صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

ثَقَافَةُ الْتَّظَاهُرِ.
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حَمَلَتْ تَظَاهُراتُ يَومِ 31 حزيران 2013 ، الّتي قَامَتْ بِهَا جَمَاهِيرُ بَعْضِ مُحَافَظَاتِ الفُرَاتِ الأَوْسَطِ، وَ بَعْضِ المُحَافَظَاتِ الجَنُوبِيّةِ، بَصمَةً سِلْمِيَّةً دُوْنِ أَدنَى شَكّ. وَ المُظَاهَرَاتُ وِفْقَ رُؤْيَةِ النُظُمِ الدِّيْمُقْرَاطِيّةِ، هِيَ حَقٌّ مِنْ حُقُوْقِ المُوَاطِنِ، لِلتَّعبِيْرِ عَنْ رَأْيِهِ. فَهِيَ مُمَارَسَاتٌ شَعبِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ كَفَلَتْهَا الدَّسْاتِيْرُ، وَ نَظَّمَتْهَا القَوَانِيْنُ وَ التَعلِيْمَاتُ الخَاصَّةُ بَهَذَا المَوْضُوْع. 
وَ بِالْرَغْمِ مِنْ حُصُوْلِ مُمَاحَكَاتٍ بَيّْنَ بَعضِ المُتَظَاهِريْنَ وَ بَعضِ أَفرَادِ الأَجْهِزَةِ الأَمْنِيَّةِ فِي مُحَافَظَةِ ذِيْ قَار. إِلاّْ أَنَّ تِلْكَ المُمَارَسَاتَ الخَاطِئَةَ، سَوَاءٌ كانَتْ مِنَ المُتَظَاهِريْنَ أَوْ مِنْ قُوَّاتِ الأَمْنِ أُدِيْنَتْ بِشِدَّةٍ. لَكِنْ بِشَكْلٍ عَامٍ نَجَحَ المُتَظَاهِرُوْنَ، فِيْ التَّعبِيْرِ بِحُرِّيَةٍ تَامَّةٍ، عَنْ مَطَالِبِهِمْ المَشْرُوْعَةِ. وَ مِنْ مُؤْشِرَاتِ نَجَاحِ هِذِهِ المُظَاهَرَاتِ، وُصُوْلُ المُتَظَاهِريْنَ إِلى نُقْطَةِ تَحقِيْقِ المَطْلَبِ، مِنَ الحُكُوْمَةِ. فَقَدّْ صَرَّحَ السَيِّدُ رَئِيْسُ الوُزَرَاءِ نُورِي المَالِكِي عِبْرَ الفَضَائِيّاتِ، أَنَّهُ سَيَتِمُّ صِيَاغَةُ مَشْرُوْعِ قَانُوْنٍ، مِنْ قِبَلِ رِئَاسَةِ الوُزَرَاءِ، يُحَدِّدُ رَوَاتِبَ الرِّئَاسَاتِ الثَلاَثِ، وَ رَوَاتِبَ الدَّرَاجَاتِ الوَّظِيْفِيَّةِ الخَاصَّةِ، وَ سَيُرفَعُ هَذَا المَشْرُوْعُ إِلى مَجْلِسِ النُوَّابِ لِتَشْرِيْعِهْ.
لَكِنْ هُنَاكَ مَوْضُوْعاً آخَراً، يَتَعَلَّقُ بِمَوْضُوْعِ المُتَظَاهِريْنَ وَ أَهْدَافِهِمْ. فَفِي الدِّوَلِ الْدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ المُتَقَدِّمَةِ، تَقُوْمُ مُنَظَمَاتُ المُجْتَمَعِ المَدَنِيّْ، وَ النِقَابَاتُ وَ الجَمْعِيَّاتُ، وَ الأَحزَابُ المُعَارِضَةِ لِلْحُكُوْمَةِ، وَ هِيَ مَا يُطْلَقُ عَلَيّْهَا (جَمَاعَاتُ الضَّغْطِ). هَذِهِ الجَمَاعَاتُ هِيَ الأَكثَرُ اهتماماً بِتَصحِيْحِ أَخْطَاءِ الحُكُوْمَةِ. وَ لِهَذِهِ الجَمَاعَاتُ دَوْرٌ مُهِمٌ، فِي رَسْمِ السِيَاسَاتِ الدَّاخِلِيَةِ وَ الخَارِجِيَةِ، لِتِلْكَ الدُّوَلِ أَيْضاً، مِنْ خِلالِ تَنْظِيْمِ المُظَاهَرَاتِ وَ تَوْجِيْهِ الرَأْيِّ العَامِّ بِاتِّجَاهٍ مُحَدَدّ. 
فَجَمَاعَاتُ الضَّغطِ، تَقُوْمُ بِحَصّرِ مَطَالِبِ الجُمْهُوْرِ المَشْرُوْعَةِ أَوَلاً، وَ مِنْ ثُمَّ تَقُوْمُ بِحَمْلَةٍ لِجمعِ التَوَاقِيْعِ وَ بَيَانِ الرَأْيّ بتلكَ المَطَالِبِ. لِقِيَاسِ نِسْبَةِ المُعَارِضِيْنَ وَ المُؤَيِدِيْنَ لِلْقَضِيَّةِ المَطرُحَةِ. وَ بَعدَ جَمْعِ نِسْبَةٍ كَبِيْرَةٍ مِنَ الأَصوَاتِ، تَبْدَأُ مَرحَلَةُ النَّشَاطِ الإِعلاَمِيّ المُوَجَّهِ، بِدءً بتَوْزِيْعِ المَنشُوْرَاتِ وَ وَضْعِ الإِعلانَاتِ المُخْتَلِفَةِ، وَ عَقْدِ المُؤتَمَرَاتِ وَ النَدَوَاتِ وَ المُنَاظَرَاتِ، لِحَشْدِ الجَمَاهِيْرِ وَ تَوْجِيْهِ أَنْظَارِ الرَأْي العَامِّ، بِاتِّجَاهِ القَضِيَّةِ أَو المَطَالِبِ المُرَادِ تَحقِيْقُهَا، مِنَ الحُكُوْمَةِ. وَ جَدِيْرٌ بالذِّكْرِ أَنَّ النُظُمَ الدَّيْمُقْرَاطِيَّةِ المُتَقَدِّمَةِ، حَسَمَتْ مَوْضُوْعَ الحَاكِمِ وَ المُعَارِض. فَهُمَا جِهَتَانِ إِحدَاهُمَا تُقَابِلُ الأُخْرَى. فَلا يُمْكِنُ لِجِهَةٍ مُعَارِضَةٍ، أَنْ تُشَارِكَ فِي الحُكُوْمَةِ. وَ لا لِجِهَةٍ مُشَارِكَةٍ فِي الحُكُوْمَةِ، أَنْ تَكُوْنَ جُزْءاً مِنَ المُعَارَضَةِ. وَ فِي العِرَاقِ الدَّيْمُقْرَاطِيّ، لا زَالَتْ هِذِهِ النُقْطَةُ، بِحَاجَةٍ إِلى تَمْحِيْصٍ وَ مُرَاجَعَةٍ، مِنْ أَجْلِ تَحدِيْدِ دَوْرِ كُلِّ طَرَفٍ مِنْهَا.
وَ مَعَ كُلِّ ذَلِكَ، فَقَدّْ سَجَّلَتْ مُظَاهَرَاتُ يَوْمِ 31 آب 2013، نُقْطَةَ انْطِلاقٍ إِيْجَابِيَةٍ، يُمْكِنُ أَنْ تَكُوْنَ حَجَرَ أَسَاسٍ، لِمَشْرُوْعٍ إِصلاَحِيٍّ كَبِيْرٍ، يَنْهَضُ بِهِ الْرَأْيُّ العَامُّ العِرَاقِيُّ، لِتَصحِيْحِ انْحِرَافَاتِ وَ سَلْبِيَّاتِ عَقْدٍ كَامِلٍ، مِنَ الحُكْمِ الدَّيْمُقْرَاطِيّ المُشَوّهِ فِي العِرَاقِ، الّذْي بُنِيَ عَلى أُسُسٍ بَعضِها خَاطِئ. 
لَكِنْ مَا يَجِبُ أَنْ يُشَارَ إِلَيّْهِ، أَنَّ المُتَظَاهِرِينَ، قَامُوا بِنَشَاطَهُمْ التَّظَاهُرِي السِّلْمِي، مُطَالِبِيْنَ بِتَحقِيْقِ مَطْلَبٍ، يَقَعُ فِي آخِرِ سُلَّمِ أَوْلَوِيَّاتِ المَطَالِبِ، الّتي يَنْبَغِي عَلى الجُمْهُوْرِ المُطَالَبَةِ بِهَا. وَ هَذَا مَا يُؤَكِّدُ، غِيَابَ عُنْصُرَيّ الخِبْرَةِ، وِ نِظَامٍ مُؤَسَسِيٍّ مَدَنيّ، يُوَجِهَانِ المُجْتَمَعَ العِرَاقِيّ. فَكَانَ جُمْهُوْرُ المُظَاهَرَاتِ غَيْرَ مُعَبَأٍ بِطَرِيْقَةٍ وَاعِيَةٍ، حَتَّى يُطَالِبَ بِقَضَايَا تَحمِلُ بُعداً أَعمَقَ، مِنْ تِلْكَ المَطَالَبِ الّتي طَرَحَهَا. فَمَثَلاً لَوّْ قَارَنَّا بَيّْنَ الأهَمِّ وَ المُهِمِّ، مِنَ القَضَايَا الّتي يُعَانِي مِنْهَا الشَّعبُ العِرَاقِي، وَ رَتّْبْنَاهَا فِي جَدوَلٍ حَسَبَ أَهَمِيَّةِ أَوْلَوِيَّاتِهَا الّتي تَهِمُّ المُجْتَمَعَ. أَعتَقِدُ سَيَكُوْنُ مَوْضُوْعُ تَخْفِيْضِ رَوَاتِبِ مَجْلِسِ النُوّابِ، وَ الوُزَرَاءِ، وَ أَصحَابِ الدَّرَجَاتِ الخَاصَةِ، فِي آخِرِ سُلَّمِ الأَوْلَوِيَّاتِ. إِنَّ فِي مُقَدِّمَةِ الأَوْلَوِيّاتِ، الَّتِي يَجِبُ أَنْ يُطَالِبَ الشَّعبُ العِرَاقِي بِتَحقِيْقِها هِيَ:-
1. تَحقِيْقُ الأَمْنِ.
2. رَفْعُ الحَصَانَةِ عَنْ عَدَدٍ مِنَ النُوَّابِ، المُوَّجَهَةِ ضِدَّهُمْ قَضَايَا تَتَهِمُهُمْ بِالإِرهَابِ. 
3. القَضَاءُ عَلى الفَسَادِ المَالِيّ وَ الإِدَارِيّ. وَ مُحَاسَبَةُ المُفْسِدِيْنَ تَحتَ شِعَارِ (مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟.)
4. المُطَالَبَةُ بإِنْهَاءِ الصِّرَاعِ السَيَاسِيّ، عَلى المَنَاصِبِ وَ السُلْطَةِ. 
5. المُطَالَبَةُ بِوَضْعِ حَلٍّ، لِمُشْكِلَةِ المُحَاصَصَةِ الحِزْبِيَّةِ، مِنْ خِلاَلِ تَشْرِيْعٍ خَاصٍّ بِذَلِكَ، يَضَعُ الشَّخْصَ المُنَاسِبَ فِي المَكَانِ المُنَاسِبِ.
6. المُطَالَبَةُ بِمُحَاسَبَةِ مَجْلِسِ النُوَّابِ، لِتَعطِيْلِهِ العَشَرَاتِ مِنَ القَوَانِيْنِ، بِسَبَبِ عَدَمِ التَّوَافُقِ بَيّْنَ الكُتَلِ السِيَاسِيَّةِ.
7. المُطَالَبَةُ بِتَشّْرِيْعِ أَهَمِّ قَانُوْنٍ للمَرحَلَةِ المُقْبِلَةِ، هُوَ قَانُوْنُ الأَحزَابِ.
8. المُطَالَبَةُ بإِجْرَاءِ تِعدَادٍ سُكَّانِي. حيّثُ يُشَكِّلُ التِّعدَادُ وَ قَانُوْنُ الأَحزَابِ، العَمُوْدَ الفِقَرِيّ للعَمَلِيَّةِ الْدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ بِرِمَّتِهَا.
9. المُطَالَبَةُ بِإِيْجَادِ حَلٍّ عَاجِلٍ لأَزْمَةِ السَكَنِ.
10. المُطَالَبَةُ بِمُعَالَجَةِ مُشْكِلَةِ الخَدَمَاتِ المُخْتَلِفَةِ.
11. المُطَالَبَةُ بِمُعَالَجَةِ البَطَالَةِ. 
12. المُطَالَبَةُ بمُعَالَجَةِ مُشْكِلَةِ السَكَنِ العَشْوَائِيّ. 
13. المُطَالَبَةُ بِتَخْفِيْضِ رَوَاتِبِ الرِّئَاسَاتِ الثَلاَثِ وَ رَوَاتِبِ ذَوِيْ الدَرَجَاتِ الخَاصَةِ.
14. المُطَالَبَةُ بِتَوْفِيْرِ مُفْرَدَاتِ البِطَاقَةِ التَّمْوِيْنِيَّةِ.
بناءً عَلى مَا تَقَدَّمَ يَتَّضِحُ، أَنَّ هُنَاكَ مَوَاضِيْعَاً غَايَةٌ فِي الأَهَمِيَّةِ أُهْمِلَتْ، وَ تَمَّ تَوْجِيْهُ الاهْتِمَامِ، إِلى مَوْضُوْعٍ أَقَلَّ أَهَمِّيَةً مِنْها. فَمَثَلاً فِي شَهْرِ آبٍ 2013 أُسْتُشْهِدَ 804 شَخْصَاً:-  (أعلنت الأمم المتحدة، الأحد(1 أيلول 2013)، عن مقتل 804 عراقي وجرح أكثر من 2030 آخرين خلال موجة العنف التي شهدتها البلاد في شهر أغسطس/آب وحده)(المصدر CNN). 
كَمَا أعلَنَتْ الأُمَمُ المُتَّحِدَةُ ، أَرقَامَاً مُرعِبَةً لعَدَدِ الضَّحَايَا، الّذْيْنَ اسْتَهْدَفَهُمْ الإِرهَابُ فِي شَهْرِ تَمُّوْزَ المَاضِي(2013)، (وَ صَادَفَ فِي ذَلِكَ الشَهْرِ حُلُوْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ) :-- (أظهرت الأرقام التى أعلنتها بعثة الأمم المتحدة إلى العراق أن 1057 عراقيا لقوا مصرعهم خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، مما يجعل هذا الشهر الأكثر دموية منذ سنوات. وتوضح الأرقام أن 4137 قتلوا، وما يقرب من 10 آلاف آخرين أصيبوا منذ بداية العام الجاري(2013)، وكانت أكثر المدن تعرضا للتفجيرات والعمليات الانتحارية هي العاصمة بغداد)(موقع الـ(BBC)). 
أَمّا مُشْكِلَةُ الفسَادِ المَاليّ، فهُنَاكَ بَيَانَاتٌ، تَتَحَدَّثُ عَنْ أَرقَامٍ كَبِيْرَةٍ، مِنَ الأَمْوَالِ المَهْدُرَةِ، بِسَبَبِ الفَسَادِ، تَصِلُ إِلى 250 مِلْيَارِ دُلاَرٍ، (كَمَا تَذْكُرُ بَعضُ المَصَادِرِ). عِلْمَاً أنَّ رواتبَ الدَّوْرَةِ الإِنْتِخَابِيَّةِ الوَاحِدَةِ تَبْلُغُ (18) مِلْيُوْنَ دُوْلاَرٍ، (كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ، د. أَحمد الجلبي، فِي لِقَاءٍ أَجْرَتْهُ مَعَهُ فَضَائِيَّةُ البَغْدَادِيَّةُ فِي 23/8/2013). 
إِذَنْ مَطْلَبُ تَخْفِيْض الرَّواتِبِ، كَمّْ كَانَ بَسِيْطاً، أَمَامَ أَرقَامِ الإِبَادَةِ الجَمَاعِيَّةِ، الّتي يَتَعَرَضُ لَهَا الشَعبُ العِرَاقِيّ، وَ أَمامَ الفَسَادِ المَاليّ؟. 
وَ بِتَحلِيْلِ الوَقَائِعِ سَنَجِدُ أَنَّ زَخَمَ المُظَاهَرَاتِ، قَدّْ تَوَجَهَ إِلى المَطْلَبِ الأَسْهَلِ، وَ تُرِكَتْ المَطَالِبُ الأَكْثَرُ أَهَمِيَّةً، فِي حَيَاةِ المُجْتَمِعِ العِرَاقِيّ. 
وَ أُكَرِرُ أَنَّ مُظَاهَرَاتَ يَوْمُ السَبْتِ 31 آب 2013 ، كَانَتْ بِدَايَةٌ بالإِتِّجَاهِ الصَحِيْحِ. لكِنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ دّوّْرٌ للأَحزَابِ السِيَاسِيَّةِ، وَ مُنَظَمَاتٍ وَ مُؤَسَسَاتٍ مُجْتَمَعِيَّةٍ، لكَانَ النَشَاطُ أَوْسَعُ، فِي تَوْجِيْهِ الجَمَاهِيْرِ نَحوَ قَضَايا مَصِيْرِيَّةٍ، كَالَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا آنِفَاً. وَ هَذَا مَأْخَذٌ كَبِيْرٌ، يُسَجَّلُ ضِدَّ هَذِهِ الجِّهَاتِ، وَ يُمْكِنُ تَأْشِيْرُ فَشَلَهَا، فِي التَّأْثِيْرِ عَلى الجُمْهُوْرِ العِرَاقِيّ، وَ تَوْجِيْهِ الرَأْي العَامِّ بالاتْجَاهِ الصَحِيْح. إِذَا لَمْ نَقُلْ بِأَنَّ تِلْكَ الجِهَاتُ، هيَ فَاقِدَةٌ أصلاً لِبَوْصَلَةِ تَوْجِيْهِ نَفْسِهَا!!. 
وَ نُقْطَةٌ أُخْرَى تُحسَبُ لِلمُتَظَاهِرِيْنَ. فَقَدّْ عَكَسَ المُتَظَاهِرُوْنَ، ثَقَافَةَ المُطَالَبَةِ بِالْحُقُوْقِ سِلْمِيَّاً، وَ تَحدِيْدِ هَدَفٍ مُحَدَدٍ مَشْرُوْعٍ، قَابِلٍ لِلتَنْفِيْذِ مِنْ قِبَلِ الحُكُوَمةِ. وَ بِمُقَارَنَةِ تَظَاهُرَاتِ هِذِهِ المُحَافَظَاتِ، مَعَ تَظَاهُرَاتِ مَنَاطِقِ شَمَالِ وَ غَربِ العِرَاقِ، الّتي بَدَأَتْ تَقْرِيْبَاً، فِي شَهْرِ تِشْرِيْنَ الثَّانِي 2012. نَجِدُ أَنَّ المَنَاطِقَ الأَخِيْرَةَ، كَانَ المُتَظَاهِرُوْنَ فِيْهَا، يَتَقَدَّمُوْنَ بِمَطَالِبٍ مُتَغَيِّرَةٍ، تَتَبَدَلُ يَوْمِيّاً وَ إِسْبُوْعِيَّاً، إِضَافَةً إِلى اخْتِلاطِ  المَشْرُوْعِ فِيْهَا، بِغَيّْرِ المَشْرُوْعِ مِنْهَا مَعَاً. وَ اخْتِرَاقُ تَنْظِيْمِ القَاعِدَةِ الإِرهَابِيّ، لِهَذِهِ التَّظَاهُرَاتِ. فَصَادَرَ هَذَا التَّنْظِيْمُ المَشْبُوْهُ، إِرَادَةَ الجَمَاهِيْرِ، وَ فَرَضَ رُؤْيَتَهُ عَلَيْهَا، بِهَيْمَنَةٍ تَامَّةٍ سَيْطَرَتْ عَلى عُقُوْلِ المُتَظَاهِرِيْنْ. كَمَا اتَّسَمَ خِطَابُ المُتَظَاهِرِيْنَ فِي هَذِهِ المَنَاطِقِ، بِالصِّبْغَةِ الطَّائِفِيَّةِ بامْتِيَازٍ وَاضِحٍ. مَعَ هَجْمَةِ اعتِدّاءٍ فَجَّةٍ غَيْرِ مؤَدَبَةٍ، قَامَ بِهَا بَعضُ المُتَظَاهِرِينَ، عَلى وَفْدِ مُمَثِلِي، عَشَائِرِ وَسَطِ وَ جَنُوبِ العِرَاق. إِضَافَةً إِلى قِيَامِ بَعضِ المَسْؤوْلِيْنَ وَ المُعَمَّمِيْنَ، بِالتَّهَجُمِ عَلى شُرَكَائِهِمْ فِي الوِطَنْ، وَ إِخْوَانِهِمْ فِي الدِّيْنِ، مِنْ أَبْنَاءِ الطَّائِفَةِ المُغَايِرَةِ لَطَائِفَتِهِمْ. فَعِبَارَاتُ الحَيَّةِ الرَّقْطَاءِ، وَ الصَّفَوِّيّيْنَ، وَ عُمَلاَءِ إِيْرَانَ، وَ أَبْنَاءِ المُتْعَةِ، وَ الخَنَازِيْرِ، وَ أَهَازِيْجِ قَطْعِ الرُؤوسِ، كَانَتْ مُفْرَادَتٌ لاَ يَتَحَرَّجُ بَعضُ المُتَكَلِمِيْنَ، مِنْ تَلَفُظِهَا عَلَنَاً، وَ تِكْرَارِهَا أَيْضَاً.
بَعدَ هِذِهِ المُرَاجَعَةِ وَ المُقَارَنَةِ، نَخْلِصُ إِلى نَتِيْجَةٍ مُؤَدَّاهَا، أَنَّ المُتَظَاهِرِيْنَ الَّذِيْنَ تَظَاهَرُوا فِي يَوْمِ 31 آب 2013 فِي بِعضِ مُحَافَظَاتِ وَسَطِ وَ جَنُوْبِ العِرَاقِ، عَبَّرُوا عَنْ أَصَالَةٍ ثَقَافِيَّةٍ ذَاتِ مَنْهَجٍ سِلْمِيٍّ (عُمُوْمَاً)، حَرُصَ عَلى عَدَمِ التَّمَاحُكِ مَعَ الأَجْهِزَةِ الأَمْنِيَّةِ، وَ المُحَافَظَةِ عَلى المَالِ العَامِّ، وَ التَّقَيُدِ بِالإِلْتِزَامِ بِالنِّظَامِ. فَهِيَ مُظاَهَرَاتٌ بِحَقٍّ، تُؤَكِدُ عَلى ثَقَافَةٍ عَكَسَتْ، تَربِيَةً مُجْتَمَعِيّةً جَيِّدَةً، انبثَقَتْ مِنْ فِكْرٍ جَمَاعِيٍّ  يُؤمِنُ بالسَلامِ، وَ سُلُوكٍ جَمَاعِيٍّ  عَبَّرَ عَنْ أَخْلاَقٍ رَفِيْعَةٍ.
نَأْمَلُ مِنْ الشَّعبِ العِرَاقِيّ، بِمُخْتَلَفِ مُكَوِّنَاتِهِ، أَنْ يُطَوِّرَ هِذِهِ التَّجْرِبَةَ الرَّائِدَةَ، لِتَكُوْنَ مَسَاراً وَ مَنَاراً، يُنَضِّجَانِ الرَّأَيَ العَامِّ العِرَاقِيّ. لِيَنْهَضَ بِالمُطَالَبَةِ بِحُقُوْقِهِ المَشْرُوْعَةِ، بِالْطُرَقِ السِّلْمِيَّةِ، الّتِي كَفَلَهَا الدِّسْتُوْرُ العِرَاقِيّ، بِشَرْطِ تَقْدِيْمِ الأَهَمِّ عَلى المُهِمّ. وَ لْتَبْدَأَ مَسِيْرَةُ التَّصحِيْحِ وَ الإِصْلاَحِ، عَلى ضَوْءِ مُحَدِدَاتِ العَمَلِيَّةِ الدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ، وَ تَخْلِيْصِ الشَّعبِ العِرَاقِيّ، مِنْ كُلِّ السَلْبِيّاتِ الَّتِي، أَفْرَزَتْهَا الظُرُوفُ الطَّارِئَةُ، فَلاَ يَصِحُّ إِلاّ الصَحِيْحُ، وَ اللهُ تَعَالى مِنْ وَرَاءِ القَصّْدِ.   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/05



كتابة تعليق لموضوع : ثَقَافَةُ الْتَّظَاهُرِ.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net