صفحة الكاتب : سجاد طالب الحلو

عندك قلم..؟
سجاد طالب الحلو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 الذي علم بالقلم، وزاد الإنسان ما لا يعلم هو رب العزة والجلالة, تجلت أولى آياته المباركة على صدر نبينا الكريم (ص) زاخرة بحب العلم والمعرفة والقراءة, فأمر نبينا الأمي بأن يقرأ تلك الآيات البينات, ليزيل بذلك جذور الظلمة العتماء التي لاحقت العرب في زمن الجاهلية, وليضفي عليها طابع النور المحمدي من خلال  كتابه المبين الذي فصلت آياته للمسلمين؛ ولأنه لا ينطق عن هوى إلا بما أمر به، أخذ سيد البشر (ص) يحث الناس كافة صغيرهم وكبيرهم لطلب العلم ولو كان في الصين؛ ليخرجهم بذلك من جهل الظلام إلى عز معرفة النور.
 بحبره الجاف، وأحرفه الجميلة، خلد تاريخ الأمم والأجيال التي سلفت, وحفظ شتى العلوم التي لولاه لضاعت بين طيات السنين المتراكمة, وهو أداة تسجل خلاصة كل علم, ومحاصيل كل فن, تنثر على القرطاس حكمة الدهر, وخبرة الناس, وما كان لهم من سعادة وما حدث لهم من شقاء, إذ لابد من انتقاء هذا السلاح الفكري...
 دخلت ذات يوم عند أديب من الأدباء, وبعدما تناولنا أطراف الحديث، وإذا بأحد الأشخاص قد أقبل وجلس بقرب الأديب, وبعد لحظات سأله الأديب (عندك قلم)؟! فوجهت نظري نحو الضيف الذي أخذ يبحث هنا وهناك عن قلم، فابتسم الأديب وقال له: لم أقصد قلماً عادياً..؟! حينها أطرق الضيف برأسه خجلاً، فقال الأديب: هل تملك فكراً تجسده بقلم، ليحمل كل الكلمات المعبرة بصدق وإخلاص، ليصل بها إلى قلوب الناس, ولتبقى تلك الأحرف على مر الزمان، وليحفر اسمك بأحرف من ذهب, ولكن بشروطها...!
 هنا انتابني الفضول، فأردت أن أسأل عن الشروط، فتمالكت نفسي لكي لا أكون (فضولياً متطفلاً)، وجعلت من رقبتي كرقبة البعير، كل هذا كان في ثوان, وإذا بالضيف يرفع رأسه وينظر إلى الأديب، ولاح في عينيه تساؤل..؟ الأديب: سوف أخبرك عن شروطها - حينها شعرت بالراحة وابتسمت في داخلي - الأديب: أن تجعل الله نصب عينيك، وهو الذي أقسم بالقلم، حين توجه سطورك نحو شخص ما، فاعلم أن للقلم ضجيجاً وصوتاً عالياً حين تخرج الكلمات عن السيطرة, فاجعل نيتك أصفى من بياض الأوراق, ولا تحسبه يراعاً من قصب فحسب، فهو فم وفؤاد ويد، يجعل من المستحيل سهلاً يسيراً... قلت في نفسي: كيف انسابت معه كلمات الشاعر (خالد الشواف) بهذه المرونة العذبة..؟
 واصل الأديب كلماته التي دخلت إلى قلبي دون استئذان، وباتت تفتح لي آفاقاً نيرة... الأديب: قلمك الصغير لا قلب له، فلا تكن له قلب شقي كافر، وكن له قلب أم حنون. التفت الأديب نحوي، فوجدني لم أحرك ساكناً... حينها شعرت بقلق زال مع ابتسامة لاحت على محياه فقال: لا فائدة من قلم إذا لم يفتح فكراً, أو يمسح دمعة, أو يضمد جرحاً, أو يطهر قلباً, أو يكشف زيفاً, أو يبني صرحاً... وبالرغم من كونه جماداً، لكنه يحمل روح إنسان نبيل، يحب أن يعطي ويتبرع بكل ما يملك دون مقابل, فهو رمز للمعرفة والثقة بالنفس، فما أعظم القلم.!! غمرتني سعادة كبيرة لما حظيت به من نيل فرصة أن أكون بمكتب الأديب؛ لارتشف من كلاماته التي طبعت في ذاكرتي, ومع كل مسكة قلم، سأتذكر أولى كلمات الأديب لضيفه: (عندك قلم)؟ 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سجاد طالب الحلو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/23



كتابة تعليق لموضوع : عندك قلم..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : سجاد طالب الحلو ، في 2014/08/27 .

احسن الله لك ( عطر الياسمين )
شاكراً لتفضلك الرائع في قراءة الموضوع بتمعن .. وفقك الله لكل خير وعافية

• (2) - كتب : عطر الياسمين ، في 2014/08/27 .

احسنت النشر
وبارك الله فيك على هذه الفكرة وطريقة طرحها




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net