أرسل لي الاخ (صباح عبد الزهرة) استفسارا مشفوعا ببحث كتبه عن معجزة حصلت معه ، حيث يقول : ((مرحبا الاخت العزيزة اود ان استئناس برايك المحترم حول ماشاهدته او وجدته أيا كان الوصف في صورة تحكي حدثا مهما في حقبة من التاريخ واشهد الله تعالى وكفى به شهيدا انني لم اتلاعب بالصورة باية حال وانا في حيرة من امري هل ما رايته فضلا من الله الرحمن ام سحر من الشيطان وصدق الله تعالى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)). وفي ثنايا بحثه يتسائل عن ذبيحة (اسماعيل) ومن هو الكبش؟
وهذا الجواب اخي الطيب صباح عبد الزهرة. واعذرني لأني كتبته على عجالة في دقيقتين ولكن لو كان لك ملاحظات عليه اخبرني .
الغرابة ليست في الكبش الذي ذبحه إبراهيم بل هناك شيء اغرب من ذلك وهو لماذا اختبر الرب إبراهيم بأن يذبح ولده وماذا يقصد بذلك وعندما امتثل للامر بأي كبش فداه ؟الله لا يضرب الامثال للناس اعتباطا ، بل ان الرب (سيّد الحكمة) كما يصفه الكتاب المقدس . إذن يتبين لنا من خلال هذا النص في سفر التكوين 22: 13: ((أن الله امتحن إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم!. خذ ابنك وحيدك، الذي تحبه وأصعده هناك ــ واذبحهُ ــ على أحد الجبال الذي أقول لك وأخذ ــ إبراهيم ــ بيده السكين ثم مد إبراهيم يده ليذبح ابنه. فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده عوضا عن ابنه. ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء وقال: بذاتي أقسمت يقول الرب، أني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك،أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي)).
إذن القصة كلها تحكي نبوءة امة عظيمة سوف تخرج من صلب هذا الشاب إسماعيل وستكون امة عظيمة جدا ثم يحصل فيها احداث من جملتها شخص يُذبح على شاطئ الفرات يكون من هذه الامة العظيمة. ولذلك فإن مزاعم التوراة بأن الذبيح هو اسحاق لا اساس لها من الصحة لان ذرية اسحاق ليست امة عظيمة وليست بعدد رمال البحر ابدا . لابل ان امة اسحاق اصبحت من العن الامم التي انتجت لنا بني إسرائيل (اليهود).
والسؤال هو : هل هناك علاقة بين هذه القصة وقصة الملك الذي نزل على النبي محمد يُخبره بأن ولده الحسين مذبوح على شاطئ الفرات . وقول النبي : أنا ابن الذبيحين؟
لنأت اولا لنسمع ماذا تقول المسيحية عن ذلك ؟
مما تقدم فإن المسيحية فهمت الرسالة من أن الضحية ليست خروفا بل شخصا قام بفداء اسماعيل وليس اسحاق كما تذهب التوراة (1) ومن هنا فإن كل المفسرين المسيحيين قالوا بأن الذبيحة هو (يسوع المسيح) كما نرى ذلك واضحا في تفسير القمص تادرس يعقوب ، وتفسير القس انطونيوس فكري وغيرهم والذي يقولون فيه : ((خلال التجربة تمتع إبراهيم برؤية واضحة لطريقة الخلاص وفهم مسبقًا كيف أن المسيح سيقوم من الأموات مانحًا الحياة لإبراهيم ولأولاده ففرح إبراهيم فرحًا بإسحق القائم من الأموات رمزًا لحمل المسيح لخشبة صليبه وهكذا فذبيحة المسيح هي ذبيحة الآب الذي قدم ابنه فدية عنا وهي ذبيحة الابن الذي أطاع حتى الموت موت الصليب يشير إلي انطلاق الآب والابن إلي الصليب ليقدما ذبيحة الصليب الكبش يمثل المسيح في موته فعلًا وإسحق يمثل المسيح في حمله للصليب ثم في قيامته)).
وهذا تفسير فلسفي عقيم غير مفهوم وفيه التواءات عجيبة كسر فيها المفسّر ذراع النص لكي يجعله يميل لصالح المسيح.
وفات هؤلاء ما جاء في النسخ الانجليزية القديمة Old KJ(God will provide himself a lamb for a burnt offering. وأضيفت كلمة For قبل Himself في النسخ الجديدة New KJ والمعني أن الله سيدبر الخروف . والسين هي سين المستقبل البعيد.
إذن هناك اجماعا في المسيحية على أن الذبيحة هو يسوع وليس أحد غيره حيث يرى القديس اغسطينوس وكذلك العلاّمة أوريجانوس والقمص تادرس يعقوب نفس الرؤية التي يراها القس انطونيوس فكري حيث يقول تادرس يعقوب : (تمجد إبراهيم وإسحق ابنه، فصارا يمثلان صورة حيَّة لعمل الله الخلاصي خلال ذبيحة الصليب وإعلان قيامة المسيا). فجميعهم يرون ان الذبيحة هو يسوع المسيح.
ولكن المشكلة التي وقعوا فيها أن يسوع المسيح لم يُذبح بل صُلب كما يؤمنون. إذن لابد من وجود ذبيح آخر.فمن هو هذا الذبيح . ولعلنا نقدم افضل شاهد على شخصية هذا الذبيح وحقيقته هو ما جاء في التوراة نفسها التي اخبرتنا عن مكان هذا الذبيح كما في سفر إرميا 46: 6 ((بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة للانتقام من مبغضيه، فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم. لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات)).
وانا اقول وبكل وضوح اعتمادا على نصوص الكتاب المقدس نفسه أن يسوع ليس هو الذبيحة ابدا لأنه وحسب العقيدة المسيحية فإن يسوع تم صلبه وقتله في فلسطين وليس على شاطئ الفرات ولم يُذبح ولم يكن ذبيحة لله ابدا لأن يسوع توسل وبكى وتضرع للرب ان يعفيه من القتل وأن لا يجعله الرب يتجرع هذه الكأس ، وصرخ : (الهي لماذا تركتني وحيدا) وهذه ليست مزايا ذبيحة مقدسة نذرها الرب أبدا.
التوضيحات ــــــــــــــــــــ
1- زعم اليهود أن اسحاق هو المذبوح ، والسبب انهم يرون اسماعيل ابن الجارية ، واسحاق ابن سارا الحرة ، ولذلك فإنه يليق اكثر من اخيه اسماعيل لكونه ليس ابن الخادمة هاجر. فقاموا باستبدال اسحاق مكان إسماعيل ، كما نرى ذلك واضحا في سفر التكوين 16: 1((وهذه مواليد إسماعيل بن إبراهيم، الذي ولدته هاجر المصرية جارية سارة وأما ساراي امرأة أبرام فلم تلد له. وكانت لها جارية مصرية اسمها هاجر فولدت هاجر لأبرام ابنا. ودعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل فقالت لإبراهيم: «اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق)). فقام إبراهيم بإرسال ولده اسماعيل وامه هاجر إلى مكة ليتحقق وعد الرب بأنه سوف يُكثرهم جدا جدا ويجعلهم امة عظيمة كنجوم السماء او عدد رمال البحر.