الخيط بيد واحد مو نجيب
عبد الله السكوتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الله السكوتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هواء في شبك
( الخيط بيد واحد مو نجيب )
وهذه المقولة يقولها صاحب الحاجة ، اذا صادف من يعاكس مراده ، وللقول حكاية تشير الى قارىء ، يعظ في المجالس ، كان يخطب في احد الايام ، فاتفق جماعة من الشبان عليه وتغامزوا ، فاحس الشيخ بتغامزهم ، فلما نزل من المنبر ، سالهم عن السبب ، فقالوا له : انهم يعجبون من كثرة لحنه في اللغة العربية ، اي انه يخطىء في الاعراب وهو تحريك نهايات المفردات ، فاتفق معهم على ان يشدّ في اصبعه خيطا يكون طرفه الاخر عند احدهم ، فاذا لحن شدّ الخيط لتنبيهه الى خطئه ، ولما ارتقى المنبر وبدأ حديثه ، شدّ الخيط ، فتوقف ، وتأمل في اقوله ، فلم يجد لحنا ، فاسترسل ، فشدّ الخيط مرة اخرى ، فتوقف وعاود التفكير ، فلم يجد لحنا ، وعاد الى خطبته فعاود من شاكسه الى شدّ الخيط ، وتحير السامعون ، وقالوا له : انك اليوم كثير التوقف ، شديد الاضطراب ، فما السبب ، فقال : السبب ، ان ( الخيط بيد واحد مو نجيب ) .
والنجيب تعني في مجمل معناها : الشريف ، الذي يحفظ العهد ويكون وفيا ، وهذه الحكاية تلقي الضوء على عالمنا اليوم ومايجري فيه من تخبط باسماء متعددة ، ونخشى ان يكون الخيط بايد غير امينة ، تريد من وراء التصريحات والتلميحات ان تنشر الفوضى ، وتخلق المتناقضات ، ليتخندق الشعب في عدة خنادق متباينة ، والخيط هذا عجيب ، يرقّص كثيرا من الدمى البشرية ويلقي بها الى طرق لم تكن لتسلكها ، وكثيرا ما تكلم الآخرون عن نظرية المؤامرة ، ماحدث في العراق في التسعينيات ظل حبيس الافلام والاقراص المدمجة ، ومايحدث في مصر اريد له ان يكون كذلك ، ماادى الى اعتقال مجموعة من الصحفيين من قبل قوات الامن المصرية ومنهم مراسل رويترز مع عدد من الطلبة الجامعيين ، وهذا لم يكن ليحدث لولا التصعيد الخارجي الذي حاول بشتى الطرق ان يؤجج النزاعات بتصريحات كانت تنحو منحى النصائح ، ما ادى الى تمسك المعارضين وايقاض شعور التعاطف مع حسني مبارك من قبل اطراف اخرى ؛ كانت انتفاضة حقيقية فسيرت باتجاه الفوضى واللصوصية ، وهذا درس بليغ للآخرين بان الانتفاضة الشعبية لايمكن لها ان تسير باتجاه اهدافها الا بمعونة خارجية ، وبالاصل هي بكفوف ابنائها ، ولكنها تجهض لتحل ثانية بصورة اخرى ، غزو ، اوتغيير ، اوربما مصطلح آخر يليق ببساطة ومسالمة ابناء مصر الطيبين ، اما من يقع في الميدان فهذا كما يقول اهلنا : ( راح من جرد روحه ) ، ومن المؤكد ان الشعب اذا اراد شيئا فهو له ، وقوة الشعوب لايمكن قهرها مع مايملك الطغاة من اساليب ملتوية ، لكن الخوف من تعدد الاصوات وضياع اللحن الاصلي الاصيل ، وحينها يصبح الفرز صعبا فيندفع كل باتجاه تفسيره للامور وعندها تكون الفوضى ، خصوصا عندما يكون الخصم هلاميا لاتستطيع ان تتكهن بمايريد ولم يخطط ، ولكن يبقى الشعب المصري يؤمن ان مصر ام الدنيا وهو قادر ان يحافظ على منجزه الذي حققه بجهد وتعب ، وحتى الان يستطيع ان يلم جراحه ، ويعقد عزمه على التغيير او سواه ، وعليه ان يبحث عن الخيوط بيد من ، والشباك بيد من ، مع وجود رائحة تشير الى حركات واحزاب متطرفة ، سبقتها تفجيرات واعمال عنف ، والفخ في هذه الحالة سيكون صعبا ، ولكننا نعتمد على نباهة المصريين ، في عزل المتطرفين ، ونعتمد عليهم في اكمال المسيرة بشكل حضاري خال من القتل والاعتقالات والهمجية ، ولايكون شعبنا في مصر لقمة لهذا المنتفع ، واقول له كما قال الشاعر من الابوذية :
( اذوبن لو عيونك علي تنصاد
اشما توصل الحينه اصدود تنصاد
اذا انته التعرف الناس تنصاد
جا آنه الغشيم اشلون بيّه )
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat