شقشقة (٥) غزَّة الاختبار الأمثل للعرب
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تحدَّثنا في منشورات أربعة سابقة عن الاختبار للعلماء والحكَّام والشعوب والمثقفين، وبيان ما يتعلق بهم من مسؤولية على الشعب الفلسطيني المظلوم من قبل ذلك الكيان المحتل في غزَّة التضحية من أجل التحرير والحرية والدفاع عن المقدسات ..
-١-
إنَّ ما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني اليوم في غزَّة خاصة قد أذهل العالم كله، من وحشية وقسوة يقوم بها ذاك الكيان الصهيوني تجاه أبناء الشعب الفلسطيني المدافعين عن أرضهم، والمجاهدين من أجل تحريرها من الاحتلال البغيض المدعوم من دول الاستكبار العالمي وخصوصًا أمريكا، إنَّ استخدام جميع هذه الأسلحة في مواجهة الشيوخ والنساء والأطفال، ومحاولة هدم البيوت والمستشفيات تؤكد همجية هذه العصابة الصهيونية على مدى عقود تجاه حقوق الشعب الفلسطيني المغصوبة من جهة، وتُظهر مدى الذل والهوان الذي خلَّفته صولة المجاهدين في (طوفان الأقصى) التي قصمت ظهر ذاك الكيان من جهة ثانية، وأبطلت إعلامهم الزائف الذي يتشدَّق بقوة جيشه وعظمة أسلحته من جهة ثالثة ..
-٢-
إنَّ (طوفان الأقصى) قد أثبتت للعالم كله أنَّ الشعوب المقهورة ستبقى تنادي بحقوقها، ولا بد يومًا أنْ تنفجر طاقات الشعب بوجه مستعمريه، وهذا ما كان من آثار ذلك الطوفان الكبير، الذي أذهل العالم كله في بيان مدى إصرار شباب هذه الأمة في الدفاع عن أرضهم، واستعدادهم للوقوف أمام شراسة تلك العصابة الإجرامية للكيان، وتحدِّيهم ومهاجمة مقرَّاتهم العسكرية الإرهابية، وما حققوه من انتصارات كبيرة أعادت للمسلمين والعرب روح الدفاع والفداء والشجاعة في مواجهة هذا الاستكبار العالمي، لقد أعاد "الطوفان" الأمل في إمكانية تحرير فلسطين من أرجاس الاحتلال، وأوصل رسالة صريحة لحكَّام العرب الذين يسارعون للتطبيع مع إسرائيل أنَّ هذا الشعب سيبقى يطالب بحقوقه، ولا بد أنْ يقتصَّ من الكيان وأعوانه والداعمين له، وقد أثبتوا لهم إمكانية ذلك لو كان عند أولئك الحكَّام ذرَّة إباء وشهامة، بل عروبة!!
-٣-
لقد حاول الحكَّام العرب من خلال ضعفهم وتقاعسهم تجاه قضية المسلمين والعرب الأولى في تحرير فلسطين تارة، والحفاظ على كراسيهم في الحكم والتسلُّط على شعوبهم بدعم صهيوني تارة ثانية، والاغترار بوعود أمريكا والدول الغربية في السلام المتعلق بالشرق الأوسط والذي هو الاستسلام حقيقته تارة ثالثة، فبذلك حاولوا أنْ يقتلوا روح الدفاع عن فلسطين ومقدساتها عند الشعوب العربية الذين هم أَوْلَى بهذه القضية كما يدَّعون، ولكنَّ (طوفان الأقصى) أفصح عن رسالته التي خطَّها بدماء الشهادة إلى تلك الشعوب تذكيرًا بقضية العرب الكبرى فلسطين، تذكيرًا لهم بالعدو الأكبر للعرب، ودعوة لهم بنصرتهم من خلال وقفة مشرِّفة تؤكِّد صدق دعوتهم في أنَّ فلسطين قضيتهم، وأنَّ فلسطين يجب أنْ نحررها من أيدي الاحتلال، بل قد بعثت فيهم روح الشهادة، وروح البطولة، وروح الكرامة والعز الإباء!!
-٤-
فيا أيتها الشعوب العربية أين أنتم من تلك البطولات التي أذهلت العالم كلَّه!!
أين أنتم من صرخات المجاهدين بوجه عصابات ذاك الكيان "هيهات منَّا الذلَّة"!!
أين أنتم من دعم هؤلاء المجاهدين بصرخاتكم، ومظاهراتكم، وإضرابكم، ووقوفكم أمام سفارات تلك البلدان الداعمة للكيان بالمال والسلاح، والوقوف أمام مقرَّات حُكَّام دولكم ومطالبتهم بموقف بطولي راسخ يهزُّ أركان الكيان!!
أين استجابتكم لصرخات النساء والأطفال وهم يُقْتَلون برصاص الكيان الوحشي!!
أين أنتم من دعوات العلماء بالوقوف بوجه الكيان الوحشي بأي طريقة!!
أين المظاهرات المليونية التي يجب أنْ تهزَّ بلدانكم!!
إنَّ غزَّة تختبر اليوم صدقكم، ودعواتكم، وعروبتكم، وعقيدتكم، وانتمائكم!!
فهل تكفي مظاهرات معدودات في بلدانكم!!
وهل يكفي التنديد والاستنكار في الإعلام أو الإعلان!!
وهل كانت مواقفكم وضغطكم يوازي الجاليات العربية في بعض دول العالم!!
-٥-
أخيرًا .. إنَّ الشعوب يمكنها أنْ تغيِّر الواقع المرير الذي تعيشه الأمة إنْ كانت تعيش روح العقيدة، وتعيش روح الانتماء إلى مقدساتها، بل يمكنها أنْ تؤدي رسالة وصفعة وصاعقة لحكَّامها التي كانت متخاذلة تارة، وخاذلة تارة ثانية، وراكعة و ساجدة لإملاءات الكيان ثالثة، وقد أثبت الكيان المحتل للشعوب ذلك حينما أذلَّ أولئك الحكَّام ولم يمكنهم أنْ يفتحوا معبرًا واحدًا لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزَّة وهو يصارع الموت، فضلًا عن إيصال السلاح والمال إلى مجاهدي غزَّة!!
فالشعوب العربية اليوم عليها أنْ يكون لها موقف مشرِّف أمام التاريخ، فيسجِّل مواقفهم بأحرف من نور، وأيم الله لقد كان (للشعب اليمني) موقف مذهل بتلك المظاهرات المليونية التي ملأت الأرض وهو ينادي بلا خوفٍ أو وجَلٍ ( الموت لأمريكا) ( الموت لإسرائيل)!! فهل يمكن أنْ يخرج العرب في بلدانهم وهم يرددون شعار إخوتهم في اليمن بعزٍّ وإباءٍ ..
اللهم انصر الإسلام والمسلمين واجعل كلمتهم هي العليا، واخذل الكفر والكفار وأعوانهم واجعل كلمته هي السفلى ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat