شقشقة التأليف والولادة!!
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شقشقة باتت معي منذ أمس، أحاول اقتناص الدقائق لكتابتها،
قد لا يعلم كثيرون مدى ما يعانيه المؤلف لكتاب معرفي إلى حين ولادته فيراه بعينيه أمامه مطبوعًا، ويحمله بين يديه، ويشمُّه ويقبِّله، ويفخر به بين أقرانه، وهو يشبه إلى حدٍّ ما -في ذلك- ما تعانيه الأم لحين أنْ ترى مولودها بين يديها سالمًا بطلعته البهية، فتبتسم بوجهه وتنسى آلامها، وهناك كثير من المؤلفين ماتوا وهم في حسرة وأمنية أنْ يروا مؤلفاتهم مولودة موجودة في دارهم بين أولادهم، ينظرون إليهم كل حين، فيستعين بهذا تارة، وبذاك تارة أخرى على مصاعب الدنيا وآلامها وآمالها؛ ليعلم أنْ أيام معاناتهم لم تذهب سدًى ..
ولكن هناك منهم رحل عن الدنيا بغصته إلى قبره وهو يصارع أحلامه، ولم يرَ آماله ..
وقد حضرتُ يوم أمس مجلس فاتحة أحد الإخوة أعزِّيه بوفاة أمِّه، وما أن استقرَّ جلوسي في إحدى ثنايا القاعة، حتى أتاني وترك مكانه بالقرب من المعزِّين وهو أهمهم إذ إنها أمه، فصار يسألني عن أولاد له ثلاثة (مؤلفات غير مطبوعة) يترقب رؤيتهم بلهفة، ويشكو كيف يمكنه ذلك؛ لأنه يرى حياته في أبنائه .. فقلتُ في نفسي: سبحان الله ما أشد تعلُّق الإنسان بعطائه وآثاره، فهو يبحث عمَّن يحقق آماله على رغم ما هو فيه، مع شوق ولهفة ..
ولكن هل تعرف الناس تلك المعاناة وما يحفُّها من آلام، فيكون لها موقف بسيط جدًّا تجاه أولئك!! فكلمة من (ثلاثة) حروف أو (أربعة) أو أقل تزيل بعض تلك المعاناة، وترسم البسمة والأمل على وجوههم، كما ترسم بسمة وثناء المهنئين للأم بوليدها على رغم تلك الآهات .. رحم الله الذين مضوا ولم تقر أعينهم بآثارهم، وأعان الذين بقوا يترقبون أحلامهم بأبصارهم، وليَّن الله قلوب الآخرين لتهنئتهم أو مقاساتهم .. والسلام
٢١ محرم الحرام ١٤٤٥هج
٩ آب ٢٠٢٣م
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat