صفحة الكاتب : خيري القروي

اشرب الماء واذكر عطش الحسين عليه السلام
خيري القروي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من جمله المعالم البارزة لواقعة الطف هو حصار الماء، والعطش في واقعة كربلاء، بغية إرغام الحسين ورهطه على التسليم مبكرا، والانتقام من أهل بيت الرسالة.
منع الماء عن النساء والأطفال عمل غير قانوني وغير إنساني في جميع الأديان والمذاهب، لا سيما في الدين الإسلامي.
 لقد ارتكب الجيش الأموي جريمة عسكرية بمنعه الماء عن أصحاب الحسين عليه السلام، وهذا العمل مغاير للشرع والشرف الإنساني
روى الطبري، عن حميد بن مسلم الأزدي قال: جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد أما بعد فخلي بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوق منه قطرة، وليموتوا عطشا.
فبعث عمر بن سعد عمر بن الحجاج على 500 فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين وبين الماء.
حكاية من حكايات الماء يرويها لنا حميد بن مسلم، نادى عبد الله بن أبي حسين الأسدي وأعداده في بجيله، يا حسين ألا تنظر إلى الماء كانه كبد السماء، والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا، فقال الحسين عليه السلام (اللهم اقتله عطشانا ولا تغفر له أبدا) عدته في مرضه ولقيته وحق لا إله إلا هو يشرب الماء حتى يبغر ثم يقيء ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروي فما زال على تلك الحالة حتى مات.
لما اشتد العطش على الحسين عليه السلام ومن معه دعا العباس عليه السلام في 30 فارسا و 20 راجلا وبعث معهم بـ 20 قربة فجاءوا حتى دنوا من الماء ليلا واستخدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجميلي، فقال عمر بن الحجاج الزبيدي من الرجل، فجيء فقال ما جاء بل قال جئنا نشرب من هذا الماء الذي حرمتمونا منه، قال فاشرب هنيئا، قال لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان، فطلعوا عليه فقال لا سبيل إلى سعي هؤلاء، فإنما وضعنا لهذا المكان لنمنعه الماء، فلما دنى منه قال لرجاله املؤوا قربكم فملأوا قربهم، وسار اليهم عمر بن الحجاج وأصحابه، حمل عليهم العباس عليه السلام ونافع بن هلال، فكفوهم ثم انصرفوا.
ترك استشهاد الإمام الحسين عليه السلام عطشانا لوعة في قلوب مواليه ومحبيه إذ اصبحوا يذكرون عطش الحسين مع رؤيه كل معين، لأن الماء يثير ذكريات عطش يوم الطف.
قال الإمام الصادق عليه السلام عن عطش الحسين سلام الله عليه ما شربت الماء باردا إلا ذكرت عطش الحسين بن علي عليه السلام
وقال أيضا ما من عبد شرب الماء فذكر عطش الحسين عليه السلام ولعنه قاتله إلا كتب الله له مئتي ألف حسنه وحط عنه مئتي ألف سيئة.
فالمحبون يذكرون عطش الحسين عند شرب الماء ويسلمون عليه قائلين السلام على الشفاه الذابلات، ويكتبون على أماكن توزيع الماء وخزانات الماء البارد اشرب الماء واذكر عطش الحسين عليه السلام.
والإمام الحسين عليه السلام حينما أضره العطش وأصحابه بعد تطويق الفرات والحيلولة بينهم وبين الوصول إليه أمر الإمام الحسين عليه السلام أصحابه كما أفاد عدد من المؤرخين أن يحفروا بئرا خلف المخيم، فانبعثت منه عين، فشربوا واستقوا ثم ما لبثت أن غارت فبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فأرسل إلى عمر بن سعد أن يشدد الحصار على الحسين عليه السلام وأصحابه، ويمنعهم من حفر الآبار، وهكذا فعل عمر بن سعد وهذه القضية نذكر عليها شاهدين.
 الشاهد الأول.. جاء في كتاب الفتوح إن ابن زياد كتب إلى عمر بن سعد (أما بعد فقد بلغني إن الحسين يشرب الماء هو وأولاده وقد حفر الآبار ونصبوا الأعلام فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فنحهم من حفر الآبار ما استطعت وضيق عليهم ولا تدعهم يشربون من ماء الفرات قطرة واحدة وافعل بهم كما فعلوا بعثمان) فعندما ضيق عليهم عمر بن سعد غاية الطريق اشتد العطش من الحسين وأصحابه وكادوا يموتون عطشا.
 الشاهد الثاني ما أورده الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين عليه السلام، قال: رجعت تلك الخيل حتى نزلت على الفرات وحالوا بين الحسين عليه السلام وأصحابه بين الماء، فاضر العطش بالحسين عليه السلام وبمن معه فاخذ الحسين فأسا وجاء إلى وراء خيمة النساء فقال خط على الأرض 19 خطوة نحو القبلة ثم احتفر، هناك بعث له عين من الماء العذب فشرب الحسين عليه السلام وشرب الناس بأجمعهم وملأوا أسقيتهم ثم غارت العين، فلم يرى لها أثرا.
وبلغ ذلك عبيد الله فكتب إلى عمر بن سعد بلغني أن الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه.
هل وصل العباسُ بالماءِ للحسين (ع)؟
يذكرُ الخطباء أنَّ العباس بن عليٍّ (عليه السلام) تمكَّن من الوصول للمشرعة يوم العاشر بعد أنْ كشفَ عنها العسكرَ المُوكَّل بحراستِها والحيلولةِ دون وصول الحسين (عليه السلام) وأصحابِه إليها، ويذكرون أنَّه ملأ القِربة وحمَلَها إلى الحسين (عليه السلام) والمصادر كثيرة، ومنها: شرح الأخبار للقاضي النعمان المصري (ت: 363ه) قال: "عبأ الحسينُ بن عليٍّ أصحابَه يوم الطفِّ وأعطى الرايةَ أخاه العباس بن عليٍّ، وسُمِّي العبَّاس: السقَّاء، لأنَّ الحسين (عليه السلام) عطش، وقد منعوه الماءَ، وأخذَ العباسُ قُربةً ومضى نحو الماء، واتَّبعه إخوتُه من ولد عليٍّ (عليه السلام): عثمان وجعفر وعبد الله. فكشفوا أصحابَ عُبيد الله عن الماء. وملأ العباسُ القُربة، وجاء بها فحملَها على ظهرِه إلى الحسين وحدَه. وقد قُتلَ إخوتُه".
الذي وليَ قتل العباس بن عليٍّ يومئذٍ يزيدُ بن زياد الحنفي، وأخذَ سلبه حكيمُ بن طفيل الطائي، حاول الوصول مرَّةً أخرى ونجح في كشفِ مَن كان على المشرعة، وملأ القُربة وخرج بها لكنَّه لم يتمكَّنْ من إيصالها لمخيَّم الحسين (ع).
ولهذا يُقال له السقَّاء، ويُكنونه أبا قِربة.
وفي العبَّاس بن عليٍّ (عليه السلام) يقول الشاعر:
أحقُّ الناسِ أن يُبكي عليه   فتًى أبكى الحسينَ بكربلاءِ
أخوهُ وابنُ والده عليٍّ       أبو الفضل المُضرَّجُ بالدماءِ
ومَن واساه لا يُثنيه شيءٌ   وجادَ له على عطشٍ بماءِ

وهذه الأبيات هي مِن أقدم ما وصلنا من الشعر في رثاء العبَّاس بن عليٍّ (عليه السلام) فعمرُها يتجاوزُ الألف عام، فهي منقولةٌ في كتاب مقاتل الطالبيين المتوفى سنة 356 للهجرة " والأبيات منسوبةٌ للفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام) من أعلام القرن الثاني الهجري، أو مطلع القرن الثالث الهجري، وهو من سادات بني هاشم، وكان شاعرًا فصيحًا ويقربُ زمنُه من زمن الإمام الهادي (ع).
وقال أيضا
إنِّي لأذكرُ للعبَّاس موقفَه            بين السيوف وهامُ القومِ تُختَطفُ
يحمي الحسينَ ويَسقيه على ظمأٍ    ولا يُولِّي ولا يثني ولا يقفُ
أكرم به سيِّدًا بانتْ فضيلتُه          وما أضاع له كسبَ العلى خلَفُ
من الشعر الذي ارتجزَ به العبَّاسُ عليه السلام في المعركة هو قولُه:
إنِّي أنا العباسُ أغدو بالسِقا ** ولا أخافُ الشرَّ يوم الملتقى


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خيري القروي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/20



كتابة تعليق لموضوع : اشرب الماء واذكر عطش الحسين عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net