الاتجار بالدين في العراق
د . ميثم مرتضى الكناني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ميثم مرتضى الكناني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل سنة تقريبا من تاريخ اليوم فوجئت كما غيري من الناس في مدينتي الواقعة وسط العراق بلافتة كتب عليها (ان الامامين..... قد انجزا عملية جراحية للمريضة فلانة وتكللت العملية بالنجاح بعد ان عجز الاطباء عن شفائها) وقد رفضت هذه السيدة (صاحبة هذه الكرامة)و لم تقبل ان يتم فحصها من قبل طبيبة ارسلها مدير عام الصحة للتحقق من الموضوع وليس في الموضوع غرابة اذا تقولت هكذا امراة مدعية في وسط ريفي او بدوي منقطع عن وسائل الحضارة ولكن الغريب في الامر هو وضعها اللافتة في شارع الاطباء وامام مراى كل اصحاب الشان من الاختصاصيين علاوة على ذلك فان جمهورا كبيرا من النساء (المتعلمات من موظفات ومدرسات ومهندسات) قد ارتدن بيتها للتبرك , وقد جرتني هذه المشاهد الى موضوع الاستخفاف بالعقل الذي يمارسه الكثيرون مستغلين اشكالية المزج بين دوري الدين والعلم في حياة الانسان حيث كانت وظيفة واحدة في الحضارات القديمة بل وحتى الدينية السماوية عندما كان الانبياء يمارسون دورا وعظيا روحيا وفي ذات الوقت يعملون على تخليص اتباعهم من العلل والاسقام ببركات قربهم من السماء , ولكن هذا الدور قد توقف بعد انتهاء مرحلة التبليغ الرسالي و تطور الحضارة الانسانية فاصبح الدين خارطة طريق قيمية تدلنا على الصواب في كل مواقفنا وسلوكياتنا فيما يتعمق العلم في تفاصيل المشكلات ليجد لها حلولا منطقية , فدور الدين في التوجيه ودور العلم في البحث والابتكار وفق القوالب الاخلاقية التي يضعها الدين ليكاملا معا في تحقيق الرفاهية والخير والحياة الكريمة لبني البشر , ولقد وقعت الشيوعية في اثناء صعودها الملفت منذ نهاية ثلاثينات القرن الماضي وقعت في اشكالية حذف دور الدين والاستعاظة عنه بالعلم وانتهت الى ماانتهت اليه من تهييج واثارة المشاعرالجماهيرية ضدها بفعل اغفالها ان الدين هو حاجة روحية لايمكن للماديات ان تلبيها حتى وان تم توفيرها بكثافة , وذات الخطا يقع فيه المتاجرون بالدين من خلال تصوير ان الدين بديل عن العلم والتكنلوجيا مستغلين عواطف وسذاجة ونسب الامية المرتفعة في بلداننا العربية والعراق يمثل ساحة من ساحات هذه المشاهد التي صرنا نتعايش فيها مع وعظ ديني يستهدف الانخفاض بفكر الامة لكي يتلائم مع مقاصد (هؤلاء المدعين ) ان المثقفين والمتنورين مدعوون لانتفاظة تحمي الدين ممن يحاول تزييفه والاستهانة به لان من شان السكوت على هؤلاء ان يجعل شوكتهم مستقبلا هي الاقوى مايفتح الطريق مشرعا امام المزيد من الاساءات والتجاوزات التي تنسب للاسلام ونبيه (ص) بحكم القياس على سلوكيات ومخالفات هذا النفر الجاهل او المدسوس الذي يريد ان يصور الاسلام بصورة تناقض العلم والحضارة وتكره الاخر وتنفره وهي ليست الا اباطيل يروج لها هؤلاء الذين امتهنوا حرفة الدين في ظل تعطل او تهاون المثقف عن اداء دوره في تنوير وتوعية المجتمع وهو الوضع الذي وصفه الامام علي بن ابي طالب( كرم الله وجهه) بمقولته الشهيرة )(قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat