صفحة الكاتب : علي علي

لبغداد غنوا.. على بغداد أبكي
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    من أراد البحث على من يستشهد بقوله من شاعر او أديب او (خيّر) من الخيرين فإنه -الباحث- لن يعاني من أمره أكثر من استذكار بسيط، وتصفح سريع لتاريخ العراق الحديث على أقل تقدير، فضلا عن العريق والغائر في بطون الحقب والقرون الخوالي. إذ أن لنا في عراقنا من الشواهد الكثير من الأعلام والشخصيات الذين تزخر بهم أسفار التاريخ، وبمجرد ذكر كلامهم في اي مقال يضفي عليه الرفعة والمصداقية، وكذلك الجمال. ومعلوم أن استشهاد المرء في حديثه بكلمة او عبارة لشخص لايختلف على كياسته واعتداله اثنان، يكون ذلك أصدق لكلامه، وأكثر بلاغة، وأشد وقعا على مسامع المتلقـين، إذا كان يريد تفنيد رأي او إسناد آخر بما يتفق المنطق والعقل عليه. ويكون بهذا قد عزز حديثه بما يؤكد مامشكوك فيه، وقرّب مابعد عن ذهن السامع او القارئ.

 وأبلغ مايكون الاستشهاد بعد آية قرآنية أو حديث نبوي هو أبيات من الشعر، وهي في عراقنا لاتحصى ولاتعد. فمن أراد ان يذكر بغداد ويتغزل بها لامناص له من ذكر البيت:

             بغداد والشعراء والصور         ذهب الزمان وضوعه العطر

 او بيت نزار قباني الذي يعشق الحبيبتين؛ بغداد وبلقيس ابنة الأعظمية فينشد:

             بغداد جئتك كالسفينة متعبا      أخفي جراحاتي وراء ثيابي

 او سيابنا حين يشدو:

             بغداد ياأمي ونبض قصائدي     وحبيبتي من لي سواك سبيلا

    وكلهم يتغنى بامجاد دار السلام، وهي أهل لكل ماقيل في مكانتها وجمالها. ومايلفت الإنتباه ولاسيما في السنوات الأخيرة التي عاش الإعلام فيها متنفسا عن الضغوط القمعية، ان الكثير من أساتذتي وزملائي الكتـّاب ينتقون -وقد أحسنوا الانتقاء- بيتا لعملاق العراق الجواهري في قوله:

             نامي جياع الشعب نامي          حرستك آلهة الطعام

   فليتك تسمعهم سيدي الجواهري، إذ جاع الشعب عقودا وأسلموا أمرهم للمنام، وما فتئوا متابعين ابيات قصيدتك حين تخاطبهم فتقول:

            نامي على الخطب الطوال          من الغطارفة العظام

 صدقت سيدي فمازالت الخطب والوعود زادهم في يومهم، لاتسمن ولا تشبع من جوع ولا تؤمن من خوف. ورحلتَ والشعب مازال يستذكر ابياتك، وقد ودعتهم بآخر بيت في ملحمتك حيث قلت لهم:

            نامـي اليـك تحيـتي                وعليك -نائمة- سلامي

   أرى ان الجواهري كان يلوح ببارقة أمل رغم سوداوية المعروض والموجود، ان المنام لن يكون أبديا، والجياع رغم الذين يراءون ويمنعون الماعون سيشبعون يوما ما، ولكن تبقى تساؤلات تبحث عن إجابات مازلنا نضن بها حتى على أنفسنا، ونبخل في البوح بها حتى في سرنا، ألم يكن عام 2003 عام اليقظة التي كنا نتمناها منذ عقود؟ أولم يكن سقوط النظام السابق حلمنا ونحن نرزح تحت سياطه المريرة بين قمع وتجويع وتهجير وقتل ونفي؟ اليوم لم يعد هناك مسوغ ومبرر في تأخرنا عن الإجابة، فهي أسئلة على الرأس والمرؤوس الإسراع بالإجابة عنها، وإلا فالإثنان شريكان في عرقلة سير عجلة العراق الى الأمام.

  هي دعوة لكل عراقي مخلص لاسيما الساسة منهم، أن يأخذوا بما استطاعوا من قوة بزمام أمور البلاد، والعمل بما يفيد ملايين العباد من دون تهاون او تباطؤ او تماهل، وليكن قول شاعرنا الرصافي نقطة انطلاق لهم في ميادين عملهم، حيث قال:

                    هبوا وأكتبوا صكا للعلى

                                         فإني على موتي به لموقع

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/12



كتابة تعليق لموضوع : لبغداد غنوا.. على بغداد أبكي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net