صفحة الكاتب : حسين فرحان

كورونا يسقط أقنعة الغرب
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كثيرة هي الأقنعة التي ارتدتها دول الغرب ومن هم على شاكلتها، ابتداء من المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية في محاولة لتبييض ولو الجزء اليسير من تاريخها الدموي الاسود المليء بالجرائم والانتهاكات، فارتدت قناع الأنسانية الشهير الذي يمنح للقطط والكلاب حقوقها وارتدت قناع حرية الرأي والتحرر من القيود ولو بامتثال الكنائس لواقع جديد تقر به الزواج المثلي، وارتدت قناع الديمقراطية الذي ارتضته لنفسها وحرمت شعوب الأرض منه بالتدخلات والأملاءات وارتدت قناع أغاثة الملهوف في بقاع الأرض عبر منظمات لم تنفك يوما عن أجهزتها المخابراتية .. 
كان الغرب واضح الملامح بشكل كبير فهو دموي نفعي بامتياز، لا يؤمن سوى بالمادة وبقانون الغاب الذي يسحق الضعيف أينما وجد.
 وقد شهد العالم صراعات كانت هذه الدول في مقدمتها، وهي الاكثر دموية في تاريخه، ولعل أشهرها حرب الثلاثون عاما التي وقعت في القرن السادس عشر وهي سلسلة من صراعات دامية مزقت أوروبا بداية من الإمبراطورية الرومانية وباقي الإمبراطوريات الأوربية آنذاك، وكانت حربا دينية بامتياز في البداية، ثم تحولت إلى حرب سياسية اشتركت فيها كل من فرنسا وايطاليا وهولندا، وقع ضحيتها خمسة ملايين إنسان ..كذلك شهد تاريخ الغرب ( الأنساني ) حرب احتلال أمريكا الشمالية، وهي نزاعات عنيفة حدثت بسبب الصراع بين الهنود (الذين عرفوا باسم الهنود الحمر ) والمستوطنين البيض القادمين من أوربا على الأراضي الغنية الجديدة التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية وراح ضحيتها ١١٢ مليون أنسان من قبائل الهنود الحمر .
 وشهد تاريخهم اللامع حربا دموية أخرى وقعت في القرن الثامن عشر، هي الحرب النابليونية وكانت عبارة عن سلسلة من الحروب التي وقعت بين دول أوروبا خلال فترة حكم نابليون بونابرت، وانتهت بهزيمته من قبل البريطانيين في معركة ( واترلو ) في عام 1815 وهي الأخرى خلفت خمسة ونصف مليون إنسان، تلتها في نفس القرن حرب التايبينغ التي وقعت جنوب الصين، وهي حرب أهلية دينية واسعة  ضد حكم مملكة كينغ بقيادة مانشو، وهي واحدة من أعنف الحروب والصراعات عبر التاريخ، راح ضحيتها  اعداد كبيرة من البشر وصلت إلى عشرين مليون ضحية.  .. تلتها في مكان آخر الحرب الروسية الأهلية التي وقعت في بدايات القرن التاسع عشر وكانت عبارة عن مجموعة من المعارك بين البلاشفة الروس، والروس البيض وانتهت بانتصار البلاشفة الذين أمسكوا بالحكم وقاموا بإعدام القيصر الروسي وعائلته، وخلفت من الضحايا سبعة ملايين إنسان .. أما الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ - ١٩١٨ فهي الحرب التي تحولت من حرب تقليدية بين الجيوش في ساحة المعركة بعيداً عن المدن إلى حرب مدن شارك فيها المدنيون مما أدى إلى سقوط الضحايا الذين وصل  عددهم إلى خمسين مليون إنسان في أربعة أعوام فقط ، تلتها الحرب العالمية الثانية التي انطلقت شرارتها عام ١٩٣٩ وانتهت عام ١٩٤٥ لتنهي حياة سبعين مليون إنسان في أعوامها الست .
هذا نزر يسير من تاريخ هذه الشعوب وهي صورتها الحقيقية التي حاولت تلميعها دون جدوى رغم انخداع البعض برونقها حتى تنكر لواقعه ولدينه ولتراثه فصار يتبجح متغنيا بتراث غير تراثه وحضارة قامت على الأشلاء والدماء .

نحن الآن في العام ٢٠٢٠ أي في بدايات قرن جديد والفترة الزمنية التي قضتها هذه الشعوب منذ انتهاء آخر حرب عالمية سنة ١٩٤٥ يبدو أنها لم تكن كافية لمحو تلك الصور المظلمة في تاريخها،  فكورونا الفيروس الذي انتحل صفة الجائحة بامتياز وضع يده على تلك الأقنعة المزيفة ( أقنعة الأنسانية والديمقراطية والعدل والمساواة وغيرها ) ليتلقفها بنتوءاته الصغيرة ويلقي بها في مزبلة التاريخ ويقف شاهدا على صور حقيقية ومشاهد لصراعات جديدة على أقنعة الوقاية منه ( الكمامات ) فالأقنعة القديمة لم تعد ذات جدوى في تغطية الوجه القبيح لانظمتها وشعوبها ..
كورونا اليوم يشاهد تبادل الاتهامات بين الأقطاب التي ملكت مقدرات الشعوب واقتصادها بأنه جزء من مؤامرة كبرى .. 
كورونا يشاهد قرصنة من نوع جديد تستدرج السفن والطائرات بالقوة لسلب حمولتها من الأجهزة الطبية والعقاقير والكمامات دون اكتراث بالاحتجاجات الرسمية للدول المسروقة .
كورونا يشاهد في دول الغرب الطوابير الطويلة التي بلغ طولها أرقاما لم تعهدها البشرية في تاريخها تنتظر دورها في الحصول على احتياجاتها من الغذاء .. 
كورونا يشاهد تكالبا على شراء الاسلحة الشخصية في أكبر إعلان عن أزمة الثقة والخوف من المجهول .
كورونا يشاهد أكبر جريمة بحق كبار السن وهم يتحولون الى أرقام كبيرة في إحصائيات الوفيات اليومية لأعادة ترتيب نفقات القارة العجوز والتخلص من هذه العالة الاجتماعية التي تستنزف المال الكثير .
كورونا يشاهد سباقا محموما لصناعة لقاح يقتله دون أن تخلو النوايا من فكرة استغلال كبرى للبشرية الخائفة .

كورونا يشهد اتحادا أوربيا مفككا لا يلتفت لأيطاليا في محنتها ولا لأسبانيا، فما عادت
الحدود مفتوحة كما كانت ولا الأنسانية المزعومة أثبتت وجودها .
هذه هي حقيقة الغرب أمام فيروس كورونا الذي أثبت فشل نظامه الأقتصادي والأجتماعي، واثبت إن إنسانيته مجرد ادعاءات، وأن تلك الجذور التي غرست في أرض الحروب الدموية ما تزال تستمد منها ما يجعل الغرب برمته تحت طائلة عرقه الدساس حيث عجز هذا التطبع عن الصمود أمام تلك الطباع .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/05



كتابة تعليق لموضوع : كورونا يسقط أقنعة الغرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : مهند العياشي ، في 2020/04/05 .

أيها المحجور في بيتك هل تعلم ماهي الصورة في الشارع الان ؟!

سأرسم لك الصورة من مركز ابي الخصيب اليوم :

قُبيل حلول الظلام
اقفلت ابواب الصيدلية
فركبت سيارتي راجعاً الى منزلي
أسير وعيني تسأل عقلي
ماذا يجري ؟!!!
أبطأت السير وانا انظر يميناً وشمالاً
وقد بدأ الغروب يرخي رحاله
والسماء ملبدة بالغيوم بلا مطر
والريح مسرعة كأنها هاربة الى مكان بعيد
انظر الى الشوارع الفارغة من الناس
والمقطعة بسواتر ترابية !
وهي خالية تماماً من الناس !
وكأن اهلها قد هجروها من اعوام

انظر الى الشوارع التي صارت الرياح
ترمي الاتربة على محلاتها المغلقة
وصور الشهداء الذين كأنهم يسألون بعضهم
(( ماذا يجري بعدنا )) ؟!

اسير وانا انظر الى وحشة الطريق
لا أسمع الا حثيث الريح وهي تذري التراب
على قارعة الرصيف !
لحظة وبرقت في ذهني تلك الصورة وهذا السؤال
(هل اسير في وادي السلام )؟!

أسير بين شوارع مقطَّعة بالسواتر الترابية
كانت سالكة في احلك الظروف !
والعجب لايترجمه الكلام
هل أسير وسط فلم هوليودي !
هل مايجري حقيقة ام خيال مخرج !؟

هل دخلت هذه المنطقة حرب؟!
هل تنتظر هذه الديار يوماً لم يكن مذكوراً
أسير وقد كدّت أُسلم على أهل الديار

السلام على أهل لا اله إلا الله ، من أهل لا إله إلا الله ، يا أهل لا إله إلا الله ، بحق لا إله إلا الله ، كيف وجدتم قول لا إله إلا الله ، من لا اله إلا الله ، يا لا إله إلا الله ، بحق لا اله إلا الله ، اغفر لمن قال لا إله إلا الله ، واحشرنا في زمرة من قال لا إله إلا الله ، محمد ( صلى الله عليه وآله ) رسول الله ، علي ( عليه السلام ) ولي الله "

اللهي ماذا يجري ؟!

وحدهم الذين ساروا بين القبور
يعرفون ما أرسمه في كلامي
وحدهم الذين ساروا في مقبرة وادي السلام خصوصاً وقت الغروب وهي خالية من الناس
يرى مايجري في الواقع الان

إياك ثم إياك أن تنظر الى هذا الجرم المجهري !

خلف هذا الجندي المجهري
قائد آمر ناهي
بيده الملك وهو على كل شيء قدير

بكل الاحوال
ستنجلي الغبرة بعد هذا القتال

السؤال لمن الغلبة ؟!
من الذي سيبقى موحداً لله ؟!

نحن البشر ؟
أم هذا الجرم المجهري ؟

على أحسن التقادير

سننتصر بعد جراح وخوف وفقد أحبه

لكن هل سنتوب الى الله حقاً ؟

أم سنعود الى ماكنا عليه ؟!

أسير وأنا اسمع صفير الريح بين البيوت والمحلات المغلقة

كأني أسمع فيها صوت ينادي
يا أهل الارض (( لمن الملك اليوم ))

ولا من مجيب سوى صمت القبور الذي أصم أذن العين من وحشة المنظر

أين المتبرجات اللائي تبرجن في هذه الشوارع ذهاباً واياباً يتصيدن عيون الشباب الذين تركوا المساجد ليسعون خلفهن ؟!

أين الذين كانوا يبارزون الله في العلن

كفراناً ومفطرين بلا سبب في رمضان من كل عام ؟!

أين الذين باعوا آخراهم بدنيا غيرهم

هذه الشوارع وكأنها فتحات المقابر

أين اصواتكم
يا أهل الربى

وكأن هذا الجرم المجهري
يجول شوارعكم ينادي !

ياأهل الفساد ياأهل الظلم والطغيان

اليس فيكم مبارز ؟!

تراحموا ...

لعلّ من في السماء يرحمكم !

عندما تعلم أن هذا الجندي يحاصر جميع دول العالم

ستدرك قوله تعالى :

يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ

وستعي حينها قوله تعالى :

حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

يا عبيد الدنيا ( وانا منكم )

عودوا .... توبوا الى الله

م .صيدلي مهند العياشي
1/4/2020




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net