صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

المشهد العراقي ......أسئلة تبحث عن إجابات
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما يوجه المتابع نظره ومهما كانت صفته وعنوانه،على ما يدور من تفاعلات وحراكات،وممارسات سياسية (أزموية) بالتوالد والتتابع لو صح التعبير،قد يخرج بنتيجة مفادها أن هذه الأزمات محلية الصنع ،وبأدوات من نتاج المعامل العراقية،وبقولبة عراقية ،وهي تقف فقط عند اتهامات طرف لطرف آخر بالتفرد بالسلطة المشتركين بها ومضفي الشرعية عليها وعلى من استولى عليها ،وبالاستبداد وخرق الدستور ،وتسييس القضاء .فيجيبهم المتهم بأن هاتوا برهانكم على خرقي للدستور ،وجعل القضاء يعمل لصالحي ويكيف القوانين ويفسرها كيفما أشاء ،أو يجيب على من يتهمه بالتهميش لمكون من مكونات العراق،بأن لجنة قد تشكلت لهذا الغرض ولم تفعل أعمالها ،وهكذا يدفع عنه بكل الاتجاهات والأنحاء التهم الموجه إليه .هذه هي مظاهر الأزمة القائمة بين التحالف الكردستاني العراقي وزعيم دولة القانون ورئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ،وبطبيعة الحال  تتفرع عن هذه الصور، صور أصغر ،لكنها تفسر بعضا من علة الخلاف ،مثل النفط والغاز،ومرتبات البيشمركة،والمناطق المتنازع عليها ،على أن هذه (الأزموية) صنعت في العراق، ومثلها ،هناك أزمة بدأت شرسة ،عنيفة على الأقل من إعلان نتائج الانتخابات العامة والتي ولدت الحكومة الحالية من رحمها ،وفيها مفارقة عجيبة تمثلت باتهام رئيس الحكومة الحالية وهو نفسه رئيس الحكومة السابق وقد جرت الانتخابات في عهده ،بأن الانتخابات قد جرى التلاعب بها وبنتائجها ،ثم جرى ما جرى من تداعيات تشكيل الحكومة مرورا باتهام طارق الهاشمي والحكم عليه لضلوعه في عمليات إرهابية ،وصولا إلى اعتقال حماية رافع العيساوي التي خرجت على إثرها أربع محافظات (بتظاهرات) ،مر على خروجها ما يقرب الشهرين ،ولو ننظر إلى كل هذه الأحداث وينظر معنا الآخرون بأنها تحدث في كل مكان وزمان لاسيما في بلد يتلمس خطواته الأولى للحكم القائم على (الديمقراطية) .ثم ننظر إلى ما حدث في العشرة الثانية من شباط 2013 من تداعيات وأمور كان بطلها أيضا رئيس الحكومة في مشهدها الرئيسي وكما كل مرة ،وفي الطرف الآخر هيئة المساءلة والعدالة متمثلة برئيسها المؤقت فلاح شنشل المنتمي للتيار الصدري والذي أقاله الأول بزعم أنه لم ينتخب ويصوت عليه من قبل مجلس النواب ،وارتبط هذا الزعم وهذه الحجة بشمول رئيس المحكمة الاتحادية القاضي (مدحت المحمود) بإجراءات المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) الأمر الذي استنكره السيد المالكي أشد الاستنكار،وأردف السيد المالكي قراره هذا بتعيين (باسم البدري) محل فلاح شنشل ،الذي سارع إلى إحالة القضية للهيئة التمييزية الخاصة بقرارات هيئة المساءلة والعدالة والتي بدورها طعنت بقرار الشمول ،لا بل جعلته من المضطهدين ،وقد أخذت هذه الإجراءات (أي ما بين تعيين البدري ،والطعن في قرار الهيئة) ساعات إن لم نقل سويعات ،ثم عممت أمانة مجلس الوزراء إلى الدوائر الرسمية بأن ما صدر من الهيئة تحت رئاسة شنشل يعد لاغيا لأنه جاء موقعا من رئيس وكيل وليس أصيل ،وقد نسيت أو تناست وتغافلت الأمانة أن إحالة أوراق الطعن أحيلت موقعة من رئيس بالوكالة أيضا وهو (البدري) ،وكذلك أن الهيئات الباقية ووزارات مهمة مثل هيئة النزاهة،وهيئة نزع الملكية ،وأمانة العاصمة ،والبنك المركزي العراقي ،ووزارة الدفاع ،ووزارة الداخلية ،ورئاسة المخابرات ،والأمن الوطني ،والأمانة العامة لمجلس الوزراء وحتى قادة الفرق الذين من المفترض أن يصوت عليهم من قبل مجلس النواب يعدون قادة بالوكالة لأنهم لم يصوت عليهم ولم تحال أوراق تعيينهم للمجلس ،فلماذا إذاً الأمر يشمل فلاح شنشل ولا يشمل غيره ،علما أن السيد المالكي من المفترض أن يعرف ويعي جيدا أن تعيين رئيس الهيئة للمساءلة والعدالة منوط بمجلس النواب(كما هو الحال مع باقي الهيئات)،ومن المفترض أن يعرف السيد المالكي أن فلاح شنشل قد صوت عليه من قبل مجلس النواب كعضو هيئة سباعية أسوة بباقي الأعضاء ومنهم السيد باسم البدري ،وقد رشح بأغلبية الأصوات ليكون رئيسا لها ،وقد كلف بمهام الرئيس لحين التصويت عليه برلمانيا كي يأخذ شرعيته كاملة ،وإن جهل الأحكام والقوانين وهذا مستبعد ،من المفترض أن يكون لديه من المستشارين القانونيين وبالعدد الكافي ليلفتوا نظره إلى عدم قانونية إجرائه هذا،فلماذا إذاً،وهذه اللماذات لو جاز لنا التعبير تتولد منها وعنها لماذات كثيرة ،منها ،لماذا التمسك بالسيد مدحت المحمود والدفاع عنه بهذه الصورة ،هل لأن السيد المحمود قد كيّف القانون وفسره بالمطلق لصالح السيد المالكي ،وجعل القضاء (المستقل والمنفصل عن باقي السلطات) سلطة ضاربة بيد السيد المالكي كما يتهمه المتهمون ،وإن كان كذلك فهل يعجز السيد المالكي عن العثور على شخص بهذه المواصفات وأبعد منها ،وهل أن السيد المالكي لم يحسب للأقدار حسابها،فلم يهيأ شخصا أو أكثر ليحل محل السيد المحمود في مثل هذه الحالة ؟ فماذا يمثل إذاً السيد المحمود للعملية السياسية التي ابتدأت بعد 9/4/2003 ،وفي مثل هذه الحالة الأمر يتعلق فقط برؤى السيد المالكي ،أم هناك تأثير أكبر على الساحة جعل السيد رئيس الوزراء يسارع في خطاه لمعالجة الأمر بطريقته الضاربة للوائح والقوانين عرض الحائط ؟ وهل يتحمل وضع السيد المالكي الحالي (الأزموي) في توسعة الفجوة بينه وبين التيار الصدري الذي ينتمي إليه السيد فلاح شنشل،لاسيما أنه في حالة من الأزمة مع حلفائه في الرمادي السابقين،إذ أن الشيخ علي حاتم سليمان تحالف في انتخابات مجلس النواب الحالي مع دولة القانون ،كما أن الشيخ أحمد أبو ريشة يعد من حلفائه السابقين أيضا حتى انه عندما شعر بأن قائمته خسرت الانتخابات المحلية في 2009وهدد بعصيان مدني وأيضا هدد باضطرابات ،لم يحرك السيد المالكي ساكنا تجاهه بل بالعكس تماما أرسل المفوضية وحققت وفتحت السجلات وأعادت النتيجة التي يرغبها أبو ريشة .وحلفاء الأمس ،أعداء اليوم يصعدون من مواقفهم في كل يوم وجعلوا من ممارسة السيد المالكي للحكم هدفا للوصول إلى مبتغياتهم الكثيرة، ،وأولها الوصول إلى الحكم ،الذي لا يرتضي السيد المالكي إلا أن يكون منه وفيه،أو على الأقل الحصول على مساحات واسعة يقفون عليها في الفترة القادمة ،ولذلك هم يبتزون ويصعدون من ابتزازهم للسيد رئيس الوزراء الذي يعي حجم وامتداد هؤلاء الذين أزاحوا السياسيين من (العراقية) والذين كانوا في متناول السيد المالكي ،فقد تسيد الساحة رجال دين ورؤساء قبائل وهؤلاء محيطهم المحيط  الجغرافي ،والإقليمي للعراق ،وصوتهم بهذا المحيط عالي لاسيما أن ما آلت إليه أحداث ما يسمى بالربيع العربي يجعل صوتهم أعلى ويصل إلى المكان الذي يصل إليه السيد المالكي أيضا ،فهل فكاك أزمة المالكي مع حلفاء الأمس (سليمان وأبو ريشة) وامتداداتهما بضرب التيار الصدري ،كما بدأ بفك أزمته مع الكرد ،متحجبا بالتركيز الإعلامي على مناطق (التظاهرات) ليعطي للإقليم ما يطلبه وما يريده،دون ضجيج ولا تنديد ،وإن كان الجواب بنعم ،فهل السيد المالكي في وارد خسارة تيار كبير له ثقله الشعبي والسياسي في نفس المحيط الذي ينحدر منه هو وحزبه ،حزب الدعوة ،وهنا رب سائل يسأل وأين نحن من صولة الفرسان التي يفتخر بها ؟ وإن كانت بلا فكيف الفكاك من أزمته مع (أبناء) الرمادي ،والموصل ،وصلاح الدين ،هذه أسئلة تبحث عن إجابات ،لكن قبل أن نجيب أو يجاب  عنها لاحقا ،يجب أن تسبقها إجابة عن السؤال التالي ،هل يبقى للصناعة المحلية في خضم هذا البحر المتلاطم من الأحداث فيما يحيط بالعراق ،ويتأثر به وفيه حتما.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/21



كتابة تعليق لموضوع : المشهد العراقي ......أسئلة تبحث عن إجابات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net