صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

الفهمُ الخاطئ للدِيموقْراطِيّة يقودنَا إلى الهاوية
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
غَنِيٌّ عَنِ البَيَانِ أَنَّ معاناةَ شعبَنا لسنواتٍ طوال مِنْ سلبيةِ آثارِ سياسات النظام الدكتاتوري القائمة عَلَى توجهاتٍ ورؤى مِنْ شأنِها   تكريس محاولاته الرامية إلى إذلالِ الإنسان وامتهان كرامته، لا ينبغي أنْ تكون مبرراً لركوبِ موجة الانفلات وسريان الفوضى، فضلاً عَنْ مساهمتها فِي إحداثِ التوترات.  
كنا نعيش لنحوِ أربعةِ عقود مِنْ الزمانِ فِي وطنٍ عزيز عَلَى قلوبنا، إلا أَنَّ مَنْ قدر له حكمه وإدارة مقاليده، كان يأبى العيش بمعزلٍ عَنْ سياسةِ القهر، ولن يهدأ له بال أو يغمض له جفن مِنْ دُونِ سماعه لدوي التصفيق، حتى وأن كان هدير هذا النشاطِ لا ينبع مِنْ أعماقِ عامة الناس، الأمر جعلنا ننتظر فرجاً مِنْ الله تبارك وتعالى يمنحنا معجزة الخلاص مِنْ براثنِ النظامِ الشمولي الاستبدادي، فكان أنْ تحققتْ المعجزة حين قدر للدكتاتورية الانهيار، إلا أَنَّ شدةَ آثارها فرضت عَلَى بعضِنا الانتظار لسنواتٍ بعد زوال العهد الدكتاتوري؛ لأجلِ تجاوز عقدةِ الخوف والتخلص مِنْ اضطهادِ شرنقتِها. 
مِنْ دُونِ تمعن الكثير مِنا فِي ماهيةِ الدِيموقْراطِيّة، ومحاولة الاقتراب بأوسعِ المديات إلى مضامينِها، انطلق شرع البعض فِي السباحةِ بفضاءاتِ الدِيموقْراطِيّة غير آبهين بما تمليه الدِيموقْراطِيّة مِنْ ضوابطٍ ملزمة، فضلاً عَنْ موجباتِ احترام المنظومة القيمية المتمثلة بعاداتٍ وتقاليد راسخة توارثناها جيلاً عَنْ جيل، وَالَّتِي تلزم القيادات الإدارية الحرص عَلَى عدم تجاوز الدِيموقْراطِيّة أقصى حدودها مثلما هو حاصل فِي تجاربِ بعض البلدان الأوروبية الَّتِي أقرتْ تشريعات لا يمكن هضمها فِي مجتمعنا؛ لتعارضها مَعَ خصوصيةِ المجتمعات العربية والإسلامية.
لا اعتراض لأحد عَلَى تشجيعِ العراقيين لأنديةِ كرة القدم العالمية، طالما ابتعد نطاق هذه الفعالية عَنْ الممارساتِ الَّتِي تتعدى عَلَى التشريعات القانونية النافذة، بالإضافةِ إلى عدم تجاوزها عَلَى حقوقِ الأهالي وإثارة الرعب ما بين صفوفهم، وَلاسيَّما الخوف والهلع الَّذِي يداهم الأطفال والنساء، إلا أَنَّ ما ظهر مِنْ سلوكياتٍ طارئة عَلَى مجتمعِنا فِي المدة الماضية، يفرض عَلَى الحكومةِ البحث المعمق فِي أسبابِ هذه الظاهرة الَّتِي بدأت مِنْ تشجيعِ الأندية العالمية، لتنتقل بعدئذ إلى ملاعبنا. 
 فِي ساعاتِ الفجر الأولى مِنْ أحد الأيام القليلة الماضية، استيقظ الكثير مِنْ الناسِ عَلَى أصواتِ الإطلاقات النارية المنبعثة مِنْ فوهاتِ مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فضلاً عِنْ الأصواتِ العالية، وَالَّتِي كانت لوحدها كافية للتعبيرِ عِنْ مظاهرِ الفوضى الَّتِي أعقبت انتهاء مباراة إحدى البطولات العالمية بكرةِ القدم؛ بالنظرِ لسوءِ فهم البعض لمعالمِ الدِيموقْراطِيّة وضوابطها، بالإضافةِ إلى ضعفِ سلطة القانون المتأتية مِنْ عواملٍ كثيرة لسنا بصددِ البحث عنها فِي موضوعِنا الحاليّ.             
الْمُلْفِت أَنَّ حمى صراع المشجعين انتقل بسرعةٍ متناهية إلى مواقعِ التواصل الاجتماعي، لتظهر لنا نماذج مِنْ الفعالياتِ الَّتِي تجاوزت حدود المعقول بفعلِ حملِ بعضها مضامين مسيئة لمعتقداتنا، وَالَّتِي مِنْ بينها توظيف إحدى الآيات القرآنية الكريمة لتحديدِ ما جرى خلال المباراة بعد تحريف نص الآية الكريمة، فضلاً عَن وضعِ اسم (ميسي) بدلاً مِنْ لفظِ الجلالة فِي التصديق!!.
فِي أمَانِ الله.  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/14


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • صدور الطبعة الثانية من كتاب "مَرَاثِيّ الوَالِدَيْن فِي قَصَائِدِ الشُعرَاءِ العَرَبِ المُعَاصِرين"، للباحث والكاتب الأديب لطيف عبد سالم  (قراءة في كتاب )

    • كتاب (للحُسَين نَكْتُب).. الإصدار الأدبي الأول لـ (مؤسسة البيان الثقافية)  (قراءة في كتاب )

    • روحٌ اِسْتَبَدَّ بِها الوَهْن، فاستوطنتها رَغْبَة مَجْنُونة طافِحة بلَذّةِ الدم..قراءةٌ فِي رِوايَةِ (وكر السلمان) للأديب شلال عنوز  (قراءة في كتاب )

    • الاِحتفاء بالمُنجزِ الأدبيّ للشاعرِ والكاتب محمد مظلوم في مُؤسسةِ أضواء القلم الثقافيَّة  (نشاطات )

    • قراءةٌ في رِّوَايَةِ (المَلْعُون المقدَّس) للرِوائِيِّ اللُبْنانيّ محمد إقبال حرب  (ثقافات)



كتابة تعليق لموضوع : الفهمُ الخاطئ للدِيموقْراطِيّة يقودنَا إلى الهاوية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net