بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عين الوجود والصلاة والسلام على واقف الشهود وعلى اله الطيبين الطاهرين أمناء المعبود.
((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا))سورة النساء أية 31 العقل البشري والشرع المقدس يذهبان إلى قبح الذنوب والمعاصي وذمها لما تحمله من أثار وخيمة وتبعات جسيمة على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة وهذا مايدركه العقل ونطق به الشرع المقدس.
وللذنوب أقسام :
1-الذنوب التي بين العبد وربه وتسمى حقوق الله كترك العبادت.
2-الذنوب التي بين العباد أنفسهم وتسمى حقوق الناس كقتل النفس والسرقة وغيرها.
3- ومن الذنوب مايكون بين الإنسان ونفسه كمن لايسلك بنفسه الطريق السليم نحو الكمال والتزكية وأنما يداريها بأنواع المعاصي والمهلكات واللذائذ وهي سوف تشتكي من صاحبها يوم القيامة.
يستفاد من الآية المتقدمة أن المعاصي والذنوب على قسمين:
القسم الأول:هو مايسميه القران الكريم بالمعصية الكبيرة.
القسم الثاني:هو مايسميه القران الكريم بالسيئة (الصغيرة).
فلو سأل سائل ماهو الملاك والضابطة في تحديد الصغيرة والكبيرة؟ الجواب : وقع الاختلاف بين المفسرين والعلماء في تحديد الكبيرة عن الصغيرة.
منها : ماذهب إليه العلامة الطبرسي والشيخ المفيد وابن البراج وأبي الصلاح وابن إدريس( قدست أسرارهم) في ان الكبيرة والصغيرة من الأمور النسبية فتكون كل معصية بالنسبة إلى ماهو اكبر منها صغيرة وبالنسبة إلى ماهو اصغر منها كبيرة نظرا إلى اشتراكهما في مخالفة أوامر الحق تعالى ونهيه .
مثلا :القبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر وهكذا غصب الدرهم كبيرة بالنسبة الى غصب اللقمة وصغيرة بالإضافة غصب الدينار ووو و....وهكذا.
وعلى هذا القول لايوجد صغيرة وكبيرة بل كل الذنوب والمعاصي هي من الكبائر.
منها: أن الكبيرة كل ماأوعد الله عليه في الآخرة عقابا ووضع له في الدنيا حدا.
وهذا ماجاء في روايات أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم ألاف التحية والثناء) بقولهم : الكبائر)) التي اوجب الله عزوجل عليها النار)) العدالة تتحقق في اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر فأن الإصرار عليها يلحقها بالكبائر قال تعالى: (( ولم يصروا على مافعلوا ))أل عمران 135 وعن الإمام علي عليه السلام :(( أعظم الذنوب عند الله ذنب أصر عليه عامله))انظر غرر الحكم.
بعض الأخبار تذكر أن الكبائر سبع والبعض الأخر ذكرت بأنها تسع وهذا الاختلاف في عدد الكبائر إنما هو اختلاف في الرويات وتعدد الرويات بالنسبة إلى مراتب المعصية .
عن النبي الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم):(( الكبائر تسع ,أعظمهن الإشراك بالله عزوجل ,وقتل النفس المؤمنة, وأكل مال اليتيم, وقذف المحصنة, والفرار من الزحف, وعقوق الوالدين, واستحلال الحرام, والسحر )) انظر بحار الانوار77 /170 وعن الأمام الباقر عليه السلام:(( الذنوب كلها شديدة وأشدها مانبت عليه اللحم والدم))بحار الأنوار73/317 وقال تعالى :(( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ))النجم الآية 32 فقد فسر اللمم بصغائر الذنوب فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها ولاترد شهادته ولا تسقط عدالته نعم لو أصر عليها الحقت بالكبائر .
فالواجب على الإنسان أن يعد نفسه فيهتم بالعمل الصالح وأن يرى ذنبه كثيرا كبيرا عظيما وان كان قليلا صغيرا في نفسه لماذا ؟ لأنه بالنظر إلى مخالفة الرب العظيم كثير والى ذلك أشار سيد الأوصياء الأمام أمير المؤمنين (عليه السلام ):(( إذا عظمت الذنب فقد عظمت حق الله تعالى وإذا صغرته فقد صغرت حق الله وما من ذنب عظمته إلا صغر عند الله تعالى وما من ذنب صغرته إلا عظم عند الله تعالى) انظر الكشكول 89 للبهائي.
وعن النبي الخاتم (( صلى الله عليه واله وسلم)):(( لاتنظر إلى صغر الخطيئة وانظر لمن عصيت )) مكارم الأخلاق 460 وعن زيد الشحام قال قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام :(( اتقوا المحقرات من الذنوب فأنها لا تغفر قلت وما المحقرات ؟قال: عليه السلام الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لي لو لم يكن غير ذلك)).
وعنه عليه السلام :(( أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نزل في أرض قرعاء فقال لأصحابه: أئتوا بحطب فقالوا: يارسول الله نحن بأرض قرعاء مابها من حطب قال : فليأت كل انسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتى رموه بين يديه بعضه على بعض فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هكذا تجتمع الذنوب ثم قال : إياكم والمحقرات من الذنوب فان لكل شي طالبا وان طالبها يكتب ماقدموا وأثارهم وكل شي أحصيناه في إمام مبين)) انظر الكافي2/288ح3 وعن النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم:((إن إبليس رضي منكم بالمحقرات ))بحار الانوار73/363 وعن الأمام الرضا عليه السلام :(( الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر ومن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير ))انظر بحار الانوار73/353 وهناك تقسيم لا يخلو من فائدة وهو منسوب للشيخ البهائي (قده) هو أن الإنسان على قسمين مؤمن وكافر والكافر بالإجماع يدخل النار والمؤمن على قسمين مطيع وعاصي فالمطيع بالإجماع يدخل الجنة وأما العاصي على قسمين تائب ومصر فالتائب بالجنة بالإجماع والمصر على قسمين على الصغائر يحتاج إلى توبة وندم ومصر على الكبائر وهو على قسمين قائل بحرمة الكبائر مرتكب لها يحتاج بعد العقوبة إلى شفاعة وقال بالتحليل للكبائر فهو في النار.
والحمد لله أولا وأخرا وظاهرا وباطنا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat