(قراءة في خطبة الجمعة / سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) يوم 17 /1/2020)
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الاهتمام بدلالات الخطاب القرآني يعد من قبل أهل النقد اهتماما واسعا بمفهوم العملية التوصيلية والتي تعني الاهتمام بالمتلقي، والتأثير الوجداني فيه
جعفر بن قدامة يشخصها بالتأثير المعرفي، وأبن طباطبا بالتأثير النفسي، وتهتم مدارس النقد الغربية اليوم بثقافة المعنى ومرجعياته المعرفية والفكرية والجمالية، وبرؤيته الخاصة بالمعرفة.
يرى سماحة السيد الصافي أننا بحاجة إلى أن نمتلك صورة واضحة لتعريف القرآن في فهم مرتكزات التأويل
اختلاف عمليات التدبر أثر المعرفة القادرة على استنطاق الآيات استنطاقا له دلالاته المهمة في عملية القراءة، فنجد الآية نفس الآية والقراءة نفس القراءة لكن التدبر يختلف أي بمعنى أن السعة الفكرية على آليات التأويل تتبع مقدرة الباحث ونوعية اهتمامه بالثقافة العامة والاتجاه الفكري الشمولي
وهذا الأمر يعتمد على المنهل المرجعي والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حددها لنا بكتاب الله العزيز وعترة أهل البيت عليهم السلام، وبالقوة الظاهرة والمثلان لا يفترقان ولا يمكن أن يناقض أحدهما الآخر حتى يمرا على النبي بالحوض.
والقراءة إنتاج عقلي وجداني يعتمد على سيرورة إنتاجية تفاعلية
بعض الآيات محكمة وبعضها متشابه، تدخل في مقام التوجيه والتنبيه للإنسان
وسورة الأنبياء المباركة التي اعتمد عليها الخطاب تستعرض بعض المشاكل التي واجهت الأنبياء
والقرآن الكريم كتاب إعجازي من جميع النواحي، والإعجاز يعني أن نسيج النص القرآني يحمل عدة رؤى تأويلية، ويستشهد سماحة السيد الصافي ﴿وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يبين عملية المناقضة، وعدم الاستفادة من القلب ولا من البصر ولا من الأذان، أي بمعنى فقدان البصيرة وعند النقاد يسمى انعدام التصور الذهني، والحق يحتاج إلى بصيرة
الحق في قراءة وشرح النصوص القرآنية فيه خصوبة معنى، وعمق نصي وضَّحه لنا الرسل والائمة الهداة والعلماء فوصلت نتيجته أن مسلك الحق مسلك واضح.
ويرى سماحة السيد الصافي أن القيم التربوية لها أثر كبير على الفهم، ومن الممكن ان تعطينا اعوجاجا في الرؤية نرى الحق ونصد عنه، بمعنى لا بد من واعز نفسي يوقظ فينا صوت الحق، ولذلك محاسبة النفس في غاية الاهمية، وعدم ترك الأمور جزافا لتحصل الغشاوة، فيرى الإنسان الحق ولا يميزه، وإذا ميزه لا يتبعه،
استطاع الخطاب أن يصل إلى الوصف الدقيق لتفصيل بعض الحالات النفسية والتربوية، أي دراسة الأثر النفسي للتربية، المنهج الخاطئ يبعد الإنسان عن الطريق المستقيم
يرى سماحة السيد الصافي أن رمزية الحق محفوظة في كل عصر وفي كل زمان، نتأمل في قوله تعالى ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ عندما ينهزم الخاسر في البرهان يلجأ إلى أساليب أخرى، عملت القراءة إلى الصيغة المورقة لتولد الدلالة، والذي يعد قيمة جمالية يبحث عن الاثر، الآية أوجزت أنهم مع الاستهزاء بالأنبياء يأنفون أن تذكر آلهتهم بسوء
القراءة الحقيقية لأي بحث جاد هو تأسيس لجوهر المعنى، يقولون كل شيء عن النبي لكن عندما تصل القضية إلى آلهتهم يختلف الأمر، يعظم ما عنده ويشير بالاستهزاء لما عند غيره، ظاهرة قراءة النص القرآني ترتبط بالدلالة الأسلوبية ومحاولة توصيل المعنى،
الأنبياء يريدون الفضيلة للناس، يعملون لترتقي الإنسانية إلى حالة الكمال، وإلا فموقع النبوة موقع عظيم ليس ثمة مقام أعلى في الدنيا لا جاه ولا مال أكبر من النبوة، العمل على فهم المعنى القرآني فهما واعيا هو التأمل داخل النص، أي قراءة الموجهات الدلالية، البحث في الوضع العقلي السليم للإنسان، يحتكم إلى أن يقول أن كان هذا هو الحق فاهدنا إليه، لكن الوضع العقلي السلبي الذي كانوا يتصفون به يجعلهم يقولون أن كان هذا هو الحق فانزل علينا عذابا، هذا خلاف الوضع العقلي السليم
يبحث الخطاب عن روح المعنى في الآية القرآنية، عن العمق الوجداني الذي تناغم مع الوعي الإنساني
يقول الله تعالى ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ لم يقل تعالى خلق الكافر بل معنى الإنسان، أي أنه ذهب إلى الطبع الأولي، العقل الإنساني لا يحيط بكل تفاصيل الموضوع، الحوار بين الله سبحانه والعبد
ومن ضمن هذه الحواريات هناك لغة التهديد وعجب التهديد ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ لكنها ثقف عند مفاهيم تستبدل بما هو أكثر ملاءمة، فنحن نؤمن بأن حلم الله أكبر من غضبه ورحمته أوسع لكن الرحمة تحتاج إلى مؤهلات، ليكون الإنسان من الذين يستحقون الرحمة ومن الذين يروون الحق حقا فيتبعونه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat