بين الندم على الغضب واللذة بالحلم
كمال الدين البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اذا ما احترقت الاعصاب قليلاً واخرجت لنا دخان مظلم اسود، يتصاعد في فضاء النفس؛ ليعكر صفو تلك المملكة، ويجعلها تهذي بكلمات جارحة، او نابية، او تتصرف باعمال طائشة، قد يندم عليها فاعلها بعد لحظات، لانها تخلق حاجز غير ملموس بالحواس، لكنه مرئي لدى القلب، ذلك هو حاجز الانزعاج والكره بين الاشخاص

 

كم من علاقات اجتماعية طويلة، هدمت كيانها كلمة واحدة، وكم من افعال بر وخير، قطعها عمل سوء وشر، بينما الكلمة الطيبة التي اصلها يتجذر في النفوس، والافعال الخيرة، التي تخضر في فناء النفس المشرف على شاطئ المحبة، فكم من عدو صار بعد العداوة كانه ولي حميم من اثر كلمة، او تعامل جيد اقله الابتسامة، او جميل حلم داريته به

 

واثر الغضب قد يورث عداوة، او كره، او انزعاج، او قتل، واثر الحلم قد يورث محبة، او ود، او طمأنينة على الاقل، او علاقة اجتماعية عريقة تمد اذرعها على متعلقي الطرفين

وللغضب بعد هدوء فورانه ندم، وللحلم بعد الصبر على كظم الغيظ لذة، تفوق اللذة الحسية، لان اللذة المعنوية الصالحة اذا اعتدت عليها تورث الملكة على فعلها، مما يؤدي الى دوامها مع فيض المنفعة على النفس والغير، بينما اللذة الحسية في كثير من الاحيان، هي خاصة بنفس الملتذ قد يعتاد عليها، لكنها لا تفيض المنفعة على الغير، وهي منقطعة بعد انتهاء عملها فورا، بينما اللذة المعنوية على العكس، فهي تبدأ بعد العمل بالواسطة الموجدة لها

فشتان بين لذة تنقطع بمجرد انقضائها فعلها حسيا، او خلل في ذلك الحس، او اضطراب، وبين لذة يتجدد الشعور بحلاوتها بمجرد تذكرها، وشتان بين حواس زائلة، لهرم في السن، او تعرض لحادث، او خلل، وبين جوانح نفسية اذا ما اعتادت على الحلم والصبر وكظم الغيظ صارت كبيرة تحلق بك الى عالم المعنى النوراني، الذي يسعد فيه نخبة الصالحين، وشتان بين دخان غضب، ونور حلم، لذى فان القول قبل ان ننطق به، والفعل قبل ان نقوم به، علينا ان نرى ابعادهما، واثرهما، والعاقبة المترتبة على الاختيار، حتى لا نندم على لذة، ونتألم من اثار.

الموضوع السابق موجة القومية  انتهت ومن يركبها يغرق

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat