صفحة الكاتب : مهند حبيب السماوي

المهمشون الحقيقيون من سنة العراق !
مهند حبيب السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يتعذر في كثير من الاحيان، في ظل الاجواء المشحونة طائفيا، أطلاق صفة معينة على مكون كبير من مكونات مجتمع ما من غير ان يتعرض الوصف المُقدم وصاحبه لنقد واعتراض، اذ سيكون الوصف مؤطرا بالأبعاد الطائفية ومشحون بالعواطف ومُتهماً بالابتعاد عن الحقيقة الخالصة وعدم القدرة على اعطاء وصف حقيقي للمكون مهما حاول من اطلق الصفة اظهار الموضوعية في بحثه وابداء النزاهة في تحليله والوقوف على الحياد في تشخصيه .
ومن بين اهم الصفات الذي تم تسويقها بعد سقوط نظام صدام عام2003 هي سمة " التهميش " ووصف " المهمشون " على المكون السني في العراق، فبدأت الكثير من الكتل السياسية، وخصوصا ذات التوجه الديني السني، تحت اغراض اعلامية وسياسية بحتة ، بالحديث عن هذا الامر ومحاولة اقناع الاطراف الاقليمية والدولية بانهم مهمشون، وان المجتمع السني في العراق مجتمع مستبعد سياسيا معزول اجتماعيا غير محظي بامتيازات المواطن في العراق.
بكل تأكيد ان الكلام والضجة المفتعلة حول التهميش تعني ان من يقع عليه هذا الوصف سوف لن يتمتع بسمات المواطنة الحقيقية، ويبقى موطن من الدرجة الثانية ، مهمل، مجهول، يعيش على هامش الحياة بمعانيها المختلفة ،وبالتالي، لايشعر انه ينتمي الى هذا الوطن او ان هذه الحكومة تمثله وتجسد مطامحه.
ولذا فخطر التهميش يتعدى بعده الاجتماعي الافقي الى بعد آخر سياسي حينما يشعر المهمش ويقتنع، بـتأثير الحملات الاعلامية ذات البعد السياسي، انه بعيد عن اهتمامات الدولة وغير معنية به ولا موضوع في حساباتها من ناحية النظر في متطلباته وحاجياته ومايريد ان يتحقق له من حقوق يطالب بها كمواطن ازاء الواجب الذي من المفترض ان يقدمه لوطنه وبلده الذي يعيش فيه.
محاكمة منطقية بسيطة للطرح المقدم أعلاه سوف نكتشف ضعف مبناه وهزالة مضمون من يقول به، لأن زعم المواطن السني أنه يعيش التهميش بــ" المعنى الحقيقي للكلمة " سوف يدعونا للتفكير في معنى آخر للتهميش قد يختلف عن المعنى الحقيقي الاصيل للمفردة.
فاطلاع بسيط على مستوى الخدمات المقدم من الحكومة في المحافظات الشيعية سوف يكشف معنى آخر للتهميش، وتتضح الحقيقة التي ستوصلنا الى نتيجة مفادها ان الشيعي ، بالمعنى الذي وصف به السني نفسه ، ايضا مهمش ! ، فالمواطن البصري الذي تزود محافظته العراق باكثر من نصف صادراته النفطية لايزال يعيش في ظل تردي خدماتي واضح يجعل اطلاق وصف مهمش عليه سهل جدا وابسط من اطلاقها على الكثير من مكونات الشعب العراقي الاخرى .
من وجهة نظري ان هنالك فعلا سنة مهمشين في العراق، وقع عليهم ظلم كبير من قبل السنة ، بل وحتى اجهزة الاعلام الرسمية، ولكنهم ليسوا هؤلاء الذين يتسنمون المناصب الحكومية ويتمتعون بامتيازات كبيرة على كافة المستويات، كما أنهم ليسوا هؤلاء الذين ركبوا موجة التظاهرات وضحكوا على الناس وهربوا بعد ذلك الى تركيا ودول الخليج بعد افتضاح امرهم وانكشاف حقيقتهم ومساوماتهم على حقوق "السنة" في العراق ... وانما ينطبق وصف التهميش، بالنسبة للسنة، على فئتين منهم ممن يعيشيون في المحافظات والمناطق السنية حصرا ، وهما:
الأول: السنة الذين تم احتلال محافظاتهم من قبل عصابات داعش من غير ان يستطيعوا ان يدافعوا عنها او يقفوا بوجه تلك العصابات الهمجية لعدة أسباب لعل اهمها عدم امتلاكم القوة الكافية لمواجهتهم والدفاع عن مدنهم، فارتضوا بموقف السكوت مع عدم الاشتراك مع تلك العصابات باي نشاط او سلوك .
الثاني: السنة الذين يقاتلون الان داعش ويقدمون ارواحهم ودمائهم رخيصة من اجل استعادة الارض والدفاع عن العرض والاموال ، وتراهم في ساحات الوغى مع القوات المسلحة وابناء الحشد الشعبي يقارعون تلك القوى الظلامية التي جاءت من اقاصي الارض لاحتلال العراق.
هذه الفئتين من سنة العراق هم المهمشين، وهم المستبعدين عن المشهد ... هم من نساهم الجميع ولم يتذكرهم احد ممن يتحدث عن التهميش ويصرخ ليل ونهار ويقود التظاهرات والتحريض ثم بعد ذلك هرب خارج العراق وترك اهل السنة ممن حرضهم بين ايادي داعش ممن سيطر على مناطقهم واذاقهم الويل والعذاب.
نحن بحاجة ماسة لأعادة تعريف التهميش وصياغة مفاهيم ومضمونات جديدة حوله تحدد وتميز بين من هو المهمش الحقيقي في العراق، من أجل النظر لحقيقة مطالبه والاستجابه لها باعتباره حقا من حقوقه  وبين من يزعم التهميش وهو يصول ويجول في خيرات الدولة ويتمتع بامتيازات هائلة يفتقر لعشرها المواطن السني والشيعي على حد سواء.   
 
  
alsemawee@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند حبيب السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/14



كتابة تعليق لموضوع : المهمشون الحقيقيون من سنة العراق !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net