صفحة الكاتب : محمد الكوفي

مـدينــة الكوفــة العلويــة المـقدســة في سطــور
محمد الكوفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

{{يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب أحد من فضل مصلاكم بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس وصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه }} { الوافي للفيض الكاشاني , باب فضل الكوفة ومسجدها المجلد الثاني ج2 ص215
                                     *     *     *     *     *     *     *     *     *     *     *     *      
أسست الكوفة أيام نهضة الإسلام، وكان أهلها قديماً دأبوا على التقلب فكانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلئك.  فسرعان ماكانوا يمالئون هذا، وسرعان ما ينقضون عليه! ومن يقدم كربلاء أو النجف الأشراف لزيارة العتبات المقدسة لابد وان يعرج على الكوفة العلوية المقدسة ويزور المسجد الكبير الذي استشهد فيه الامام علي «عليه السلام». إن أهل الكوفة هم الذين أغروا «الحسين بن علي عليه السلام»على التوجه مع أقربائه وأفراد اسرته من آل بيت الرسول محمد «ص» عبر الصحراء وإلى مدينتهم ،لكنهم سرعان ما اشفقواعلى ارواحهم فخذلوه ولم يلبوا طلبه في الوقوف موقف المؤيد لقضيته. وذكرهم الإمام الحسين«عليه السلام» بالبيعة التي اخذها على انفسهم واليمين التي اقسموها على نصرته . وكان إن حز رأس الإمام الحسين«عليه السلام» وأهل الكوفة ينظرون! وفي الكوفة خذل «زيد» حفيد الإمام الحسين«عليه السلام» أيضاً، أغراه أهلها سراً على الثورة في وجه الخليفة الاموي ، وأخذوا على أنفسهم عهداً بأن يكفروا عن سيئات آبائهم الاقدمين ويزيلوا الوصمة التي الحقوها بمدينتهم بخذلان جده. واراد «زيد» «عليه السلام» ان يختبرهم، ورفعت رايته في الكوفة قبل هجوم جيوش الخليفة عليها... ولم يقف في صفه من اهلها سوى 200 - وسرعان ما تفرق هؤلاء ايضا فرقا واشفاقا. وغلق باب المسجد على سيدنا زيد «عليه السلام»اشد الناس تظاهرا في نصرته. وخاطبهم سيدنا زيد «عليه السلام» عساهم يتذكروا عهدهم ويخجلوا من نقضه... وذهبت الصيحة بلا صدى، وقتل سيدنا زيد «عليه السلام» مع من بقى على نصرته منهم، وهم جد قليل، اما الكثرة الكاثرة منهم فبقوا متخفين ،يخشون اسداء المعونة له او نجدته. والكوفة، اليوم،وعلى الرغم من نباهة شأنها في تاريخ الاسلام، قصبة صغيرة . وهي ترتبط بالنجف بخط ترامواي طوله 7 أميال وتجره الخيول -2– عبر الصحراء . وتتراءى القصبة على شئ من التفة بسبب قربها من مدينة النجف العظمى. زرت الكوفة مرتين ، مرة من الحلة ، ومرة اخرى من النجف الاشرف، ولم تراودني نفسي على زيارتها مرة ثالثة ويخترق طريق النجف – الكوفة صحراء مسطحة نظيفة تزينها احيانا احداق زهيرات برية زرقاء. وتتراءى من بعيد القبة الذهبية لضريح الإمام علي «عليه السلام» في النجف الاشرف وهي تتلألأ وتتألق فتسر النا ظرين. وقد يعبر المسافر بين الفنية والفنية جدولا من تلك الجداول المندسة وتروى بصدد إحدى هذه الجداول أسطورة عربية قديمة: قالوا فتاة ومضيئة كانت تسكن عمان، وخطبها الكثيرون ولكنها فضلت من بينهم رجلا بصريا، ولكنها غالت في صداقها ولم ترضى به بعلا إلا بشرط : هو إن يقوم بحفر جدول تستطيع إن تنقل بواسطته في قارب يحملها من عمان إلى البصرة. وشمر خطيبها عن ساعد الجد، واستغرق حفر الجدول 80 – سنة وعندما جاء الخطيب بخطيبته اثر ذلك إلى بيت الزوجية كانت الفتات الوضيئة قد بلغت من الكبر عتيا، وخلفت «زهرة العمر» ظهريا: والظاهر ان مغزى الاسطورة هذه يخالف مغازي اساطير الجان وما فيها من شرط تشترطه الاميرة على خطيبها! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ        
ـ كري سعده أو چری سعده { خندق سأبور } : وهو يكون الحد الفاصل بين الكوفة والنجف وينسب } إلى سأبور ذي الأكتاف } الذي حفره.ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 خـــــــــط ترامـــواي: «2» أسس هذا الخط سنة 1327 هـ - مدت سكة الحديد } الترامواي } بين الكوفة والنجف.
لاأثر لهذا الخط اليوم وترتبط الكوفة بانجف الاشرف بخط مواصلات من سيارات الركاب الكبيرة والصضيرة، كما اخذ الاهلون يبنون البيوت العصرية على جانبي الطريق.
نقلا عن كتاب: في بلاد الرافدين صور وخواطر بقلم ليدي دراورترجمة فؤاد جميل المكتبة البريطانية لندن. 
سنة 1327 هـ مدت سكة الحديد { الترامواي } بين الكوفة والنجف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجامع مدينة الكوفة الكبير{1}.على بعد اكثر من ميل من القصبة الحالية .انه قائم في صحراء، يحيط به جدار يجعله اشبه ما يكون بحصن . وفي الجدار اعمدة شبه دائرية ، وهى فيه علي مسافات . وفي داجل الجدار ساحات كبيرة وفي وسطها المزار المشبك حيث استشهد في هذا المكان الامام علي. {عليه السلام}. وقيم المزار شيخ وديع، يضع في اصبعه خاتماً بابليا ويزهو به كثيرا. ولم يكن ليغلب على هذا القيم التعصب شأن غيره. فلقد سمح لى بأن اقف على الباب الرئيس لاصور منها مااشاء!
وسألته: أهو قديم ؟ فأجاب، وعليه سيماء الجد: - اجل، انه قديم قدم آدم!{ع}.وفي الحق ان ما هو قديم فيه لا يعدوا منارة الجامع ، اما الجدران التي تحيط به وتتراءى وكأنها من مخلفات القرون الوسطى فلم تبين الا حديثا.
وهنا عين، وحولها اسطورة : قيل ان مياه الطوفان التى غمرت الدنيا كلها في عهد نوح تدفقت من هذا العين بألذات وبأمر من الله وليهلك الناس جميعا..
وعلى مقربة من الجامع الكبير ، وفي الصحراء ايضا، يقوم بيت ينسب الى الامام والخليفة القتيل وقبران ينسبان الى مسلم بن عقيل وهينهن امواه{1}.وهما ممن يجلهم الشيعة. والظاهر ان الجامع كان على النهر ، ولكن النهر بدل مجراه فأ خذ اهل للكوفة يبنون بيوتهم امام الجامع وتقدمت القصبة. 
الكوفة ميناء نهري تقع على نهر الفرات السلسال وتكتنفها خمائل النخل العامرة والبساتين المتضوعة ، ولها جسر جيد البناء . وتجري أمام المدينة سفائن كسفن الفاينكنغ {2}. والقوارب النهرية ، والمراكب وهي تحمل البضائع المختلفة من كل نوع. والمدينة مفتوحة وتلعب الرياح في جوانبها.
 وكان لها سوق جميل قبل ثورة 1920 وقصف فبنوا سوقا جديدا محله. انه سوق بارد يتخلله الهواء ويأتلف من دكاكين متينة البناء. وبين الحلة والكوفة أجهز الثوار على وحدة ال{مانجسترز}{3}.وأفنوا أفرادها عن بكرة أبيهم ، وما زالت جثث القتلى ورمم الخيول ومخلفات المعركة باقية شاهدة على ذلك. وشربت الشاي مع {المدير} في منظرته المطلة على النهر. ولعله حاذر من ان يضيفني ، وانا امرأة وحيدة، داخل الدار لئلا يثير القيل والقال،ولعلي مخطئة في هذا الظن ايظا. وتبدوعلى وجه {المدير} الشاب امارات الحزن ، وهو لا يعرف عن العالم الخارجي الا لماما ، انه قريب للقائمقام وهو رجل عرف بنزعته العدائية للانگليز ، سبق ان انزل العلم البريطاني ابان الثورة وداس عليه بقدميه. لقد نحوه اخيرا عن منصبه لا بسبب هذه النزعة ولكن لعدم كفاءته بوجه عام!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
{1}.الكوفة أنشأها العرب في سنة 17هــ «638م» بعد فتحهم العراق، وصارت عاصمة ودار امارته حتى ابتني الحجاج «واسط » وكان مقر خلافة الامام علي «ع» وبها بويع أبو العباس با لخلافة عام 132هــ . وجاء في تاج العروس: سميت الكوفة بالكوفة لاستدارتها. وقيل بسبب اجتماع الناس بها،وقيل لكونها رملية حمراء، ولا ختلاط ترابها بالحصى. والكوفان: الدغل من القصب والخشب: التاج – 6 – 340- مادة ك وف – المترجم -
آثار قصر الامارة القديم في الكوفة: 
من الآثار الموجودة قرب هذا المسجد العظيم: دار الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب {عليه السلام }. 
يقول ابن جبير الذي زار الكوفة عام 580هـ {{ ومع آخر هذا الفضاء وخارج مسجد الكوفة دار علي بن أبي طالب ،{عليه السلام }. والبيت الذي غسل فيه وكفن}} ، وقد عُمر بناءه عام 1385هـ/1966م . 
ومن الآثار الموجودة قرب هذا المسجد أيضاً قصر الأمارة ، الذي بناه أبا الهيجاء ألأسدي لسعد بن أبي وقاص عندما بنى الكوفة سنة 17هـ وكان يعرف بـ { قصر سعد ، وبقصر الأمارة ، وبدار الأمارة } ، اختطت في موضع الفضاء المتصل بمسجد الكوفة من جهة القبلة من الخارج وجعل فيها بيت المال وسكن فيها سعد بن أبي وقاص ، وكانت منزلا خاصا للخلفاء والملوك والأمراء من بعد سعد تكون بها مؤامراتهم ومؤتمراتهم ومشاوراتهم.
إلى زمن عبد الملك بن مروان عام - 71هـ - حيث أمر بهدمه حين تشائم منه ، والقصة معروفة . {11}.
     *     *     *     *    *     *     *     *     *     *     *     *                        
وبقيت الكوفة مهملة الشأن، وازداد هذا الإهمال في عهد العثمانيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقد قال الرحالة البرتغالي {ديلافاله} ، وقد مر بقرب الكوفة في مطلع القرن الحادي عشر الهجري – 26 حزيران سنة 1625م : {أنّه لم يجد للكوفة وجوداً .. }. وأكد الرحالة { كارستن نيبور } وقد زارها بعد الأوّل بقرن ونصف تقريباً سنة 1765م فقال : {{أنّها كانت خالية من السكان تقريباً ، بل أنّه وجد مسجدها ، ولم يبق منه شيء يذكر سوى الجدران }} وبقيت الكوفة على هذا الحال حتى مطلع القرن الماضي ، فدبت فيها الحياة من جديد ، وبدأ السكن من ضفة النهر إلى المسجد ، وامتدت أحياؤها بعد سنة {1378هـ/1958م} شيئاً فشيئاً من الجهة الغربية حتى اتصلت اليوم بـ { كركي سعد} وهو حدها المتصل بأحياء النجف الأشراف .. 
     *     *     *     *    *     *     *     *     *     *     *     *                       
وفي هذه الفترة أجرت مديرية الآثار العامة التنقيبات المتعاقبة خلال السنوات - 1938 و 1954 و 1955 و1957م - في الآ طلال المجاورة لمسجد الكوفة المعروفة باسم «قصر الامارة» وأظهرت فيها معالم السور الخارجي ، وبعض الغرف في قسمه الشمالي المتصل بالجامع ،كما انها توصلت الى معلومات قيمة عن مخطط القصر وطبقاته وحصلت على مجموعات من اللقي الآ ثار ية المهمة والنقود. وفي سنة 1955 عثرة على جزء من التصاميم التي كانت عليها قصر الأمارة في الكوفة في زمن الفتح الاسلامي للعراق وفي العصر العباسي فلقد كشف عن 4 دور للامارة شيدت كل واحدة منها على أنقاض الاخرى. ان دار الامارة التي يرتقي زمنها الى أيام الخليفة المأمون تحتوي على قبة تتصدر بناء واسعا له أربعة أبواب ، وعلى محورين متعا مدين ... وأمام هذه القبة بهو يقوم على أعمدة. 
