الربيع العربي وقدره السيء(6)
علي السواد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تونس البداية- القسم الثاني
ان الديمقراطية والحرية هما مستقبلا من يديران الدولة والمجتمع بعيدا عن هيمنة الشخص الواحد والحزب الواحد، لكن هذا بالتاكيد سيكون متعارضا مع ارادة الولايات المتحدة التي ليست معنية بمصالح الشعوب العربية اطلاقا ولهذا هي غاضبة وخائفة من اي نجاح ممكن ان تحققه الشعوب العربية وخصوصا على صعيد الحرية والديمقراطية في ظل دول يحكمها القانون ولذا فهي تحاصر وتراقب اي عمل سيكون خارج اجندتها او اهدافها واهداف جميع من يؤيد سيايتها ، وخصوصا من الدول الغربية المتحالفة معها في كل شيء وظني ان هذا التحالف الغربي الامريكي.
هو لايختلف عن اي تحالف بدائي قبلي وعشائري هذا هو حال العالم الذي يدعي انه هو لاغيره من يمثل العالم الاول العالم المتحضر وهو ليس له من هذا الا الادعاء الكاذب اي ان الغرب الرسمي مصر على ممارسة الكذب والنفاق وانا اعتقد انه يمارس هذا السلوك المتناقض نتيجة احتقاره لنسبة كثيرة من شعوبه واحتقاره للديمقراطية وبالتالي ما معروف بشكل قطعي ونهائي لاغلبية الجماهير العربية بان الغرب لن ولم يقبل باي تطور سياسي يسعى لازاحة النظم العربية الموغلة بالظلم و الفساد المستشري في كل مكان من العالم العربي والذي هو في كل مؤسسة.
ودائرة مدنية او عسكرية او دينية اوحتى ثقافية ومما ينبغي قوله بكل وضوح في هذا السياق المعني بالحديث عن مايسمى بالربيع العربي بالمعنى العام وعن الربيع التونسي بالتحديد اي عند بداية ظهور الاحتجاجات حاولت الولايات المتحدة وفرنسا وهم من اكثر النظم قربا وارتباطا بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الى القضاء على المحتجين وانهاء احتجاجهم باقرب فرصة ممكنة لكي لا يفقدوا حليفهم الدكتاتور ابن علي وبالتالي يصبح الشعب التونسي لاول مرة منذ استقلاله المزعوم هو الذي يدير حياته دون تدخل من جهة معينة ولكن تبين الامر لا كما يريده.
اي ان الاطاحة بالنظام السابق لايعني ان الشعب التونسي سيكون فعلا هو من سيقرر ويحدد مسار عمله ويختار حسب حريته وارادته المعطلة لعقود كثيرة حتى انه بعد الاحتجاج والتغير الذي ادى الى خلع نظام ابن علي فوجأ وصدم بعد ان كان يتمنى ان يكون مستقبله لصالح دولة مدنية فاصلة بين الدين والسياسة جامعة لكل شرائح المجتمع لكن ظهور الجماعات الاسلامية كجماعة حركة النهضة والعديد من الحركات المتعصبة وفي مقدمتهم السلفيون الوهابيون مثل حركة انصار الشريعة وهم من اكثر الجماعات السلفية تشددا والذين انتشروا في كل مكان من تونس.
وانا شخصيا غير متفاجأ لانني اعرف مسبقا ان جزءا كبيرا من اموال النفط السعودي تذهب الى استثمارالعقيدة الوهابية التي انفق عليها اموال كثيرة وكثيرة قد تجاوزت 100مليار دولار خلال العشرين سنة الاخيرة فقط وفي النهاية اكيد تكاثرت الوهابية واصبحت في كل مكان لتشوه وجه العالم باعدادها الخطرة واشكالها القبيحة ومن ضمنها تونس المختطفة الان بعد خلع نظام ابن علي تحكم بالاسلام السياسي المتطرف نتيجة ظهور الاسلاميين بسرعة غير متوقعة ليكونوا هم اصحاب الحضور المؤثر على الجماهير وهم قبل هذا لم يكن لهم اي تكتل.
او اي تأثير على الشارع التونسي. بقدر ما كانوا مجموعة صغيرة مبعثرة في مناطق هامشية وفقيرة ولكن بعد التغير ظهروا بشكل مفاجأ كقوة منظمة لها انصار ومؤيدين ولهم وسائل اعلامية من قنوات تلفزيونية واذاعات وصحف ومجلات وبالتالي ان الامر لايتخطى او يتجاوز دور الولايات المتحدة والسعودية لنشرهم النسخة المشوهة والرديئة من الاسلام وهذا تعود بداياته منذ احتلال السوفيت الى افغانستان عندما اسست الولايات المتحدة والسعودية هذين الحركتين الارهابيتين القاعدة وطالبان تمثل الوهابية لتحشيد البغض والكراهية للاسلام.
بشكل عام في راي المواطن الاوربي بمعنى اوضح ان الولايات المتحدة لاتريد للاسلام الاكثر اعتدالا وتسامحا ان يكون هو القريب او المشارك في الحياة ولهذا هي مهتمة بالاسلام (السعوهابي) وبالتالي ماحصل في تونس هو مخطط له بعناية وتدبير من خلال استثمار اموال النفط الخليجي والعقيدة (السعوهابية) التي اصبحت منتشرة في كل مكان بما فيها تونس التي كانت تعتبر من اقرب البلدان العربية الى العلمانية، لكن تغير الحال بظرف اسابيع وانقلب المالوف الى النكرة والنكرة الى المالوف واصبحت القيادات التكفيرية تتحدث علنا لازاحة اي مظهر من مظاهر الحياة.
المدنية بعد ان كشفوا عن اهدافهم ونواياهم الخبيثة وهذا كما ورد في حواراتهم او تصريحاتهم الاستفزازية والباعثة على القلق والخوف من وحشيتهم الساعية الى فرض قناعاتهم المتخلفة. على المجتمع والغاءه وشطبه تماما من اي معادلة لكي لا يكون طرفا فاعلا بالحياة السياسية الجديدة اي ان سلفيي الولايات المتحدة والسعودية هم مصرون على جعل الحياة في تونس تخلو من كل شيء الا من المسجد وبالتالي الذي يجب ان يزاح وفق رأيهم المتخلف هو المسرح والسينما والنادي ومنع اي شيء له صلة بالحياة المدنية والثقافة وفوق هذا طرد المراة من الواقع.
وجعلها رهينة ومعتقلة في البيت ولايحق لها التعلم ولا العمل، لان وظيفتها عندهم كسلفيين لا تتعدى كونها متعة جنسية وخدامة كما هو الحال في السعودية وشقيقاتها دويلات النفط التي تحكم بالاسلام الوهابي،الذي تتبناه كدولة مثل الولايات المتحدة والذي سمحت له بان يجتاح العالم العربي ليكون في المستقبل هو الاسلام الرسمي الذي يمثل اغلبية الشعوب العربية. اما الاسلام المعتدل فهو المحارب عند امريكا والغرب بينما اسلام الوهابية الذي لايتيح ولايسمح للمراة في السعودية ان تقود السيارة تلتزمه الولايات المتحدة وتوفر له كل الحماية والرعاية.
وتساند نظامه السياسي السيء المتمثل بنظام ال سعود وهو اشد الانظمة رجعية وتخلفا في العالم المعاصر، اي الذي يحصل في تونس فهو فضيحة لايمكن التعايش معها والقبول بها مهما كانت الادعاءات والمبررات لذلك لانه اذا تم هذا الامر السيء فاننا سوف نتورط بواقع اكثر صعوبة مما كان في عهد الانظمة الدكتاتورية التي حكمت عقودا من الظلم والاضطهاد وكانت اغلبها محمية ومرحب بها في الولايات المتحدة. والان كما يبدو ان الغاية المباشرة للولايات المتحدة هي الالتفاف على الحراك الشعبي الذي اسقط بعض الدكتاتوريات ومحاصرته وتهميشه.
وسرق اهم مكاسبه و نتائجه كي تكون لصالح ( احزاب اسلاموية) لاتفقه من منطق الحياة الا التكفير والقتل والقسوة. ولهذا جيء بها على عجل، لانها ضد الحرية والديمقراطية ولاتؤمن بالاخر وبالتالي مع كل هذا السوء الكريه لهذه الجماعات فأن امريكا و الحكومات الغربية عموما سارعوا بالموافقة عليها ومنحها شرعية الحكم فقط لانها ابدت استعدادها بالعمل معهم دون اي عائق يذكر والتعهد بالحفاظ على المصالح وهذا اهم شيء للولايات المتحدة والغرب واسرائيل طبعا من ضمنهم يبدو ان الامر هو كذلك ومن ثم ليضمنوا ويكرسوا سيطرتهم وهيمنتهم.
على العالم العربي من جديد بعد ان كادوا يخسروه بسبب فقدانهم مجموعة مهمة من الدكتاتوريين وعلى راسهم حسني مبارك الذي كان مهما الى الولايات المتحدة واسرائيل حتى ان اسرائيل لم تتردد بوصفها له بالكنز الاستراتيجي وبالتالي ستكون الشعوب العربية ضحية مرة اخرى وماعليها الا ان تكافح وتناضل لاستعادت حقوقها المغتصبة بعد احتطاف نتائج حراكها من قبل الاسلاميين المتواطئين مع الولايات المتحدة والانظمة الغربية لعقود قادمة من الزمن سيستهلكون فيها ويجري العبث بحياتهم وحرمانهم من ان يشعروا ان الحياة هدف ذو قيمة اساسية في حال اذا استعادوا كرامتهم وحريتهم واصبحوا هم يتمتعون بالقدرة على تحديد اولوياتهم ويقررون وفق مايرونه مناسبا لهم ويتماشى مع امالهم واحلامهم .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
علي السواد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat