الشجاعة التي تصب في مصلحة العراق والعراقيين وبئسا وترحا لكل المواقف التي تذل العراقيين وتجعلهم ألعوبة بيد الاخرين.    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مقدم محمد علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/09



كتابة تعليق لموضوع : مشعان الجبوري .. والمالكي .. والموقف الشجاع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net