وفي سنة 1957كشفت المديرية عن القسم الجنوبي من دار الامارة حيث المرافق الموجودة ضمن سورها الداخي.  ان المعالم المعمارية الاولي المكشوفة تعود الى زمن القائد العربي الكبير سعد بن أبي وقاص. ويرجع حوالي الى 070/0 من بقايا الابنية القائمة وسورها الداخلي والخارجي الى ذالك الزمن. هذا وان الاحداث ،والتغيرا ت اتي طرأت على الدار في الدورين الاموي والعباسي قليلة وأحدث أهمها في جنوب غربي الدار في العصر الاموي. راجع: «النشاط الآثاري في العراق ــ نشرة لمديرية الآثارالعامة في العراق»
     *     *     *     *    *     *     *     *     *     *     *     *                             
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي .
{ 1913 – 1996}. مسجد الكوفة.
على قرب النجف إليّ، فاني كما أسلفت صرت أقضي أيام الأسبوع في الكوفة. المقاهي على جانبي سكة \"الترامواي\" تعج بالرواد عصراً، إنها تكتظ بروادها بشكل مدهش، مع وجود مقاهي في شارع النهر. وإني لأجد لذة ومتعة في الجلوس في مواجهة النهر، ومنظر بساتين النخيل في الضفة المقابلة، والسفن الراسية على ضفته من جهة المدينة، حيث تكثر مخازن الحبوب، ومجارش الرز والمطاحن، وأتخذ مالكوها طابقها العلوي مساكن لهم عند الفراغ من مشاغلهم، وبعضهم لعائلاتهم أيام الربيع حيث يطيب الهواء، بينما أشغل بعض الموظفين بعضها أستئجاراً. [كان بين النجف والكوفة ما يسمى \"ترامواي\"، عربات تجرها الخيول. تمشي على سكة من حديد. تقطع بثلاثة أرباع الساعة. وقد تأسست عام 1907 وقلعت عام 1949] 
الكوفة مربع النجفيين، يقصدونها أيام الربيع والخريف، فتنتشر العوائل في بساتينها نهاراً، وعند المساء، يعرجون على مسجدها الشهير الواسع، حتى يضيق بالزائرين. تمتلئ غرفه الصغيرة ذات الأواوين، والساحة الواسعة أيضاً. والمقامات المنتشرة فيها خير ملجأ للعوائل التي يفوتها أن تحجز غرفة خاصة لها [تنتشر في ساحة مسجد الكوفة مقامات تنسب لبعض الأنبياء وإنهم صلوا هنا، فلهم محاريب]. إن أكثر أيام الازدحام تكون في الزيارات التي تصادف فصلي الربيع والصيف. وبعد الزيارة والأدعية تبدأ الأسمار، مناظر تبهج الخاطر، وتسلي المحزون، حتى الأطفال يأخذون حريتهم التامة، فساحة المسجد تتسع للعبهم غير المحدود [يقصد الكوفة في مواعيد زيارة الحسين في كربلاء العوائل التي لا تقوى على نفقات السفر إلى كربلاء، وتجد من المتعة مالا تجده في كربلاء]. 
سور المسجد المرتفع ومن طراز قديم، متماسك وقوي. قال لي بعض سدنته، إن جميع جهاته نالها تصدع، وشملها ترميم وتجديد، إلا هذه، وأشار إلى الجهة التي هي على يمين الداخل إلى المسجد من الباب الخاص به. فإنها – كما يقول- على حالها القديم! هذا كلام، فالظاهر غير هذا. تدل عليه أرضية الجامع، إنها منخفضة بالنسبة لمستوى الأرض الحالي، فالثابت والمعروف، إن العالم المعروف \"محمد مهدي بحر العلوم\" سعى إلى ردمها بالرمل، وترك بقعة منها [يسميها الناس \"سفينة نوح\" والتسمية من ادعاءات جهال خدم المسجد، {إن الكثير من الناس لأتتفق آرائهم وأفكارهم مع آراء الآخرين يجب على الإنسان إن يتحقق ثم يحكم أن الله لايري بل عين المجردة ولكن عرف بل عقل والتحقيق  }وربما حثوا سذج الناس على التبرك بلمس جدرانها، كما إن على سطح هذه البقعة اسطوانة من رخام، يقال: إن بحر العلوم قد ثبتها كشاخص يتعين به الزوال لموعد صلاة الظهر، لعدم وجود الساعات آنذاك، ولكن جهال خدم المسجد يشيعون إن الإمام علي رماها من البصرة. ويخدعون السذج من الناس وخصوصاً القرويين. وجدتهم يحثون القروي أن يدير ذراعيه حولها فإذا التقت أصابع يديه، قالوا له إنك ابن أبيك بلا شك ومن أهل الجنة، وإلا فـ....! ومن لم تحمل من النساء تلفها أيضاً بذراعيها وتلصق عليها بطنها؟!]، صارت كالسرداب فيها أواوين وجدرانها محلاة بالكاشاني، لتدل على المستوى الأصلي للمسجد. وحين نقبت دار الآثار عن –قصر الأمارة- المجاور للمسجد من جهة النجف، وجدت إن أرضية القصر مساوية لأرضية تلك البقعة ومنه ممرات تنتهي بأبواب تتصل بالجامع. المعروف إن أمراء المسلمين الذين يقيمون في القصر، كانوا يدخلون المسجد من تلك الأبواب.
في المسجد، بأحد أواوينه بجوار قصر الأمارة، منبر ضخم، ومصلى له باب مصنوع من البرونز بشكل جميل، يقال إنه مصلى الإمام علي ومنبره، وهنا يجتمع كثير من المتعبدين للصلاة والدعاء.
وما يقال عنه بيت الإمام، يشتمل على أواوين صغيرة. وجدرانه مزدانة بالكاشاني. وعلى بعد مسافة من بيت الإمام، بناية، يقال: إنها بيت الصحابي \"ميثم التمار\" وفي أحد الأواوين المجاورة لقبر \"مسلم بن عقيل\" مكان شبه سرداب، له باب من حديد صغير مشبك يسميه الناس\"طامورة\" ويزعمون إنها المكان الذي سجن فيه الثائر المعروف \"المختار بن أبي عبيد الثقفي\" وتقصده النساء، فيعقدن في رمانات مشبك الباب الخيوط، علامة لما يرتجينه من هذا المكان الذي صار مقدساً بسبب السجين الثائر.
ومسجد سهيل، الذي يبعد مسافة غير قليلة عن مسجد الكوفة، إنه واسع مثل مسجد الكوفة. يقصده الناس مساء كل ثلاثاء، ويبيتون هناك للأدعية والصلاة الخاصة، وفيه مقامات، ومقام عليه قبة، يقولون: إنها مقام الإمام المنتظر. وفي طريق الذاهب إلى جامع سهيل من الكوفة عن يمينه دكة، يقال: إنها \"كناسة مسجد الكوفة\" المحل الذي صلب فيه \"زيد بن علي بن الحسين\".
ويقصد مسجد الكوفة في أيام من شهر شعبان بعض العلماء والمتعبدين، فيقيمون أياماً يسمونها \"الاعتكاف\"، أي إنهم يقصرون أيامهم على العبادة، عبادة خاصة، يسمونها \"عمل أم داود؟\"
ولرجال الأدب والشعر والظرف في مسجد الكوفة لياليهم العامرة وقد خلدوها بأشعارهم وذكرياتهم.
وقبل المسجد بمسافة قليلة قبة بيضاء يحوطها سور، القبة تعلو مساحة غير واسعة مظلمة، يقال: إنها قبر خديجة بنت الحسين [حين شغل إدارة ناحية الكوفة \"لطفي علي\"، وكان رجل إدارة وعمل. ومهما كانت نواياه التي رُمي بها، فقد خدم فيها ناحية الكوفة، وقام بجملة إصلاحات، منها إنه أزال سور البناية، وأحاطها بحديقة جميلة، وفتح للقبة نوافذ نورتها فتحولت إلى منظر رائع]. 
هذه الآثار وهذه القبور –إن صحت- نسبتها أو لم تصح، غدت وسيلة عيش لبعض الناس، وأضاليل ، صيغت عنها أساطير، لم تحرك رجال الدين، ولا هزت عواطفهم نحو الناس ولا نحو الدين. في حين صارت لها في نفوس الناس مكانة الأصنام في أيام الجاهلية، يطاف حولها، ويرتجى منها الشفاء لسائر الأمراض والجنون، وتنحر لها الذبائح والهدايا والنذور. والويل لمن شك فيها، وتساءل عن حقيقتها.
 
ومن الغريب أن تجد بناية واسعة أيضاً في شارع النهر. داخلها ضريح له مشبك، يقولون عنه إنه قبر\"النبي يونس\" أو إنه هنا قذفه الحوت الذي أبتلعه، بعد أن ساح به سبعة أبحر. وإنه لم يقذفه من جوفه إلا بعد أن استغاث باسم الإمام علي؟!
قال لي الفراش حسن أنا يا عم كبير السن، وقد سمعت من جدي -المعمر- إن ضفة النهر كانت مكان هذا السوق [سوق آل شمسه الذي يتصل طرفاه بين شارع النهر، ومدرسة الكوفة الابتدائية \"جابر بن حيان\" حالياً]، فكيف شخصوا هذا المكان المزعوم؟ علم ذلك عند الله وفي ذمة رجال الدين تنتحل هذه الأضاليل.
 دين ومصالح سوف يحل في بيتي من يعمره قريباً. سيتحقق الأمل الذي عملت لأجله. فقد وافقت مديرية أموال القاصرين على قرضي مبلغاً يساوي ثلاثة رواتب. أستطيع أن أتفق مع أحد أصحاب المخازن فأدفع له مقدمة، وأقسط الباقي، فأدفعه شهرياً. سجلت الحاجات الضرورية المطلوبة ضمن المهر المرسوم، وما أبتغيه أنا من ضرورات البيت. وشغلت بالرواح والمجيء بين الكوفة والنجف. كل حاجة أشتريها أحملها مباشرة إلى بيتي في الكوفة،
{ تتردد على مسامعي مقولة إن الشعراء يقولون ما لا يفعلون, فيه ناس أعماهم التعصب فـ يقولون مالا يفقهون. لماذا يا أخوان دائماً تضنون بالناس ضنَّ السوء ضن الجاهلية؟ أنت تعلم الغيب مثلاً ؟ وأعني بذلك كان من كان فهو يضنُّ بأهل الكوفة المقدسة وخدمة مسجد الكوفة المؤمنون ضن السوء ضنَّ عن جهل ونهج الجاهلية.}.
مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن:
من مفاخر الشجعان في محافظة النجف الاشرف والكوفة العلوية المقدسة قادة ثورة العشرين.
سنة 1336 هـ / 1917 م قام النجفيون بثورة ضد الانكليز وكانت الكوفة مقر الاجتماعات والمفاوضات بين النجفيين والانكليز إذ كان يسكن فيها المرجع الديني السيد محمد كاظم اليزدي ، وفي هذه السنة ايضاً وردت الكوفة مقدمة الجيش الانكليزي ، حيث عسكروا في { شريعة التبن } من شرائع الفرات في الكوفة.
سنة 1920 هـ تمت في المدينة وضع الخطط لثورة العشرين ، وفيها أغرقت الباخرة الحربية { فاير فلاي } على يد الثوار ، وقصف الانكليز مسجد الكوفة.
كانت في الكوفة وحدة عسكرية بريطانية أرادوا بواسطتها وبمثيلاتها قمع ثورة العشرين في العراق سنة 1920. ففي 20 تموز تجمعت الحاميات البريطانية في «النجف الاشرف» و«أبو صخير» و«الشامية» وحاصرت الكوفة زهاء 3 أشهر ، وفي 23 تموز وقعت معركة «الرارنجية» الشهيرة وتعرضت 3 سرايا بريطانيا من وحدة المانجسترز هذه للهزيمة حيث أسر الثوار 160 بريطانيا ً وقتلوا 180 وجرحوا 60 وغنموا 59 مدفعا رشاشا ومدفعا من عيار«18 عقدة» استعملوه في اغراق الباخرة فاير فلاي في شط الكوفة. اثناء اصابتها كانت بعيدة عن السفن التجارية والزوارق. وعن مصادر الوردي في هذا الحدث سلسلة من المقالات المنشورة بجريدة صدى الإسلام، فقد تم إخراج العلم ألحيدري من قبل السيد محمد حسن ألكليدار الذي تقدم في وسط الزحام نحو شبك المرقد المقدس، وهزه بيده مستأذناً بأخذ العلم منه ليكون أمام جند الرحمن في حرب عباد الصليب، وحين صعد ألكليدار لأخذ العلم من فوق الضريح كان كأنه امتطى فيه السماء، فتناول العلن، وحله من بنوده، وانزله من محله، فعجت الأصوات بالصراخ داعية جبار الأرض والسماوات أم يزلزل الإنكليز ويهزمهم، ثم قرأ مفتي النجف دعاءاً، وتلاه ألكليدار بدعاء أخر، ثم رفع العلم خارجاً به من الباب، وأركع العلم في الباب للسلام.
أخرج العلم من الصحن نحو السوق الكبير وقد حف به السدنة، وازدحم حوله وخلفه خلق كبير، وعج الفضاء بأصوات التهليل والتكبير وطلقات الرصاص، حتى وصل إلى باب البلدة حيث هيأت له عدة عربات من عربات ألتراموي، فأركب فيها مع من كان معه من العلماء والأعيان.
كان في صحبة العلم من العلماء الشيخ فتح الله الأصفهاني، السيد علي ألتبريزي، السيد مصطفى ألكاشاني، الشيخ باقر ألقمي، الشيخ محمد حسن ألقمشئي، السيد عبد الرزاق الحلو، ألمرزا مهدي بن الملا كاظم الخراساني، السيد علي بن السيد محمد سعيد ألحبوبي، الشيخ عبد الرضا الشيخ مهدي، السيد محمد علي بحر العلوم، السيد محمد جواد ألجواهري، السيد هبة الدين ألشهرستاني، الشيخ عبد الكريم الجزائري، الشيخ محمد حسين الجعفري، الشيخ إسحاق ألرشتي، الشيخ عبد الحسين ألجواهري، الشيخ حسن علي ألقطيفي، وغيرهم وكان معهم عدد من الطلبة أيضاً، حيث بلغ مجموعهم مائة وخمسين. 
وحينما وصلت العربات إلى مقربة من مسجد الكوفة على رأس الخيالة كان في استقبالهم محمد فاضل الداغستاني، وكذلك استقبلهم جمع حاشد من أهل الكوفة، وعند مشهد النبي يونس الواقع على شاطئ النهر توقف العلم، ووقف بجانبه الداغستاني، فألقى الشيخ نعمان ألأعظمي خطاباً في الجماهير، ثم تكلم بعده السيد محمد حسن ألكليدار وابنه السيد أحمد، والمتصرف حمزة بك، وبات الجميع ليلتهم تلك في الكوفة. 
وفي ضحى اليوم التالي، أي يوم السبت 20 تشرين الثاني، جاء إلى الكوفة جمع من ألنجفيين من أهل محلة العمارة للانضمام إلى حركة الجهاد، كما جاء إليها كثير من الخيالة من عشيرة بني حسن، وفي عصر ذلك اليوم توجه الداغستاني ومعه العلماء والمتصرف وحملة السلاح من أهل النجف والكوفة إلى مسجد الكوفة، فوضع العلم تجاه المحراب الذي كان يصلي فيه أمير المؤمنين، وتلي عندئذ دعاء الثغور المأثور عن الإمام زين العابدين، وكان لهذا الدعاء أهمية خاصة يومذاك إذ المعروف عن الإمام زين العابدين انه كان يدعو به لنصرة حماة ثغور أي الجيوش الأموية التي كانت حدود البلاد الإسلامية في زمانه، وفي هذه إشارة إلى وجوب تأييد الدولة العثمانية التي كانت حامية الثغور في زماننا، فهي ليست العن من الدولة الأموية على أي حال.
في الطريق الى بغداد
**************
وصل الكوفة السيد محمد بن السيد كاظم أليزدي مع لفيف من أصحابه للانضمام إلى موكب العلم بالنيابة عن أبيه، وفي صباح الأحد 21 تشرين الثاني، ركب الجميع في سفن شراعية أعدت لهم بلغ عددها ثلاثين سفينة، فتحركت بهم شمالاً نحو قرية الكفل. ويقول الشيخ محمد رضا ألشبيبي تعليقاً على ذالك، إن المجاهدين في المرة الأولى تحركوا في السفن نحو الجنوب، أما في هذه المرة فقد تحركوا نحو الشمال { فسبحان مقلب الأحوال}. 
