صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

استَقِيلُوا مِنْ حِزْبِ الدَّعوَةِ الإسلامِيَّةِ و افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ !!.
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في نهاية العقد السادس من القرن العشرين، وكانت عقولنا الفتيّة منفتحة على الواقع، ومفعمة بالنّشاط وطموحة لتحقيق مستقبل، يَنعم بالتطوّر والعلم والثقافة والانفتاح على العالم. وفق أسس منّضبطة تعتمد على القدرات الذاتيّة، التي تؤمن بالتلاقح العلمي والثقافي والحضاري، وفق معايير الإسلام المجيد. إنّه الانفتاح على الآخرين، بدون مسخٍ لهويّتنا وإرادتنا كمسلمين واعين. لقد أمسَت حاجتنا ملحّة لفكر يحافظ على الثّوابت الأخلاقيّة، وعلى منظومة القيم العقائديّة والاجتماعيّة، دون أنْ يترك مجالاً للتماهي في فضاءآت التبعيّة، لهذه المدرسة الفكريّة أو تلك. كلّ هذه المُدرَكات الواعية، والآمال الكبيرة وجدناها في أفكار حزب الدّعوة الإسلاميّة. علّمنا إياها رعيل من الدّعاة، منهم من ذهب شهيداً مثل أبو إيمان موحان معدي، وفائق حسن موزان والدكتور علي الحيدري والاستاذ جواد الزبيدي. ومنهم ما زال حياً، مثل أبو مهدي الدكتور فوزي الربيعي، و أبو نبوغ الدكتور عبد الزهرة البندر، وغيرهم (حفظهم  الله جميعاً).

مثّل لنا حزّب الدّعوة الإسلاميّة أملاً في بناء مشروع النّهضة الإسلاميّة، الذي يتماشى مع حداثة العصّر، وكنا ننظر إليّه أيضاً بأنّه محور التغيير والاصلاح، المنبثق من رؤية الإسلام الإصلاحيّة، المستمدّة مِن النظريّة القرآنيّة في التحرر من سطوات الطواغيت،  لتحقيق العدّل والمساواة، دون الارتماء في دوّامة التبعيّات الشرقية والغربية.

و كُنّا نعرف بأنّ المجتمع العراقيّ، يسير وفق خطّة رسمها حزب البعث، وضعت في أولوياتها تدّمير الرّوح القيميّة، ومسخ الثوابت الاخلاقيّة وتغيير القيم الاجتماعيّة، ليصبح المجتمع العراقي مجتمعاً متحللاً فاسداً منسلخاً عن الإسلام وتعاليمه السمحاء. ومن يتذكّر الآن صورة المجتمع العراقيّ، في عقد الستّينيات والسبّعينيات من القرن الماضي، يجدها صورة مغايرة لصورة المجتمع العراقيّ في هذه الأيام، مختلفٌ بعاداته ومفاهيمه وأفكاره وثقافته. لقد ترك حزب البعث بصماته السيّئة على المجتمع، ونجح في تشويه صورته. و لا أجد نفسي في هذا السياق، مضّطراً لإثبات صحّة ما أقول، فواقع الحال يغني عن المقال.

حينها وجدنا في حزب الدّعوة، حركة لتحرير الفكر الإسلاميّ من الطروحات المتخلّفة التي أُلصقت بالإسلام العزيز. حزب الدّعوة ثراء روحي ثرّ، وجدنا فيه صدى أفكار الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر، الداعية لاستنهاض طاقات الأمّة، من أجل تحقيق حياة حرّة كريمة آمنة سعيدة. والآن يعزّ علينا أنْ نرَ حزب الدّعوة الإسلاميّة، قد انهمك بكل كوادره (والاعم الأغلب من هذه الكوادر انتمت إليه بعد عام 2003)، في عمليّة الصّراع على السلطة، وترك العمل الجماهيري، الذي من أجله تأسس حزب الدّعوة بالأصل.

لقد شُخِّصَتّ حالة تراجع دوّر الأحزاب الإسلاميّة في العراق، وضعف أدائها التوعوي والثقافي، عنّدما أخفقت في تأكيّد القناعات، أمام حملة (بغداد ليست قندهار)، التي أثيرت في كانون الأوّل عام 2010. فلمّ تستطع هذه الأحزاب، من تقديم مشروع ثقافيّ واسع، يناهض فكرة الحملة، ويقدّم للجمهور رؤية موضوعيّة، تستمد قوّتها مِن ثوابت الإسلام، والقيم التي يعتزّ بها المجتمع، بالرغم من وجود الامكانيّات الماديّة والتقنيّة للقيام بذلك، لكن مع الأسف، تمّ معالجة الموضوع تحت سقّف السّياسة وتجاذباتها.        

ومفارقة كبيرة أخرى لوحظت، في احتفال عيد الصّحافة الثالث والأربعين بعد المئة، الذي اقيم برعاية السيّد رئيس الوزراء نوري المالكي. إذّ تساهل بعض أعضاء حزب الدّعوة الإسلاميّة، وغضّو الطّرف عن مراعاة بعض ضوابط الإسلام، التي تحرّم مجالس اللهو(الغناء)(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...). وكيّف الأمر إذا كانت مجالس اللهو، مشفوعة بالرقص والخلاعة والتبذّل. لقد أبدعت نقابة الصحفيين العراقيين بدهاء، إدارة هذا الاحتفال. ونجحت بجعله يتكون من قسمين، القسّم الأوّل رسمي (بروتوكولي) في فندق الرشيد يوم 28/6/2012. وبعده بيوم أقيم القسّم الثّاني(ترفيهي) على حدائق متنزهات الزّوراء، الذي أبدعت فيه (مادلين مطر)، وفنانات أخريات أيضاً. وكان من بيّن الحاضرين في القسم الثاني من الاحتفال، أسماء كبيرة في حزّب الدّعوة الإسلاميّة. وما يثير الاهتمام (مع الخجل من التّاريخ ودماء المضحّين والشهداء)، نجد التشفّي واضحاً في كتابات البعض، الذين وجدوا ضالّتهم في المنزلق الذي وقع فيه سياسيّون اسلاميّون. فمثلاً نشر موقع (العراق.نت) بتاريخ 9/7/2012 مقالاً يحمل العنوان التالي: (الهز مع – مادلين مطر – لا يدخل النار!!!/ حمدان البغدادي). وراح كاتب المقال يسخر و يلمز بأعضاء بارزين في حزب الدّعوة. ودعوني أنقل لكم هذا المقتبس من المقال (على ركاكته وأغلاطه): (....أما الحزب المنافس فنرى مزايداتهم بالجملة وعلى من؟؟ على رأس الناس الغلابة (وهم الأكثرية) الذين يصدقون هؤلاء بالأخص إذا كان من ذوي اللحية الخفيفة ووجود عدد من الخواتم في أصابعه!!. .... وكأن تصريحات السيد المسعول!! لاتقبل المناقشة كونه ينتمي الى الحزب الفلاني.. وهذا الحزب يعود بشكل مباشر أو أخر الى أحدى المرجعيات... ياترى كيف يتجرأ الغلابة أن يسأل أو يناقش ما طرحه السيد المسعول ذو اللحية الخفيفة وكل ثوان يرفع يده لتظهر الخواتم!!!. مربط الفرس: مجلس محافظة بغداد وسماحة السيد المحافظ (القيادي في حزب الدعوة الحاكم/ دام ظله الوارف) له رأيي قاطع وتوجيهاته لاتقبل المناقشة حيث أصدر فتاوى وأوامر بمنع شرب وبيع الخمر في النوادي والبارات وغيرها، كونها رجس شيطاني!!...وكأن العاصمة ملك(الخلفوا) وهو الحاكم ألأول وألأخير ومن غير ليه!!. ولكن (ربك بالمرصاد) لابد أن تظهر الحقائق ولو بعد حين.. نعم بعد دعوة المغنية اللبنانية الشقراء ذات البنطلون البرتقالي والصدر المفتوح برفقة أحد أبطال المصارعة الحرة كحماية!!.، حتى ظهر ألأخوان على حقيقتهم..ترى خيرهم يتمنى ابتسامة من هذه المغنية لابل راحوا يتزاحمون لألتقاط الصور معها!!. واحدهم يلتصق بها ولول الومة لائم وبعض صحفيهم لأتخذ موقفا أخرا ولكن العين بصيرة........!!هذه كلها حلال في حلال.. لكونها ضيفة على المنطقة الخضراء وتكريم الضيف واجب وحلال.. ياترى أين الخلل والمشكلة..؟؟. أكعدوا عدل( يعلنها عريف الحفل أبو السكسوكة) بأن الفقرة آلآن لمطربة المطربات وجميلة الجميلات اللبنانية الحلوة الحبابة/ مادلين مطر... تصفيق كالحالوب والمطر!!. مع أول نقر على الطبلة كل ألأخوة الحضور يبدأ( بفر السبحة) و(الطك أصبعتين لابل حتى هز الرگبة) بالعظيم لولا الكاميرات الموجودة ودولته لقام كل واحد منهم(اخذله گشه) مع هذه الشقراء!!. لم لاء فمادلين التي ترتدي هالبنطلون الضيق وأبراز مؤخرتها والصدر المفتوح.. الله وكيلكم محد بيهم يسمع لاموسيقى ولا صوت.. كلها طربت على ألأشياء الأخرى!.)(انتهى المقتبس).

أقول من موقع الحرص لا الانتقاص: أنّ ما حصل هو موقف يستحق التأنّي والتأملّ والمراجعة، مِنْ قبل القيادة العليا لحزب الدّعوة الإسلاميّة، فأعضاء حزب الدّعوة الإسلاميّة الحاليين، ليس من حقّهم التجاوز على ثوابت ومفاهيم الحزب، فهي مبادئ وأدبيّات، كُتبت من قبل رموز لها شأنها، في تاريخ الحركة الإسلاميّة. إنّه تجاوز على تاريخ وقيم ومبادئ عريقة، كلّفت الشّعب العراقي أنهاراً من الدّماء، وكماً كبيراً من التّضحيات والآلام. ومَنْ يريد حضور حفلات الرقص والغناء، عليه أنْ يستقيل من حزب الدّعوة الإسلاميّة ويعمل ما يحلو له. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/14



كتابة تعليق لموضوع : استَقِيلُوا مِنْ حِزْبِ الدَّعوَةِ الإسلامِيَّةِ و افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ !!.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : جلال احمد ، في 2012/07/14 .

قبل الاستقالة عليهم التوبة

لكن التوبة قبلها يجب ان يعيدوا جميع الاموال التي صرفت على الملذات الخاصة وتحسين الوضع المعاشي كما قيل !!!!!!!!!!!




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net