ترقية
يعلن درب المشاية عن ترقية استثنائية للحاج علي الغزي الفضلي بترقيته من مراسل حربي إلى مراسل عاشورائي.
الرجل السومري الذي أيقظ العالم بخطوته.
عمره الذي تجاوز السبعين لا يهرم، سواء كانت الشمس ساطعة أو عند إشراقة قمر يبعث النور على خطوات المسير.
في مدار اليقين تمتد الصحوة من رأس البيشة إلى كربلاء التي اختارها الله سبحانه وتعالى أن تكون للكون ضميرًا.
المدى كربلائي، والمسافة آيات من الذكر الحكيم وبعض الأدعية.
كيف هو الدرب يا حاج؟
ـ أحلى من الحلم، وحكمة الجرح أن تجد في ثورة الحزن بهجة مونقة، مؤمنة، تقية.
ـ أتدري ما معنى أن تسير هذا الطريق الطويل وأنت تردد أسماء الشهداء؟
الشوارع تبتسم تحت أقدام الزائرين، والبيوت صارت مضائف يقين.
وهذا السومري يكتب:
ـ ما أجمل تلك البيوت التي خرجت بحفاوة الولاء، والقرى النائية، والأقضية البعيدة، والمدن الصغيرة والكبيرة.
ما أجمل بيوت العراقيين حين تغمرها الطهارة والبراءة.
بيت بكامل عنفوانه يؤدي للزائرين التحية بانحناءة.
ليست البيوت وحدها، بل كانت قبلها تستقبلنا قلوب الناس المضاءة.
العجيب أن الزائر ظل يسخر من حرارة الجو الملتهب ويسير.
وجدت زائرًا يبكي:
ـ خير إن شاء الله؟
ـ قررت أن أسير الدرب عطشانًا، لكن الآن صرت لا أقوى على الخطوة فشربت ماء.
يساعد الله قلبك مولاي الحسين.
هذا الرجل السومري الذي أيقظ العالم بكاميرته،
أرسل لي صورة لأرى كيف ينهض الدرب تحت خطوات زائر بصير.
وسألني أحدهم:
ـ لماذا تبكون قائدًا مات قبل قرون؟
أجابه الرجل السومري:
ـ بقي فينا النداء، يزرع الحلم في قلب كل ناصر ومعين.
وأجمل ما رأيت في هذا المسير، والقول للحاج علي الغزي الفضلي، حين سمعت الطفل في عربة تجرها الأم:
ـ أسمعته يبكي؟
ـ لا، وكأني سمعت طفل المهد يرجز:
(أميري حسين ونعم الأمير).
الحلم يكبر كلما تدنو المسافة إلى الطف، يثمر الولاء ويزهو الحنين.
صور كثيرة، من لهفته يورق الوقت صورًا.
صور صارت غصونًا وموسم الحصاد قريب.
عند حبيب رضوان الله عليه تسجل الأسماء.
(كتب الرجل السومري)
ـ هل تعلم أني وجدت في طريق الطف الحياة، والعالم، الكون كله صار كربلاء.
فهمت القضية... عرفت القضية... أن لكربلاء وجودًا أكبر من فهمي، لغتي، ومعناي.
وتلك الموائد المنصوبة على طول الطريق: (زاد أبو علي/ تفضل يا زاير).
أسأل روحي، والحديث للحاج علي الغزي الفضلي:
ـ هل تلك المضايف كلها من الأرض؟ أم بعضها عمرتها السماء؟
اعذري يا كربلاء ذهولي،
ومن وراء المدار... زائر يغسل رجليه في المضيف بالماء الدافئ والزيت،
والمواكب تقيس النبض، تزود قلب الزائر باليقين.
في أول الدرب تصورت أني أسير بين الكواكب،
اعذرني... لا أستطيع أن أصور لك المشاهد كلها،
ثمار الوعي ناضجة،
الكل يكتب، الكل ينشر الصور، الجميع صاروا هم الدليل.
أؤكد لك أن مع الزائرين كانت تسير النخيل،
ربما ستندهش لو قلت لك أن الأئمة عليهم السلام كانوا في أول المسير.
تلك هي يقظة الأربعين، وضفافه المسكونة بالضياء،
ونحن على بعد خطوات من كربلاء، ينزع الوقت نعليه ليصلي،
وبلهفة الشوق يزور ضريح الحسين مأوى المصير.
يا حسين... وما زال الحديث للحاج علي الغزي الفضلي، مراسل عاشوراء:
ـ أقسم أني رأيت ملائكة الله عليهم السلام يحفون بالمرقد، يرحبون بالزائرين
(أهلًا بزوار الحسين).
أدركت حينها أن الخطوة من رأس البيشة إلى كربلاء... هي اليقين، هي "لبيك يا حسين".
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat