ماذا قدم الأئتلاف الشيعي للعراقيين؟
علاء كرم الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عشر سنوات مرت على سقوط النظام السابق في العراق ذلك السقوط الذي أحدث تغييرات كثيرة على مجمل الوضع السياسي والديني والأجتماعي والأقتصادي، ليس على مستوى العراق حسب بل أنسحب على عموم المنطقة كلها، بعد ان تحول الحدث الداخلي في العراق الى صراع عربي وأقليمي بات يهدد الجميع بأسوء الكوارث. ويعتبر بروز التيار الشيعي الى واجهة الأحداث السياسية هو الظاهرة الأهم والأبرزفي التغيير الذي حصل في العراق، فبعد 1400 سنة تاريخيا أو بعد 92 سنة من تاريخ تأسيس الدولة العراقية(1921) أصبح الشيعة ولأول مرة هم قادة البلاد بشكل غير مباشر منذ تأسيس مجلس الحكم المنحل في 2003 وبشكل مباشر منذ رئاسة الدكتور أبراهيم الجعفري للحكومة عام 2005 وصولا الى حكومة المالكي الحالية (فاز بدورتين أنتخابيتين ويطمح الى دورة ثالثة!!) وقد تجلى مظاهر البروز الشيعي مباشرة بعد سقوط لنظام السابق من خلال الكثير من الشعارات التي رفعت وخطت على الجدران والحيطان منها ( يا لثارات الحسين، وكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء!)، ولاندري لماذا رفعت هذه الشعارات؟ وما كان المقصود منها؟، ولكن ارى أنها كانت بداية لفأل غير حسن؟! رغم قدسية تلك الشعارات وماتحمله من مضامين ومن تاريخ مشرف يحكي تاريخ أستشهاد الأمام الحسين (ع ) لأنها جّرت الويلات على الشيعة؟! حيث قتل منهم الكثير ولا زالوا يقّتلون!!. كما بدأت حملة منظمة لتغييرأسماء الكثير من المدارس والساحات والأحياء السكنية وصارت تحمل أسماء الأئمة الأطهارعليهم جميع أفضل السلام!.لا أحد يستطيع أن ينكر فكر الأئمة الأثني عشرية ودورهم الريادي وفظلهم في أقامة وتقوية دعائم الدين الأسلامي لعلو شانهم في كل مناحي العلوم والمعرفة، فهم باب مدينة العلم المحمدية.قال الرسول (ص): (انا مدينة العلم وعلي بابها). وتحدثنا كتب التاريخ والسيرعن نهج وسيرة الأئمة الأطهار(ع) بدأ من الأمام علي (ع) وانتهاء بالأمام الحسن العسكري(ع) الأمام الحادي عشر والد الأمام المهدي المنتظر (ع)، فهم كانوا قدوة قومهم وزمانهم بل وكل الأزمان بالعلم والمعرفة والنزاهة وتقوى الله والتسامح والتضحية والزهد والحق والعدل، ولا عجب في ذلك فهم أغصان وفروع شجرة الخير والعطاء والعلم المحمدية العظيمة التي سقتهم أعظم مكرماتها الربانية. السؤال هو: هل هذا يعني أن كل أنسان شيعي سواء كان مواطنا عاديا ام مسؤولا وحتى مرجعا دينيا يرى في نفسه بأنه الأمتداد الحقيقي للأئمة الأطهار عليهم السلام في كل أخلاقهم ومنهج حياتهم اليومي، من طهر وورع وتقوى ومخافة الله في كل خطوة يخطوها؟ من الطبيعي أننا كنا نتمنى ذلك ونتصوره بل ونعتقده بشيء من الثقة! ولكن مع شديد الأسف أن مجريات الأمور والأحداث والوقائع التي برزت بعد سقوط النظام السابق ولحد الآن كشفت لنا بشكل واضح وصريح بأن الأمتداد لتلك النخبة المحمدية العظيمة هو أمتداد الأنتماء للمذهب فقط لا غير؟! عفوا هنا لا أريد ان أنتقص من شأن ومصداقية ونزاهة الكثير من المراجع الدينية (على رأسهم المرجع الديني الكبير السيد السيستاني) وبعض قادة الأحزاب الشيعية التي تريد أن تعمل وتقدم الكثير للعراق ولكنها واجهت وما زالت تواجه الكثير من العقبات أمامها! في ظل أجواء من اليأس والقنوط والأستسلام خيمت على الجميع وصارموضوع أصلاح أحوال البلاد والعباد امرا صعبا وميؤسا منه؟!. من المعروف أن وصول الشيعة الى الحكم لم يكن بمحض أرادتهم فلو كانوا هم من أسقطوا النظام السابق بكل تلك القوافل من الشهداء والتضحيات لكان لنا كلام آخر ولربما كنا في حال أحسن بكثير مما نحن عليه الآن!. ولكن الأمريكان ومصالحهم القومية العليا هي التي دفعتهم الى أسقاط (صدامهم)! حليف الأمس، فصار الأمريكان مثل الشوكة والغصة في فم القيادات والتيارات الشيعية فلولاهم لما أستطاع الشيعة وكل قوى المعارضة أنذاك من أسقاط صدام!! ولحكم صدام وحزب البعث مئات السنين وتوارثوا السلطة أبا لأبن وأخا لأخ وأبنا لأبن!! وهذه الحقيقة يعرفها الجميع ولا يمكن القفز عليها، أي أن الحل والعقد يبقى بيد الأمريكان حتى وان خرجوا من العراق!!. فالقيادات الشيعية سواء ممثلة بالحكومة أو الأحزاب التي معها وقعوا بين ارادة الجماهير العراقية بكل اطيافها والشيعيىة تحديدا التي رأت فيهم بأنهم الأمل والحلم الذي طالما أنتظروه من بعد 1400 سنة!! وبأنهم سيعيدون الحقوق لأهلها ويبنوا عراق جديدا على أسس العدل والحق والمساواة، وبين أرادة الأمريكان الذين قيدوهم بجبروتهم وتسلطهم بأعتبارهم هم قادة البلاد الفعليين! والذين يسيرون أمور العراق وفق رؤيتهم وما تقتضيه مصالحهم. كما وقعت الحكومة والأحزاب الشيعية أيضا ضحية أرادات الدول العربية ودول الأقليم المجاور للعراق بعد أن لصقوا بهم تهمة الأنتماء لأيران!!( هو ليس أنتماء بقدر ما هو تدخل أيراني كبير في الشأن العراقي الداخلي ولا يمكن نكران هذا!!) وتخوف تلك الدول من موضوع بزوغ الهلال الشيعي وأمتداده من ( أيران – سوريا – لبنان –العراق) حسب رؤيتهم!! وقد نجحت الفضائيات والأعلام العربي وحتى الغربي خلال السنوات العشر التي مضت من بعد سقوط النظام السابق في ترسيخ هذا المفهوم ليس في عقول الكثير من العراقيين وباقي شعوب المنطقة حسب بل ورسخوه حتى في أذهان وعقول الأدارة الأمريكية نفسها!؟، رغم ان غالبية الشيعة في العراق لا أقول يكرهون ايران كره العمى ! ولكنهم يتوجسون خيفة منهم ويعرفون أن أيران تنظر هي الأخرى الى مصالحها العليا قبل كل شيء حتى ولو على حساب موت المئات من شيعة العراق يوميا!!. كما نجح أعداء العراق في الداخل والخارج في خلط الكثير من الأوراق التي أوصلت الأمور في العراق الى ماهو عليه الان من سوء. لا شك ان أدارة أي دولة ليس بالأمر الهين والسهل فكيف أذا كانت دولة مثل العراق سقط بها نظام بعد أربعين سنة من الحكم بقبضة من حديد ونار مثلت أسوء صور الدكتاتورية في العالم.، صحيح أن الأمريكان هم أصحاب القرار في العراق سرا أم علانية عند أشتداد الازمات!، وصحيح أيضا أن دول الأقليم والجوار وقفت بالضد من التجربة العراقية الجديدة( ولكونها شيعية تحديدا)!، وحتى أذا أردنا ان نختلق الأعذارللقادة الشيعة بأنهم تلكؤوا بالعمل في كل شؤون البلاد ومناحيها بسبب من التناحرات الطائفية الداخلية والتدخلات الأقليمية والعربية بالشان العراقي أضافة الى العين الأمريكية التي تراقب ما يحدث في العراق من أمور صغيرة أوكبيرة كانت وتعرف متى تتدخل وصحيح ان تنظيم القاعدة وبقايا البعثيين (تنظيم عزة الدوري تحديدا) مسؤولين عن غالبية الأعمال الأرهابية التي حدثت وتحدث في العراق،ألا أن كل ذلك لا يعفي الحكومة ( حزب الدعوة تحديدا بأعتبار أن رئيس الحكومة هو الأمين العام للحزب) ومعها القيادات الشيعية من ذنب التقصير بحق الوطن والشعب! ولا يجعلهم بمنأى عن النقد من قبل الجماهير العراقية العريضة التي تطالبهم بأستحقاقها، فالمواطن لا تهمه التفاصيل والأسباب والمسببات بقدر ما تهمه النتائج.فعلى سبيل المثال: المعروف ان الأنكليز هم من نصبوا الملك فيصل الأول ملكا على العراق عند تأسيس الدولة العراقية عام 1921،ألا أن الرجل مع ذلك كان يحاول جاهدا في سبيل الحصول على الكثير من المكاسب للشعب العراقي سواء كانت سياسية أو أقتصادية وحتى عسكرية (تسليح الجيش العراقي) بسياسته المعروفة (خذ وطالب) التي عرف بها وأنتهجها طيلة فترة حكمه، وحصل بها على الكثير من المكاسب لصالح الوطن والشعب، هذا اذا علمنا بأن الأمور لم تكن هينة وسهلة فترة حكمه فكانت هناك الكثير من القلاقل الصراعات الداخلية وأنتفاضات العشائر والأكراد والأرمن. يبقى السؤال المطروح على لسان كل العراقيين: هو ماذا قدم الأئتلاف الشيعي للعراقيين بعد عشر سنوات على سقوط النظام السابق؟!!، الجواب ومع الأسف لا شيء!! فلا أمن ولا أمان ولا اقتصاد ولا زراعة ولا أعادة اعمار بل ازدياد في الفقر وكثرة الفساد والفاسدين وغياب القانون بشكل كامل فالعشيرة أصبحت هي التي تحكم! ، أشتداد الصراع الطائفي، صعود وثراء طبقة من الطفيليين والمنافقين والمتلونين الى سطح المجتمع العراقي!! ( البطون التي جاعت ثم شبعت، أصحاب الخير الدخيل من السحت الحرام) وخلاصة القول: أن العراق وخلال العشر سنوات الأخيرة من بعد سقوط النظام السابق أحتل المراتب الأولى بين دول العالم بكونه: الأكثر فسادا، والأكثر فشلا، وأنعدام الأمن. هذا أضافة الى أرتفاع نسبة الجهل والأمية والفقروالجوع والمرض!. السؤال: ماذا كانت تعمل القيادات الشيعية وأئتلافها الذي أوصلنا الى هذا الحال من التردي ؟ وما هو الشيء الذي ألهاها ومنعها عن تقديم العطاء لهذا الشعب والوطن؟. أن تظاهرات الأسبوع الماضي التي عمت غالبية المحافظات العراقية وتحديدا الوسط والجنوب العراقي دليل واضح على فشل الحكومة ومعها القيادات الشيعية في توفيرأبسط مستلزمات المستوى المعاشي المطلوب منها لعموم الشعب؟!! وعيب كبير على الحكومة الشيعية والأحزاب الشيعية أن ينتفض عليها أبناء الوسط والجنوب (معقل الشيعة)!! وهم نفسهم بالأمس من ثاروا على صدام !! عام 1991 ولا زال الكثير منهم يسكنون مخيم رفحاء في السعودية بعد فشل الأنتفاضة الشعبانية وهروبهم الى السعودية!!.فالكثير من محافظات الجنوب والوسط والأقضية والنواحي والقرى تعيش حالة من البؤس والشقاء فلا ماء ولا كهرباء ولا نفط ولا غاز! حتى انهم وفي فصل الشتاء الفائت وأمام موجة البرد التي ضربت العراق أخذوا يتندرون على الحكومة بترديدهم أحدى أغاني الحرب العراقية الأيرانية( هي ياسعد يا جدنا غاز ونفط ما عدنا!). مثلا: هل يعقل ان مدرسة (العروة الوثقى) الأبتدائية في (كربلاء) يصل عدد طلاب الصف الواحد فيها الى 100 تلميذ!! يجلسون أكثر من نصفهم على الأرض! ( تقرير الحرة عراق الأسبوع الماضي) وعندما ألتقت كامرة الحرة مع رئيس مجلس المحافظة قال بانه لايعلم!! وبدأ بالتبريرات وأختلاق الأعذار؟! وهل يعقل أن بعض العوائل في كربلاء جعلت من القبور سكنا لها!! وهل يصح هذا في محافظة الفداء محافظة الأمام الحسين (ع)؟!!، هذا ناهيك عن التخلف العمراني والصحي والتربوي وأزدياد نسبة العاطلين؟! ومع الأسف الحال لا يختلف كثيرا عن محافظة النجف الأشرف المقدسة مدينة الأمام علي(ع) في كل تفاصيل الحياة!! وهذا ما تنقله الفضائيات بالصوت والصورة في كل أخبارها عن تلك المحافظتين التي يفترض ان يكونا (المدن الفاضلة في كل شيء لا يرقى لهم الزلل والخطأ لأنهم يتشرفان بأحتظان الجسدين الطاهرين للأمام علي وولده الحسين (ع)). والسؤال هنا: أليس المحافظ ومجلس المحافظة في المحافظتين من الشيعة أم من السيخ؟!!. لنقول وبصريح العبارة: أذا كان هذا حال المحافظات ( الشيعية) في الوسط والجنوب التي صارت تقود الأنتفاظات ضد الحكومة الشيعية وقيادات الأحزاب السياسية الشيعية! فلا عتب ولا لوم على المحافظات الغربية؟؟!. الحديث هذا يجرنا الى بطولة خليجي (22) التي كان يفترض أقامتها في العراق (البصرة) والتي تم نقلها الى السعودية!!، اقول بغض النظر عن الموقف السعودي تحديدا والخليجي عامة المعروف بالحقد واللئم والكره تجاه العراق ألا أن التقصير كان واضحا من الجانب العراقي في عدم اكمال باقي المنشأات الخدمية في المدينة الرياضية بالبصرة التي كان من المفروض ان تقام عليها وقائع البطولة !! والتي كان يفترض ان تكتمل قبل سنتين!!! ألا أن الكثير من الصحفيين كتبوا بتقاريرهم وعن مشاهداتهم للمدينة الرياضية ان المنشأات تحتاج الى سنتين لكي تكتمل؟!!، ناهيك عن الوضع الأمني المنفلت في البصرة أضافة الى باقي صور الحياة الفوضى التي تعيشها المحافظة!. والسؤال على من تقع مسؤولية ذلك؟! أليست المحافظة وكل قياداتها من الشيعة؟!. ولا أريد ان اتكلم عن بغداد وأهلها فقد أصبحت بغداد خربة وأطلال عاصمة!!. ونقولها بألم شديد يعصر القلب لا حكومة المالكي الشيعية ولا الأئتلاف الشيعي قدم شيئا يمكن ذكره للشعب والوطن خلال العشر سنوات التي مضت ، ويكفي أن المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف متمثلة بالسيد (السيستاني) قد أغلقت أبوابها امام أي مسؤول حكومي وسياسي وتحديدا الشيعة منهم! بعد أن بح صوتها من كثرة التوجيه والنقد الذي لم يجد نفعا؟!. أن كل الذي عمله الأئتلاف الشيعي هو أنه (طمغ) الشيعة بصبغة الأنتماء لأيران!!!، وهم منا براء وصار الكثير ينظرون الى الشيعة بأنهم أيرانيين وهم العرب الأقحاح!!. وحسنة الأئتلاف الشيعي الوحيدة التي يمكن ذكرها هي أن أهمالهم لجميع العراقيين على أختلاف مناطقهم وانتمائاتهم يمكن أن يسقط عنهم تهمة الطائفية!! من حيث يعلمون أو لا يعلمون ، لأنهم اهملوا الجميع بلا أستثناء سوى أهتمامهم بأحزابهم و بأنفسهم وعوائلهم ؟!!. أخيرا أقول على ماذا يصارع رئيس الحكومة للحصول على دورة أنتخابية ثالثة؟ وماذا جنينا منه ومن أئتلاف الشيعة معه بالدورتين السابقتين؟!.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
علاء كرم الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat