وزارة (أبو سفيان) ..!!
فالح حسون الدراجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تتعرض جريدة (الحقيقة) ومعها بعض الصحف العراقية الوطنية المستقلة الى عملية (تجويع)، وتركيع قصدية كافرة. (وبلا فخر) أقول، أن جريدة الحقيقة هي أكثر الصحف تعرضاً لهذه العملية، وتأثراً بنتائجها أيضاً.. وأنا لا أريد هنا أن أتهم أحداً بعينه، فأدعي أن جهات خارجية، أو داخلية تستهدفنا، أو أن ثمة (مؤامرة صهيونية) تحاك ضدنا، لأن زمن اتهام (الاستعمار والصهيونية) قد ولى الى الأبد. لكني أردت فقط أن أعرض هذا الموضوع على القراء الكرام، وأحتكم الى ضمائرهم النقية دون غيرهم.. فأنا أعرف أن الاعتماد على الدولة، أو التمني بدعمها لنا، أو لبقية الصحف المستقلة الأخرى، أمرٌ يشبه الاعتماد على مطر الصيف، فيرجو (من بارح مطر) كما يقال! وفاقد الشيء لا يعطيه طبعاً. وأنا لا أقصد هنا حكومة العبادي فحسب، إنما أقصد جميع مؤسسات الدولة، بدءاً من الحكومة الى رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب، الى غير ذلك من المؤسسات المختصة.. كما أن الاعتماد على الذات وحدها أمرٌ لا يقل سذاجة عن فكرة الاعتماد على مطر الصيف، أو الاعتماد على الحكومة. فذواتنا - وهي الضعيفة - لا تقوى على تحمل تكاليف اصدار صحيفة يومية مستقلة لأربع سنوات متتالية دون توقف، خاصة إذا كانت هذه الصحيفة وطنية، مستقلة، شجاعة، لا تخاف أحداً في قول الحق. ناهيك عن عدم تبعيتها لهذا الحزب أو لتلك المنظمة أو الطائفة، أو لذاك المسؤول.. قد يقول البعض: وكيف تواصل بقية الصحف إصدارها..؟ والجواب: أن هناك صحفاً تمولها الحكومة رسمياً وقانونياً .. وصحفاً أخرى تمولها الوزارات، لأنها (تابعة) لطائفة أو حزب الوزير. في حين أن ثمة صحفاً أخرى تدعمها شخصيات ثرية، (سواء أكانت سياسية ام غير سياسية!)، وأموال هذه الشخصيات تأتي أغلبها من السعودية أو قطر أو بارزاني فتكون الصحيفة (المموَّلة) في خدمة مشروع الجهة التي تقف خلف أموال ذاك (الثري)، والأمثلة كثيرة ومعروفة.. وهناك صحف تابعة لمؤسسة إعلامية نافذة، تديرها شخصية إعلامية ابتزازية معروفة، لها تاريخ طويل، وخلفية (عريقة) في النهب والسرقة والابتزاز، فيكون تمويل جريدته أمراً يسيراً وسهلاً قياساً لما يحصل عليه من (خاوات) وأتاوى دسمة جداً، ولبعض الصحف طرق وأساليب ذليلة في الحصول على الدعم ومنها أسلوب التزلف والمديح المبالغ به لهذا المسؤول، أو لذاك المصرفي، أو التاجر، إذا ما قام (بدهن السير)، بينما سيصبح نفس هذا المسؤول، أو رجل الأعمال (الشريف، والوطني جداً) عميلاً للموساد الإسرائيلي، (وكلب ابن كلب) إذا ما قطع الدعم المالي عن الجريدة !وعدا هذه الصحف فإن كل الصحف الباقية - ومنها صحيفتنا – تواصل إصدارها- بالدفرات- ولا أقول كلاماً أسوأ من ذلك!! والمشكلة أننا نواجه مصيرنا لوحدنا دون مساندة من أحد، فلا نقابة الصحفيين قادرة على الوقوف معنا ضد هذه الوحوش الكاسرة - حكومة ومالاً وأباطرة فساد - ولا نحن الصحفيين قادرون على التوحد في موقف مهني شجاع واحد، نستطيع فيه احراج الحكومة، وقلب الطاولة، فنهدد مثلا بإغلاق الصحف، وكلنا يعلم أن البلاد التي تخلو من وجود صحف أهلية حرة، لا تستطيع حكومتها التشدق، والادعاء بالديمقراطية.. مختصر القول إن الإعلانات الحكومية، هي الأوكسجين الذي تحيا به الصحف المستقلة، وحين تقطع الحكومة اعلاناتها عن الجريدة، فإنها تقطع الهواء عنها.. وفي جريدة الحقيقة نعاني معاناة رهيبة في موضوع الحصول على إعلانات الحكومة. فجميع الوزارات - السنية – لا تمنحنا أي اعلان من اعلاناتها، حتى لو كان سعره ثلاثة دراهم !! ونفس الشيء بالنسبة لوزارات الكرد، وللتأكد من كل ذلك يمكن للقارئ مراجعة جميع أعداد جريدة الحقيقة، ليرى صدقية ما نقول. أما الوزارات الشيعية، فبعضها تمنحنا اعلاناتها بالتساوي مع الآخرين مثل وزارة الصناعة والتجارة، وبعضها تمنحنا بالقطارة (يعني كل سبعة أشهر اعلان) مثل وزارة النقل ووزارة الصحة، والبقية NO اعلان!! أذكر أني شكوت قبل ثلاثة أشهر لأحد الوزراء الحاليين - وهو صديق وأخ لي- ما تعانيه جريدتنا من ظلم في موضوع الاعلانات، فقال لي: دعني أرتب لكم الأمر.. فقام بالاتصال فوراً بأحد وزراء الحكومة، وقال له:- عزيزي أبا سفيان.. جريدة الحقيقة جريدة وطنية داعمة للعملية السياسية، ومقاومة للإرهاب، إضافة الى أنها جريدة يومية ناجحة، لها تأثير في الشارع الشعبي.. أرجو أن تنال اعلاناتكم مثلما تنال بقية الصحف العراقية. فأجابه الوزير(أبو سفيان): تتدلل أخي العزيز. خلي يتصلون باچر بمسؤول إعلام الوزارة ويلگون كلشي جاهز. وحين أخبرني صديقي الوزير بذلك..ضحكتُ.. فقال لي: ليش تضحك؟ قلت له: لأني لا أثق بوزير يسمي ولده سفيان.. ويلقب نفسه بأبي سفيان.. فضحك صديقي الوزير أيضاً، وقال: من هذا ما ينطونكم الجماعة إعلانات !! وقبل أيام، رآني صديقي الوزير، فسألني:- ها خويه شخبار وزارة أبو سفيان.. أنطوكم إعلانات لو لا؟ فقلت له: لا طبعاً.. لقد اتصلنا بهم الف مرة دون جدوى..الم أقل لك أني لا أثق بوزارة، وزيرها (أبو سفيان). فضحك صديقي الوزير، وقال: ولا حتى أنا!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
فالح حسون الدراجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat