صفحة الكاتب : فالح حسون الدراجي

حذار من البعثيين أيها المتظاهرون!!
فالح حسون الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تأريخياً، ثبت بالإكتشاف الأثري القاطع، أن حضارة وادي الرافدين أقدم حضارات العالم، وقد تاكد ذلك من خلال عمر الحضارة العراقية التي تسبق بعشرات القرون حضارات النيل والهند واليونان والصين والمكسيك.. كما ان حضارة وادي الرافدين ركزت على حياة الإنسان، عكس الحضارة المصرية التي ركزت على الموت، والحياة التي تتبع الموت. لذلك تجد جوهر حياة الإنسان حاضراً في ادبيات العراقيين، وأغلب إبداعاتهم، حتى ملحمة جلجامش، التي تعتبر أول قصة شعرية ملحمية يكتبها الإنسان، لم تخل من وهج، وعطر الحياة الإنسانية..
لقد كان العراقيون إنسانيين بكل معنى الكلمة.. وحضاريين بكل ما يفي المعنى.. وهنا يشير العالم الأمريكي (روسي الأصل) كريمر، الى رقي، وسمو أخلاق العراقيين القدامى، فيقول:
(لقد تعلق السومريون، كما يؤخذ مما كتبوه ودونوه، بحب الخير والصدق والقانون والنظام والعدالة والحرية، والاستقامة والرأفة.. كما كانوا يمقتون الشر، والكذب، والزور، وعصيان القانون، والإخلال بالنظام، والظلم، والاضطهاد، وارتكاب المعاصي، والضلال، والصرامة، وتحجر القلب.. وكان حكامهم وملوكهم يتباهون دائما بأنهم أقاموا القانون والنظام في البلاد، وحموا الضعيف من القوي، والفقير من الغني، ومحوا الشر، والظلم، والعنف، والفساد)!!
وكم سيكون الأمر مفاجئاً حين نعلم ان العراقيين أول من أسس برلماناً شعبياً في التاريخ، عبر(برلمان الوركاء)، الذي أقاموه قبل أكثر من خمسة آلاف عام -حيث يؤكد ذلك العالم المؤرخ كريمر-!!.
وهذا يعني من دون مبالغة أو غرور ان الشعب العراقي سيد شعوب الأرض، حكمةً وعلماً ونوراً ووعياً وثقافة وعدلاً ورقياً وحضارة.. ولو لم يكن العراقيون كذلك، لما وضعوا قانوناً للقضاء، والمحاكم، ودستوراً للعدل، بإسم المسلة الحمورابية، التي هي أول قانون عدلي ينشر على الأرض. ولما أبتكروا الحرف، وأسسوا الخط المسماري، بما يسمى الكتابة المسمارية، التي نقشت فوق الواح الطين والحجر، والشمع، والمعادن، قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، أي قبل أن تظهر الأبجدية بأكثر من ألفي سنة.. ولو لم يكن العراقيون أحراراً يؤمنون بالديمقراطية لما أسسوا برلماناً، وحكومة قبل أن يعرف العالم إسم الحكومة. ونفس الشيء فعله العراقيون في تاريخهم الحديث أيضاً.. فهم الذين قاموا بعشرات الثورات والإنتفاضات، والإضرابات دفاعاً عن حريتهم، وإستقلال بلادهم، بدءاً من ثورة العشرين التي قادها رجال دين شيعة، وزعماء وشيوخ عشائرعراقية، وإنتهاء بثورة تموز التحررية التي قادها الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، مروراً بفعاليات، وحركات نضالية ثورية عظيمة قام بها شعبنا العراقي مثل إضراب عمال نفط كركوك عام 1946، وما تبعه من مجزرة حكومية إنتهى به ذلك الإضراب السلمي، حيث قتلت الشرطة ستة عشر متظاهراً، وجرحت اكثر من ثلاثين عاملاً من المضربين.. وهناك إضراب عمال السكك بقيادة القائد النقابي محمد صالح القزاز عام 1930 – 1931، ووثبة كانون العظيمة عام 1948، التي فجرها طلبة العراق الأحرار بدعم وتأييد من القوى الوطنية والتقدمية العراقية، وقد توجت الوثبة المجيدة بقصيدة شاعر العرب الكبر محمد مهدي الجواهري: أخي جعفر..
وفي شباط عام 1951 أضرب أكثر من ألفي عامل من عمال النفط في البصرة.. ثم إنتفاضة تشرين للطلبة الوطنيين في مدينة العمارة، وإسشهاد قائدها البطل حسن صبيح العلاق، وإنتفاضة آل إزيرج الفلاحية في العمارة، والتي أشرف عليها القائد الفلاحي الشيوعي المعروف فعل ضمد. تلك الإنتفاضة التي هزت عرش الحكم في بغداد.. ثم أضرب عمال معامل الموانئ في البصرة، والهوسة البصرية الشهيرة (حي ميت هندال نريده). ثم إضراب معامل فتاح باشا وصالح ابراهيم في الكاظمية والأعظمية، وفي عام 1953 كان هناك اضراب عمال السجائر في بغداد. وبعده إضراب عمال الزيوت الشهير عام 1968 مع عشرات الإضرابات الأخرى في مدن البصرة وبغداد والحبانية وكركوك وغيرها. وطبعاً لا يمكن لأحد أن ينسى إنتفاضة البطولة في معسكر الرشيد عام 1963 بقيادة الشهيد الخالد حسن السريع، ولا إنتفاضة الجرأة والبطولة الفذة في شعبان – آذار – عام 1991 والتي سقطت فيها ثلاث عشرة محافظة عراقية بيد الثوار، حتى كاد صدام يحزم حقائبه ويهرب لولا الدعم الأمريكي..
أما في مجال المظاهرات فالكلام يطول ويعرض، لكني اكتفي بذكر تظاهرة واحدة، وهي التي أنطلقت في عيد العمال عام 1959 بتنظيم القوى الوطنية والتقدمية، التي ملأت شوارع بغداد، حتى قيل أن عدد المتظاهرين فاق المليون متظاهر في بلد لم يكن عدده يتجاوز السبعة ملايين مواطن. وقد تمكن القائد الشيوعي الشهيد سلام عادل من إدارة التظاهرة لوحده بنجاح، وهو يراقب من مكان قريب من التظاهرة..
لقد أردت من سرد كل هذا، الوصول الى أن التظاهرات التي تجري اليوم في أغلب مدن العراق ضد الفساد والفاسدين، ليست وليداً غريباً عن العراق والعراقيين، فهي إمتداد طبيعي وشرعي وأخلاقي لآلاف التظاهرات والإعتصامات والإنتفاضات والثورات الشعبية الوطنية. وأن كل ما أريد قوله هنا للأخوة المتظاهرين لا يتجاوز الرجاء في أن لا يتنازلوا عن حقوق شعبهم، ولا يتراجعوا من بطش، وقوة، ونيران السلطة مهما كان حجمها وأن لايغشهم الأعداء (بكلاواتهم) فالحذر واجب، سواء من الفاسدين الذين هم الان في السلطة، ام من كان خارجها..! ووصيتي الأخيرة أن يحذر الأخوة إندساس البعثيين بين صفوفهم، وليتذكروا ان الحكم مهما كان موقفنا من أفراده هو لنا، وحقنا الوطني والشرعي والنضالي، وأن العملية السياسية هي الثمرة الحلال التي ناضل شعبنا من اجلها. وليعلموا ان مشكلتنا مع الجالسين على كراسي السلطة، وليس مع السلطة ذاتها..
أكرر: حذار من البعثيين أيها المتظاهرون، فهم إن دخلوا تظاهرة خربوها، وأفسدوها!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح حسون الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/04



كتابة تعليق لموضوع : حذار من البعثيين أيها المتظاهرون!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net