صفحة الكاتب : موفق الرفاعي

في اليوم العالمي للمرأة.. المرأة العراقية الى أين!؟
موفق الرفاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 في اليوم العالمي للمرأة، يستذكر العالم الحشود النسوية الكبيرة التي خرجت في شوارع نيويورك في العام 1857 احتجاجا على الظروف غير الانسانية التي تُجبَر النساء على العمل فيها.
 
يستذكر العالم ايضا وفي شوارع ذات المدينة – نيويورك-، تظاهرات العام 1908 التي حملت فيها النسوة الخبز اليابس وباقات الورود ورفعن شعار "خبز وورود" وطالبن هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
 
بعد 154 عاما من الان على التظاهرة الاولى و103 أعوام على الثانية، وما زالت المرأة في الكثير من دول العالم لم تحصل على حقوقها كاملة وتعمل تحت ظروف قاسية وما زال تشغيل الاطفال معمولا فيه بالرغم من صدور الكثير من القرارات الدولية بهذا الصدد.
 
ما زالت المرأة تتعرض الى العنف في الاسرة وفي العمل وحتى في الشارع، بل وفي الدول المتخلفة اجتماعيا، ينظر اليها نظرة لا إنسانية، فتعامل بقسوة بالغة. وفي الدول المتحضرة تصبح المرأة سلعة رخيصة تعامل بابتذال في اسواق الجنس.. في السينما وفي الإعلان وفي معارض الازياء.
 
في العراق، حيث مجتمع الأمية ومنظومة التخلف الاجتماعي وطغيان الافكار الظلامية والتصورات الخاطئة عن المرأة، يتراجع دور المرأة وتُنتزع منها حتى ابسط الحقوق التي حصلت عليها نتيجة نضالها الطويل والمرير من اجل ذلك. فهي كائن خُلق من "ضلع اعوج" من المحال تقويمه ليستقيم. وهي على هذا مشكوك في جميع تصرفاتها تخضع لرقابة الاب والاخ وابن العم والابن والجار والعشيرة ورجل الدين وبحاجة الى (رعايتهم) الفَضة.
 
تحمل على كاهلها شرف كل أولئك وعليها صيانته من (الدنس والرجس) والا فستكون ذبيحة يغسلون بدمائها العار الذي تَلَبسهم نتيجة تصرفاتها التي لا يقرونها هم.
 
فالمرأة (الشريفة) في نظرهم هي المرأة التي لا تخرج من بيتها واذا خرجت فان عليها ان لا تخرج لوحدها واذا سافرت فلابد وان يصطحبها (محرم) وان تتلفع فلا يبدو منها شيئا وان لا تضع عطرا والا اعتبرت (زانية)، - وفق تصوراتهم المرتكزة الى مرويات اقل ما يقال فيها انها موضوعة وسقيمة المتن معلولة الاسناد-، وان لا تتبسم وان لا تكلم احدا من الغرباء ولا تصافح، وان تغض طرفها وتطرق وهي تمشي حتى لو ادى هذا الى تعثرها او ان تصدمها سيارة.
 
حتى صلاتها الى ربها فالاولى فيها ان تقيمها في سرداب مظلم وفي أحسن الحالات ففي حجرتها. وهي اضافة الى ذلك كله تقطع صلاة الرجل ان هي مرت من امامه، حالها في هذا حال الكلب الأسود.
 
في العراق المرأة في احيان كثيرة ولإيمانها بان مفهوم المجتمع عنها يرتكز الى المقدس، فانها تشارك في او تساعد على استقرار هذه النظرة الاجتماعية إليها وترسخها بخضوعها المطلق دون ان تحاول التحرر منها.
 
بعد الاحتلال العام 2003 وهيمنة الاحزاب والتيارات الدينية الإسلامية على الساحة السياسية في العراق، تراجع دور المرأة العراقية في المجتمع تماما واقتصر على الانجاب وتربية الاطفال وادارة البيت وخدمة الزوج وتساوت مع الرجل العراقي فقط في بعض النشاطات (الاجتماعية) المرتبطة بالحزن وجلد الذات والتي تصب في مصلحة تلك الاحزاب والتيارات.
 
ان على المرأة في العراق اليوم واجب التصدي الى كل ما ذُكر وما لم تسعف الذاكرة ذكره او يضيق به المقال، لا ان تبقى خانعة تنتظر من الرجل ان يحررها او يدافع عن حقوقها، فهو لن يفعل.
 
ان الحقوق تنتزع ولا توهب، وهذه بديهية راسخة لا يختلف عليها احد، فعلى المرأة العراقية ان تسعى الى النضال والتمرد من اجل ذلك.
 
نأمل ان نحتفل العام المقبل في مثل هذا اليوم والمرأة العراقية قد تحررت من سطوة الرجل ومن سِكّينه ايضا وانتزعت حقوقها وغيرت نظرة المجتمع اليها او تمردت على تلك النظرة ولها في الكثيرات من الرموز النسائية في الماضي والحاضر اسوة.
 
ان مجتمعا لا يقر بدور المرأة فيه ولا يحترم ذلك الدور ويمتهن إنسانيتها، لهو مجتمع اعرج اعور أشَلّ مشوه.
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


موفق الرفاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/09



كتابة تعليق لموضوع : في اليوم العالمي للمرأة.. المرأة العراقية الى أين!؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net