صفحة الكاتب : اسامة العتابي

العلاقة الزوجيَّة.. والحوار المطلوب ... والانفَتاح على الآخر حلّاً لبعَض الأزمَات الأسُريه ..
اسامة العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثيراً ما نسمع بمشاكل وخلافات بين الزوجين تؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى الطلاق وتفكُّك الأسرة والروابط العائلية ما يدفعنا بعد قراءة لبعض التجارب ونتيجة لحجم المأساة التي تخلّفها على الواقع عموماً إلى إطلاق الصوت عالياً لمن يعنيه الأمر وخصوصاً الزوجين أن يتنبها لخطورة أي خطوة يحاولان القيام بها وأن ينظرا بعين العقل لحال خلافاتهما إن وجدت ويعيا عظيم المسؤولية الملقاة على عاتقهما في بناء أسرة مسلمة واعية، بعيدة عن العُقد والمشاكل والاهتزازات. ومن المظاهر المتصلة بالحياة الزوجية القطيعة التي يتعمدها أو يبتكرها الأزواج فيخضعان لحكم طباعهما المختلفة واختلاف الطبائع شيء فطري وطبيعي ولكن ليس من الطبيعي أن تكون العلاقة الزوجية خاضعة لمزاجية الزوجين وطباعهما المختلفة بل المطلوب أن يجدا مساحة واسعة للالتقاء بينهما ويعتمدا لغة التواصل والحوار حتى ينعشا علاقتهما ويبعداها عن كل رقابة وقطيعة تترك آثارها السلبية في الأسرة ككل. والكثير من الزوجات يلجأن إلى الصمت الطويل ولا يعبّرن عن مشاعرهنَّ ومواقفهن ويفضلنّ عدم الإفصاح عن كل ذلك فتنقطع بالتالي أوصال الحوار والتواصل ويخيِّم التوتر على كلِّ العلاقات ما يؤدي إلى انهيار البيت الزوجي. في المقابل عندما يرى الزوج صمت زوجته وعنادها وعزلتها عنه يمعن في الابتعاد عنها لا بل تزيد عصبيه وتوتره عندما يفقد الطرفان المرونة في علاقتهما ومع مرور الوقت يتكرس جوُّ الخلاف والتوتر والقلق، وتبدأ المشاكل وتصل الأمور إلى الانفصال والطلاق...
والله تعالى أمرنا بحسن التصرّف والمرونة في الحديث والانفتاح والحوار والتخلُّق بأخلاق القرآن.. قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم(ص): {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فغلظة القلب والبعد والجفاء وحدِّة الطباع والانغلاق على الآخر وعدم التواصل والتحاور لا تمتُ إلى أخلاق الإسلام والقرآن الكريم بصلة. وعلى العكس من ذلك فإنَّ رقة الطبع والشعور والمرونة في الحوار والأسلوب يعملان على استقرار العلاقة الزوجية ويكفلان حلّ أي مشكلة تطرأ عليها وتضفي بالتالي جوّاً حميماً وروحياً على العلاقة الأسرية. لقد اهتم القرآن الكريم في كثير من آياته المباركة بالحوار وركّز عليه كوسيلة من وسائل احترام كرامة الإنسان وعقله وبناء علاقاته واستقرار واقعه بكل تفاصيله العامة والخاصة ولا ريب في أنَّ الزوجين هما أشد الناس حاجة إلى الحوار لتثبيت علاقتهما على أسس قوية ومحترمة وكريمة شرط أن يكون الحوار العقلاني الهادئ فيستمعا إلى بعضهما البعض وانتقاء الأسلوب والمفردات التي تقرِّب.
فهل يا ترى من يقيم اليوم وزناً للحوار ويوليه الأولوية بدل إيصال الأمور إلى حدّ القطعية؟!
والحوار وخصوصاً بين الأزواج يتطلب نجاحه التحلي بالهدوء وضبط الأعصاب وكظم الغيظ وعدم التحاور أثناء الغضب وعدم مقاطعة الأزواج بعضهما البعض أثناء الحوار فحسن الاستماع يقرّب بينهما ولا بد من أن يكون هذا الحوار جاداً وعقلانياً وله غاية صادقة في الوصول إلى حلول وتقارب لا أن يكون حواراً سطحياً وشكلياً ولمجرّد الحوار. فالزواج علاقة إنسانية مثل بقيَّة العلاقات الإنسانية التي تربط إنساناً بآخر وتختلف عن العلاقات الإنسانية الأخرى بأنّها أشدُّ حميمية من حيث الخصوصيات التي تتفرَّد بها في حركة الحياة بين الزوجين وتختلف أيضاً بأنها تثمر ولادة أناس آخرين هم الأولاد الذين يرتبط وجودهم سلباً أو إيجاباً بسلبية هذه العلاقة وإيجابياتها وعندما نريد أن ندرس العلاقات الإنسانية يكون من الطبيعي أن نتفهم اختلاف كل إنسان عن الآخر في بعض جوانب فكره، وفي بعض جوانب أخلاقه وظروفه وأوضاعه المحيطة به. ولذلك من الطَّبيعي في أية علاقة تنشأ بين إنسان وآخر أن ينطلق التفاهم على أساس أن يفهم كل فريق ما لدى الفريق الآخر عن نقاط ضعف ونقاط قوُّة ليعرف كيف يوازن بينها وبين نقاط ضعفه وقوته. ولعلَّه من الطبيعي أن يحصل صدام وخلاف وتنافر في القضايا المختلف عليها على المستوى الفكري أو العاطفي أو المصالح في حركة الواقع الذي يعيشه الطرفان. وفي هذا المجال لا بدَّ للطرفين من أن يدخلا في حوار موضوعي عقلاني يحاول أن يدرس جذور الخلاف وامتداداته هذا المجال ولا بدَّ لهما من أن يدخلا في حوار موضوعي عقلاني يحاول أن يدرس جذور الخلاف وامتداداته وطريقة الوصول إلى قاعدة مشتركة أو إلى تفاهم مشترك حوله بحيث لا يدمِّر العلاقة ولا يعقّدها، بل يصل بها نوعاً من التعايش بين مواقع الخلاف تماماً كما هو التعايش بين مواقع اللقاء.
ولكن هذا يحتاج إلى وعي إنساني إيماني منفتح على قضايا الإنسان والحياة ومتحرك من موقع الشعور الإنساني الذي يفكر الإنسان من خلاله في أنَّ الحياة ليست له وحده بل هي له وللآخرين. ولذلك، ليس من حقه أن يلغي الآخرين أو أن يمنعهم من أن يفكروا في طريقة أخرى. إنَّ عليهما أن يقرّبا هذه الخصوصيات بحيث لا تطغى على الجوانب المشتركة لتفسدها. وفي جميع الحالات لا بدَّ من احترام هذه الخصوصيات .
 
والحمد الله ربّ العالمين ..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسامة العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/25



كتابة تعليق لموضوع : العلاقة الزوجيَّة.. والحوار المطلوب ... والانفَتاح على الآخر حلّاً لبعَض الأزمَات الأسُريه ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net