صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

المشاريع الاستثمارية تأخذ طريقها للقطاع الخاص في وزارة الكهرباء
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يعرف الاستثمار بأنه ( توظيف المال في نشاط , أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد ), أو هو( تضحية مؤقتة بأموال حالية من اجل مشروعات مستقبلية , وهذه التضحية في الأموال ترتبط عادة بثلاثة عوامل هي : العائد المتوقع , ودرجة المخاطرة , والوقت) , أما مخاطر الاستثمار فتكمن في عدم التأكد من تحقيق العائد المتوقع بسبب عدم استقرار البيئة الاقتصادية التي تشكل قلقا دائما من حيث ضبابية السياسات الاقتصادية , وعدم استمرارية هذه السياسات واستدامتها .
وفي بلادنا العراق فان القوانين لايزال التضارب في بعضها , وفي كثير من اللوائح والقرارات , إلى جانب أن هناك تداخلا في الاختصاصات بين الوزارات والجهات الحكومية المعنية , وهو ما يؤدي إلى تعدد الإجراءات وتعقيدها , وزيادة كلفة الأعمال , وأحيانا إلى توقف المشروع , وعلى صعيد البناء المؤسسي والإداري والتنظيمي للدولة لاتزال هناك اختلالات كبيرة تحد من تطور القطاع الخاص لذلك تميزت العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص بالضعف وسوء الفهم مما أدى إلى زيادة المخاطر التي يواجهها هذا القطاع , الأمر الذي أعاق تطوره واضعف قدرته على المنافسة , لاسيما عندما يكون هناك انحياز من أصحاب النفوذ إلى أطراف استثمارية محدودة بسبب وجود نسيج من المصالح غير المشروعة بين بعض المسؤولين الحكوميين وبعض الأطراف الاستثمارية , نتج عنه انصراف الكثير من رجال الأعمال عن الاستثمار في مشروعات وقطاعات مختلفة , لوقوع هؤلاء المستثمرين خارج شبكات المصالح غير المشروعة , وعدم قدرتهم على إيقاف تلك الممارسات وعزوفهم في الوقت نفسه عن الدخول في شبكات المصالح الفاسدة 0 لذلك فان هذا الفساد شكل العائق الأكبر أمام تطور القطاع الخاص , إذ أدى إلى عدم تكافؤ الفرص بين المشروعات التجارية , والاستثمارات المختلفة بسبب عمليات التنافس غير الشفافة في المناقصات الحكومية , وبسبب تفشي الرشاوى , إلى جانب الشراكة غير القانونية بين بعض رجال الأعمال وبعض المسؤولين الحكوميين , وفرض شراكة الحماية على المستثمرين من قبل بعض المسؤولين0
من جانب أخر يمثل تذبذب العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص مؤشر أخر على طبيعة التوجهات والسياسات الحكومية المتعلقة بالقطاع الخاص , وهو ما يؤدي إلى حالة من الغموض وسوء الفهم للسياسات الحكومية , ويفضي ذلك إلى حالة من الشك والترقب والانتظار ما يؤشر سلبا في بيئة الأعمال ويشكل مناخا منفرا للاستثمار 0
والذي نريد أن نشير إليه في هذا المجال وهو موضوع بحثنا , أن أول ما تعنيه الشراكة هو تحديد الدور المناسب لكل من القطاع العام , والقطاع الخاص , كما إن الشراكة تأتي عبر الحوار والتوافق وليس عن طريق إصدار القرارات, ولهذا نلاحظ أن وزارة الكهرباء رغم التحديات المذكورة سلفا , إلا أنها حاولت جاهدة على تجاوزها أخذة بنظر الاعتبار الظروف الاقتصادية والأمنية التي يمر بها البلد لاسيما والمالية منها المتمثلة في قلة التخصيصات التي يجب أن توفر لقطاع الكهرباء لما له من أهمية بالغة تمس حياة المواطنين بشكل مباشر, وكمعالجة مرحلية قامت الوزارة في مبادرة جريئة بخطوة مباركة غير مسبوقة ولأول مرة بتفعيل إمكانيات القطاع الخاص في مجال الاستثمار عن طريق إبرام عقد استثماري وبالتحديد في ( قطاع التوزيع) ضمن الرقعة الجغرافية للمديرية العامة لتوزيع كهرباء الرصافة مع إحدى الشركات المحلية المسماة( شركة النور الثاقب ) وقد تضمن العقد الذي وقعه عن الوزارة مدير عام كهرباء الرصافة المهندس خليل إبراهيم , وعن الشركة مديرها السيد صلاح فاضل , توكل لهذه الشركة الاستثمارية مهمة الخدمة والصيانة والجباية في بغداد - منطقة زيونة وبثلاث محلات هي: 710 , و712 , و714 , ولكي يفضي العمل بالنجاح والسيطرة على التجاوزات التي تحصل على الطاقة وما ينتج عنها من هدر وضياع وتبذير غير مبرر ومسؤول من بعض المواطنين , فضلا عن حث المستهلك بل وإجباره على الترشيد في استهلاك الطاقة , كان من أهم بنود هذا العقد أن تتعهد الشركة الاستثمارية بنصب مقاييس ذكية , وبالمقابل تلتزم الوزارة بتجهيز المنطقة بالتيار على مدار الساعة , مع إلزام الشركة بدفع نسبة 80% من رواتب كوادر الصيانة من المبالغ المستحصلة من احور الكهرباء, مع تخصيص نسبة من هذه الأجور إلى الشركة 0
نرى أن هذا الإجراء سيكون بادئة خير لتشجيع المستثمرين في مجال الطاقة في قطاعات ومناطق أخرى نتيجة لتذليل الصعوبات التي تواجههم عندما تقف حائلا أمام رغبتهم في الحصول على تمويلات لمشروعاتهم من البنوك التجارية , وذلك بسبب عجزهم عن تقديم الضمانات المطلوبة , الأمر الذي يتجاوز التركيز على القلة من الشركات الاستثمارية وأصحاب النفوذ , ما يجعل توسيع المشاريع الاستثمارية الأخرى في نشاطها ودخولها الأسواق امرأ سهلا 0
فعلى صعيد التشريعات لايزال دور القطاع الخاص محدودا , نجد في الجانب الحكومي لاتزال هناك مصفوفة إصلاحات كثيرة مطلوبة لتمكين القطاع الخاص من قيادة عملية التنمية , ومن جانب أخر يعاني قطاع الخاص معوقات ذاتية عديدة لعل أهمها ضعف الأداء بشكل عام , وهو في الأغلب قطاع غير منظم , لمعاملاته , وكوادره , وأعماله, وحساباته , كما أن اغلب الشركات الاستثمارية المحلية غير مؤهلة في الوضعية الحالية للبلد لإيجاد شراكة حقيقية مع الحكومة , لاسيما في ما يتعلق بالتكيف مع الوضع الاقتصادي الحالي , ومقترحات القوانين ذات الصلة 0
فهناك حاجة كبيرة إلى العمالة المدربة والماهرة بسبب ضعف التعليم الفني والمهني , وعدم مواكبته متطلبات السوق , كما أن الكوادر المؤهلة والمتخصصة في بعض المجالات الاستثمارية محدودة , وهذه العوامل تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب الاعتماد على العمالة المستوردة بأجور عالية , فضلا عن ذلك يؤدي استخدام العمالة غير المدربة بشكل جيد إلى تخلف الإنتاجية , وسوء استخدام تقنيات الإنتاج الحديثة , إلى جانب محدودية الشركات المساهمة والتضامنية , وغلبة الشركات المدعومة من الكتل والأحزاب السياسية في معظم منشآت القطاع الخاص , واعتماد تلك المشروعات على الأساليب القديمة في ممارسة عملها وهي كلها أسباب تؤدي إلى التكاليف الإنتاجية , وزيادة المخاطر على المشروعات المحلية بشكل عام وفقا لمتطلبات الحاجة .
كما أن ضعف وتلكؤ الإصلاحات الإدارية والمؤسسية التي أعلنتها الحكومة مؤخرا لم تكن كافية لتحسين مناخ الاستثمار من دون زيادة قدرات القطاع الخاص , إذ أن ابرز العوائق والصعوبات التي تواجه القطاع الخاص وتحول دون قيامه بالدور الأكبر في عملية التنمية لاتزال قائمة , فغياب الإدارة الجيدة ومحدودية النمو الاقتصادي , والتحديات الاقتصادية , والمؤسسية , والأمنية , وضعف البنية التحتية والمؤسسية لايزال حجم الاستثمار في البنية التحتية ضعيفا , بل ومتخلفا عن واقع الاستثمارات العامة في البلدان النامية , فناك صعوبة في الحصول على إمدادات الكهرباء والخدمات الأخرى .
.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/20



كتابة تعليق لموضوع : المشاريع الاستثمارية تأخذ طريقها للقطاع الخاص في وزارة الكهرباء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net