صفحة الكاتب : صبيحة شبر

الثقافة والابداع بين الصحافة الورقية والالكترونية
صبيحة شبر
 قبل ان نبدأ في تحديد الفروق بين الصحافة الورقية والالكترونية ،  ومكامن التشابه بينهما ،لانهما معا من الوسائل التي تنقل المعرفة وتنشر الابداع ، نبين معنى الثقافة ؟  وما معنى الابداع وما العلاقة بينهما ؟ ولماذا يربط بينهما الكثير من الناس في المجتمع العربي  الحديث ؟
لقد عرف علماء الاجتماع ، الثقافة بانها  الاطلاع على المباديء الأساسية ، من كل فن من فنون العالم وعلومه ،   وتكوين راي محدد فميا يجري في العالم من احداث ،والا  نقف موقف المتفرج دائما ، فيما يزج بنا من امور ، نجد انفسنا حيارى حيالها ، لانحسن تعليلا صائبا عنها ، او ردودا صحيحة ، فالمثقف بالاضافة الى معرفته بتاريخ بلده ، واهم الاحداث التي حدثت للاخرين المساهمين الان ، في الحضارة العالمية ،عليه ان يعرف شيئا عن طبيعة الصراعات السياسية ، والمذاهب الاقتصادية والثروات ، التي تجعل الجيوش الكبيرة ، تتأهب للانقضاض على ما وهب الله الشعوب من خيرات ، كما عليه ايضا ان يعرف تاريخ الثورات الكبرى التي حدثت في العالم ، وما الذي يجعل الانسان احيانا ، يقف كالجبل ،مضحيا بما يملك من اجل عقيدة سامية يعتنقها ، وما الذي يبدل شجاعة ذلك الانسان نفسه ، فيحيله الى امريء خانع متردد في مجالات اخرى ، فالطبيعة الانسانية  تعتبر الفيصل ، في امور شتى يعجز بعض الناس ، عن تفسيرها ، كما ان المثقف بحاجة ان يعرف شيئا ،عن تطور العلوم وعن جمال الاداب والفنون ، وان كان تعريف المثقف بهذا الشكل ، يبدو صعب التحقق للانسان الكثير المشاغل ، الذي يجد نفسه مغلوبا على امره ، مستلهكا وقته في العمل ، من اجل الحصول على رغيف الخبز ،  الذي اخذ يصعب كثيرا ليس امام الطبقة الفقيرة فقط ، وانما حتى الطبقات التي كانت تعتبر من الوسطى.
فما هو الابداع ؟ هو عمليه  اتقان العمل والقدرة على الخلق فيه ، وان كان الابداع على انواع كثيرة ومتشعبة ، فان الذي يهمنا من هذا الموضوع ، هو الابداع الادبي والفني، اي القدرة على كتابة الشعر والقصة والمقالة والرواية ،حسب الطرق الفنية المتفق عليها ، والاعتناء بانتقاء الالفاظ الموحية المعبرة ، بالاضافة الى الفكرة الجميلة ، ويعني بالفنون هو خلق العمل الجميل سواء كان رسما ام نحتا ام موسيقى ، والابداع  وظيفته تعليمية ترقى بعواطف الانسان وتسمو بمشاعره ، فهل كل مبدع مثقف ؟ وهل المثقف يحسب من المبدعين ؟  والجواب ان المثقف ليس بالضرورة يكون مبدعا ، فكثير ما نجد مثقفا قادرا ، أن يتابع العمل الادبي والفني محسنا الحكم له او عليه ، اي ان يكون ناقدا منصفا ، لكنه ليس مبدعا ، والمبدع  الكلاسيكي للقصيدة الموزونة ، قد لايملك ثقافة كبيرة ، بل انه ينظم وحي الخاطر ، لكنه بحاجة الى التدريب الكثير ، والاطلاع على التجارب الادبية الاخرى ، كي يستطيع ان يحافظ على جذوة الابداع متوهجة ، لايمكن لها ان تخبو.
وقد وجد الابداع في الصحيفة الورقية تشجيعا له ، ومداومة على نشره ، وقراء متذوقين متابعين لنتاجات مبدعهم المفضل ، حريصين على الاطلاع على ما ينشر له في امهات المطبوعات الورقية ، ولكن بعد أن وجدت المواقع الالكترونية الكثيرة ،أصبح الاديب محظوظا في الحصول ، على وسائل عديدة ومتنوعة في نشر ابداعه بين القراء ، فلم تعد الصحافة الورقية تحتكر الابداع ، وتجعل  اديبا  كبيرا معينا يقتصر على النشر فيها ، لانها مقروءة اكثر من غيرها ، كما ان عدد قرائها يبلغون الملايين ، واستطاعت مجلة مشهورة كالاداب البيروتية مثلا ، ان يكون لها السبق في اظهار اديب ،وتشجيعه وجعل القراء يقدمون على القراءة له
هل استطاعت المواقع الالكترنية ان تسحب البساط من تحت اقدام الصحيفة الورقية ؟  يمكننا ان نزعم ان مواقع الكترونية كبيرة ، استطاعت ان تثبت كفاءتها ،وان تقدم للقاري ء العربي ثقافة رصينة وابداعا مميزا جميلا ، قادرا على تنمية الذوق العربي ، وصقل القدرة النقدية التي يجب ان يتصف بها القراء الاذكياء ، الذين لايبحثون عن القراءة للمتعة فقط ، وانما يمتلكون القدرة على نقد ما يقومون بقراءته ، والحكم ضده او لصالحه ، المقارنة الان بين الصحافة الورقية  والالكترونية قد لاتكون في صالح الورقية ، لاننا نجد في بعض الورقيات تعصبا لبعض الاقلام ، على حساب اخرى ، أثبتت قدرتها الابداعية ،في كثير من المطبوعات والاصدارات ، كما ان سرعة الانتشار بين القراء ، في العالم اجمع،وخاصة ان استطاع الابداع العربي ،ان يحصل على مترجم مبدع اصيل، يحافظ على جمال الشكل والمضمون.
المجلات الالكترونية في العالم العربي ، في تقدم مستمر ، يجعلنا نتفاءل كثيرا ، ان مستقبل اجيالنا سيكون افضل، مما عشناه نحن ، ولكن ، يجب ان تحرص هذه المجلات على الكلمة الحرة ، التي تعزز الجوانب المضيئة في حضارتنا العربية ، وان تشجع الادباء بالنشر لهم ، ونقد ابداعهم نقدا بناء ، يبين لهم ما غمض عنهم وما استطاعوا ان يحققوه من جمال ،  وان تقترن الابداعات الالكترونية بالنشر الورقي ابضا ، فما زال الكثير من القراء العرب غير قادرين على القراءة النتية 
 
 
                                                                            صبيحة شبر
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صبيحة شبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/21



كتابة تعليق لموضوع : الثقافة والابداع بين الصحافة الورقية والالكترونية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net