وعندما وصلوا الكفل خيموا على الضفة الشرقية من النهر، وفي منتصف الليل جاءت جموع من النجفيين للالتحاق بهم، وكانت من محلات النجف الثلاث الأخرى أي المشرق والبراق و الحويش، وفي صباح اليوم التالي تحركت بهم السفن نحو طوريج عن فوصلوها قبل الغروب بساعة، وهناك أنزلو العلم الحيدري وساروا به نحو رحبة دار الحكومة فألقى الشيخ نعمان ألأعظمي كلمة في الجماهير المحتشدة. وبعد قليل ملا يفقهون وصل الداغستاني إلى طوريج عن طريق البر ومعه 250 خيالاً من بني حسن، باتوا ليلتهم تلك في طوريج، وفي الصباح أقيم احتفال عظيم حيث نصب منبر في رحبة دار الحكومة، وصعد عليـــه الشيخ فتح الله الأصفهاني، فألقى موعظة حسنة وتكلم في تقصير الناس و انقطاع أعذارهم، ثم صعد المنبر بعده السيد محمد أبن السيد كاظم اليزدي واخذ يخطب باسم والده في الحض على الجهاد، وفي صباح يوم الأربعاء 24 ت2 غادروا طويرج بالسفن متوجهين نحو سدة الهندية، ولم يكادوا يبتعدون عن البلدة حتى بدئوا يسمعون هدير المدافع أتياً من ناحية سلمان باك، فقد كانت المعركة في يومها الثالث، وبعد وصولهم سدة الهندية قبل الغروب بساعتين، وبينما هم واقفين أمام السدة مبهورين بالإنجاز الهندسي جاءهم الخبر عن هزيمة الإنكليز في سلمان باك.
وفي يوم الخميس تحركوا نحو المسيب، فوصلوها عصراً، وكان أهل البلدة قد تجمعوا على ضفة النهر لاستقبال العلم الحيدري ومن معه من العلماء. 
مكث القوم في المسيب أربعة أيام، جرى في بعض منها تجمع للناس على الضفة الشرقية من النهر وخطابات تحريضية على الدفاع عن الوطن، وقد وصلتهم أثناء ذلك أنباء أخرى عن انتصار الجيش العثماني في سلمان باك، وتراجع القوات البريطانية إلى الكوت. وقد وصلت عدة برقيات توضح ذلك وأخرى تطلب من الداغستاني أن يسرع هو والخيالة الذين معه إلى ناحية الجزيرة { أي الصويرة} للهجوم على العدو المتقهقر وكبس البغيلة.
في بغداد- بقيث الحديث العودة إلى المصدر.
المصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادرالتأريخيةالمهمة:
{الكوفة مهد الحضارة الإسلامية } طبع في النجف الأشراف سنة 1977 م .
محمد رضا عباس {أبو جاسم الكوفي}.
من مذكرات المربي الراحل علي محمد الشبيبي - معلم في القرية .
الكوفة - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
كتاب مراقد المعارف للشيخ حرز الدين ج – 2 – ص 7.
فضل الكوفة وفضل أهلها / أبي عبد الله محمد الحسني الكوفي / مؤسسة أهل البيت / بيروت.
ميخائيل الكبير، غريغوريوس، تاريخ مار ميخائيل الكبير، ترجمة صليبا شمعون.
حلب : دار ماردين، 1996 ج2 ص 312.
أبو نوار، أديب الكوفة كوفتان. الزمان الدولية العدد 1893 {22/8/ 2004} ص14.
جميع الحقوق محفوظ برنامج المتميز الاخبارى.
من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 1914-1918، دار الصادق في الحلة 2005.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فأنها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}}
وَربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ABO_JASIM_ALKUFI@HOTMAIL.COM
محمد الكوفي/ أبو جأ ســــم 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الكوفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/22



كتابة تعليق لموضوع : مـدينــة الكوفــة العلويــة المـقدســة في سطــور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net